علامات الساعة على انهيار الاقتصاد الأمريكي.. الاقتصاديون يحذرون من انتحار "أمريكا" من هاوية عناد ترامب

يبدو أن هناك مشكلة أساسية لدى الولايات المتحدة الأمريكية تظهر على الساحة منذ فترة قريبة وهي فقدانها القدرة على المنافسة التي كانت تتسم بها، وربما يرجع ذلك إلىأنها لم تستطع مواكبة تطور العالم وانتشار التكنولوجيا السريع، فلم تعد الولايات المتحدة هي "ورشة العالم" كما كان الحال عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية، بل إنها لم تعد تنتج لعشرات السنين نفس الأموال الكافية كي تعيش على نفس المستوى الذي تعوّدت عليه في السابق.

في الحقيقة فإن اقتصاديون حذروا منذ أيام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من عواقب سياساته الاقتصادية حيث رأوا أنها تصيب العالم بالكساد والانهيار، مذكرين ترامب بخطاب مثل هذا   وُجّه للرئيس هيربرت كلارك هوفر  عام 1930، وربما كانت نتيجة تجاهله الكساد الكبير الذي عانت منه الولايات المتحدة الأمريكية في ثلاثينات القرن الماضي.

ليندن لاروش، وهو أحد كبار المفكرين الاقتصاديين، توقع انهيار النظام الاقتصادي بأمريكا ، إذا لم يتم القضاء على جميع أنواع الربا، والمضاربات على العملات، والأوراق المالية، كما أن  تود الخبير الاقتصادي فاعتبر أن الاقتصاد الأمريكي على وشك الانهيار متوقعا أن تصبح روسيا هي القوة الاقتصادية الكبرى في العالم، مضيفا أن الحالة الراهنة للاقتصاد الأمريكي مزعجة حقًا،فأمريكا قامت بجمع كميات كبيرًا جدًا من الديون السيادية بسبب عادات الإنفاق الحمقاء التي سوف تسهم لا محالة في انهيار الاقتصاد الأمريكي”.

حالة من الهلع أيضا قد اصابت المتداولين في بورصة "وول ستريت" في فبراير الماضي بعد هبوط الأسهم الأمريكية في تعاملات متقلبة،  وهو أكبر هبوط على الإطلاق أثناء التعاملات من حيث عدد النقاط، منذ عام 2011 وقتها علق البيت الأبيض مؤكدا أن الرئيس الأمريكى دونالد ترامب يركز على "الاساسيات الاقتصادية" بعيدة المدى.

المتحدثة باسم الرئاسة الأمريكية، سارا ساندرز، علقت وقتها أن تركيز ترامب حاليا ينصب على الاساسيات الاقتصادية بعيدة المدى التي ما زالت قوية للغاية، مع انتعاش النمو الاقتصادي وتدني معدل البطالة إلى مستوى تاريخي وارتفاع رواتب العمال الأمريكيين".

ولكن  فقدان القدرة على المنافسة  تسبب في الحقيقة في استمرار أزمة الديون الحالية، وكان على الحكومة والعمالة الأمريكية منذ سبعينات القرن الماضي أن تقترض وترفع من مديونيتها، من أجل أن تحافظ على مستوى المعيشة، في نفس الوقت الذي كانت المصانع والعمال فيه يهربون بالتدريج إلى أسواق أكثر منافسة، وبالذات إلى الصين.

وبالرجوع إلى الذكرة لعام مضر فإن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال حملته الانتخابية وعد بأن يحقق معدلات مرتفعة من نمو الناتج المحلي في أمريكا، حيث أكدت حملة ترامب بأنها يمكنها أن تعيد نمو الناتج المحلي إلى 4% في العام، وهو الأمر الذي لم يحدث منذ التسعينات.

وفي الحقيقة فإن الرئيس الأمريكي لم يستطع أن يحقق وعده الانتخابي فيما يخص معدلات نمو الناتج المحلي، وربما كان السبب هو عدم مقدرة ترامب على فرض سياساته الاقتصادية حتى الآن.

ترامب كان قد وعدد أيضا خلال بإعادة التفاوض على عدد من الاتفاقيات التجارية التي وقعتها أمريكا خلال الأعوام الماضية، واضفا إياها بـ"السيئة"، واتخذ ترامب عدد من الخطوات الفعلية في هذا الأمر حيث دخل في نزاع مع كندا بسبب واردات الأخشاب، كما قامت وزارة التجارة بفرض تعريفات عقابية على واردات طائرات شركة بومباردييه والتي يتم تصنيع أجزائها في أيرلندا الشمالية.

وتأتي أوقات على الدول تصبح فوائد الديون عظيمة للدرجة التي تفوق فيها أعلى الدخول، وتصبح معها الحياة على نفس المستوى السابق مستحيلة، وهذا ما يحدث مع الولايات المتحدة الأمريكية، حيث كانت أزمة 2008 الاقتصادية هي بمثابة إفلاس تقريبا، لكن البنوك المركزية للدول الغربية الأساسية أنقذت الصناعة الغربية والبنوك من خلال ضخّ ائتمانات مجانية جديدة في الاقتصاد. لم يكن ذلك حلّا للأزمة بقدر ما كان تجميدا لها، بينما ظلت الأزمة تتضخم، حيث بلغ إجمالي الدين العالمي وفقا لصندوق النقد الدولي 213% من إجمالي الدخل العالمي، والآن يبلغ هذا الدين 225% من إجمالي الدخل العالمي (164 تريليون دولار أمريكي).

 لم تكن الحرب الاقتصادية التي شنّها ترامب خياره الحر بناء على أسباب منطقية أو حتى على رغبة منه، وإنما كانت ضرورة مجتمعية، فالبسطاء من الأمريكيين، ممن لا يفقهون في الاقتصاد، يظنّون أن الحلّ يكمن في إعادة المصانع إلى الأرض الأمريكية، ما سوف يعيد لهم بطبيعة الحال العمل والدخل، لكنهم لا يدركون أنه كي لا تفلس تلك المصانع، عليهم أن يحصلوا على مرتبات هزيلة للغاية كما يحصل زملاؤهم في الصين. كل ما يملكونه هو حق الانتخاب، وقد اختاروا ترامب ببرنامجه السياسي وحروبه الاقتصادية.

ويبدو أن الوضع الاقتصادي سيزداد سوءا في أمريكا بعدما كشف الرئيس الأمريكي الجديد، “دونالد ترامب” عن إلغاء نظام التأمين الصحي الخاص بالفقراء الأمريكيين، وبالتالي فإن الفقراء سيزدادون فقراً.

ويقول الخبير الاقتصادي معين رجب: “حتى اللحظة لا يوجد سياسة اقتصادية واضحة يمكن أن تتخذ من جانب الرئاسة الأمريكية الجديدة، فيجب النظر لهذه المرحلة على مدى أسابيع قليلة قادمة، لتحديد موقف واضح بشأن الاقتصاد الأمريكي، هل سينتعش أم سينهار”.

لكن الاقتصادين الأمريكيين يفهمون أن الحرب الاقتصادية هي موت سريع، فهي لا تعني خفض الإنتاج في جميع الدول المشاركة في هذه الحرب فحسب، وإنما تعني أيضا ارتفاع أسعار المنتجات، وإذا ارتفعت الأسعار في الولايات المتحدة الأمريكية، ثم في أوروبا، فإن تريليونات الدولارات واليورو التي طبعتها البنوك المركزية عقب أزمة عام 2008، وغير المغطاة ببضائع سوف تفضي إلى انهيار حاد للدولار، وتضخم هائل يمكنه ببساطة أن يدفع بالاقتصاد العالمي إلى الهاوية.

 

يمين الصفحة
شمال الصفحة