الدكتور علي الخوري: ارتفاعات قياسية في المدفوعات الرقمية العالمية بنسبة 37.5% خلال 2020

 

- رئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي يضع خمس توصيات لتعزيز التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي في دول المنطقة

توقع الدكتور علي محمد الخوري مستشار مجلس الوحدة الاقتصادية العربية التابع لجامعة الدول العربية، ورئيس الاتحاد العربي للاقتصاد الرقمي، أن تنمو المدفوعات الرقمية العالمية من 4 تريليون دولار بنهاية عام 2019 إلى 5.5 تريليون دولار بنهاية 2020، محققة معدل نمو قدره 37.5% خلال العام الجاري.

وأضاف خلال كلمته التي شارك بها في مؤتمر «FinTech Americas»، الذي انعقد على مدار يومي 18 و19 نوفمبر الجاري في مدينة ميامي بالولايات المتحدة، أنه لا شك أن انتشار جائحة كوفيد 19 سيكون لها تأثير عميق في دفع قيمة المدفوعات الرقمية إلى مزيد من الارتفاع، على الرغم من أن القيم والتقديرات الحالية لا تعكس ما يحدث فعليًا على أرض الواقع. 

وأشار إلى أن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا وأمريكا اللاتينية تشهد استثمارات منخفضة نسبيًا في مجال المدفوعات الرقمية، وهو ما يوضح أيضًا مدى إمكانات النمو التي قد نتوقعها في المستقبل القريب، حيث تظهر الدراسات بأن صناعة التكنولوجيا المالية لم تصل بعد إلى متوسط توازنها في المنطقة العربية، خاصة أن الحكومات والمؤسسات المالية في الشرق الأوسط لا تتعامل مع التكنولوجيا المالية كوسيلة لتمييز المنتج ودعم التنافسية، والأمر ذاته ينطبق أيضًا على أفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وأوضح أن المجلس والاتحاد أطلقا في في نهاية عام 2018 مبادرة استراتيجية لدعم الرقمنة وتطوير النظم الاجتماعية والاقتصادية في المنطقة العربية، مع العمل على توسيع مجال هذا المشروع ليشمل دول أخرى في أفريقيا، حيث تتكون المبادرة من 50 برنامج استراتيجي تتناول التكنولوجيا المالية من خمسة أبعاد مختلفة وهي: البنية التحتية الرقمية، ودور الحكومات من منظور المشرع والمستفيد، واحتياجات منظومات الأعمال الرقمية للقطاع الخاص، وخدمات المواطنين وتطوير منظومة الابتكار، مع التركيز على مفهومي الشمول الرقمي والشمول المالي.

وتابع قائلًا: "وفقاً لدراستنا من المتوقع نمو صناعة التكنولوجيا المالية في المنطقة العربية نحو 10 مرات على الأقل خلال فترة من 5 إلى 10 سنوات، حيث أن هناك إمكانات كبيرة جداً للتكنولوجيا المالية لتغطية السكان الذين لا يملكون حسابات بنكية التي تتجاوز نسبتهم 80% في دول مثل مصر، كما نؤمن أيضًا أن البلدان البارزة في المنطقة مثل الإمارات العربية المتحدة التي تحتل المرتبة الاولى في الاقتصاد الرقمي العربي والمصنفة من بين أفضل الأمثلة العالمية في ممارسات التكنولوجيا المالية ستدفع المنطقة إلى ساحة السباق العالمي وتبنى التكنولوجيا الرقمية والمالية."

واختتم الخوري كلمته بإلقاء الضوء على بعض التوصيات التي يجب أخذها في الاعتبار من قبل الحكومات في الدول العربية ومؤسسات الأعمال أيضًا، لتعزيز التكنولوجيا المالية والتحول الرقمي في المنطقة وهي:

أولاً: التعامل مع مفهوم الشمول المالي باعتباره أولوية وطنية ولبنة رئيسية لبناء المجتمعات الرقمية والوقود المحرك الذي يعتمد عليه الاقتصاد النمو والازدهار، وهذا يستلزم فهم أبعاد المنظومة الرقمية بشكلها الشمولي، وكيفية تطابق مكوناتها المختلفة مثل التكنولوجيا المالية.

ثانيًا: يتطلب الأمر من الحكومات التحول من الأشكال والأدوار الحالية التي تبدو كبيرة جداً ومعقدة إلى نماذج تشغيل أكثر ديناميكية ومرونة وينبغي تحقيق ذلك بالسماح للقطاع الخاص للقيام بدوره والنمو مع تدخلات حكومية أقل، هذا القطاع يعد شرياناً حيوياً يحتاج الى اعادة احيائه ودعمه لتلبية احتياجات التنويع الاقتصادي في المنطقة، وأيضًا لتجاوز تداعيات الأزمة الصحية الحالية، ولكي يلعب دوره في خلق فرص العمل من جهة وإيجاد فرص اقتصادية جديدة من جهة أخرى.

ثالثًا: من الأهمية أن تقوم الحكومات بإنشاء أطر تنظيمية سريعة الاستجابة للمتغيرات

حيث تظهر الدراسات بوضوح أن التكنولوجيا المالية تزدهر أكثر في البلدان ذات القوانين المصرفية الأقل صرامة، وما يمكن ملاحظته هو أن البنوك في المنطقة يتم حمايتها من خلال التشريعات الحالية وهو ما قد يفسر دورها المتراخي إلى حد ما، ويفسر أيضًا النسب المنخفضة للشركات الناشئة والشركات الصغيرة والمتوسطة.

رابعًا: هناك حاجة ماسة إلى نهج التعاون والاستثمار الإقليمي في الابتكارات إذا ما نظرنا إلى حجم سوق الولايات المتحدة الأمريكية التي يبلغ عدد سكانها أكثر من300 مليون نسمة وتم مقارنتها بالدول الفردية في المنطقة فإنه سيكون من الواضح بأن الجدوى والتأثير لن يكونا متشابهين ولكن مع النهج التعاوني المقترح سيكون حجم السوق أكثر جاذبية للاستثمارات ورؤوس الأموال الإقليمية والدولية، خاصة من خلال منصات التمويل الجماعى، وبشكل عام لا يزال التمويل الجماعي غير مفعل في المنطقة على الرغم من أهميته في دعم الشركات الناشئة والاقتصاد الكلى بالمنطقة.

خامسًا: المؤسسات المالية في حاجة إلى وسائل أكثر فاعلية لتجاوز المعارك الداخلية التي تحاول الحفاظ على تراث النظم القديمة وتبني مفاهيم للتحول الجذري بعقلية أكثر انفتاحًا، هناك فرص هائلة للبنوك سواء كان ذلك في الوقت الحالي أو المستقبل القريب لكن لعبة المنافسة لن تكون هادئة، وذلك في ظل اقدام اللاعبين الدوليين مثل جوجل والمنصات الرقمية الأخرى في التسابق لتقديم خدمات مصرفية غير تقليدية.