خبراء: ثورة 30 يونيو حافظت على وحدة مصر وجاءت بقيادة وطنية وضعت مصلحة الوطن فوق كل اعتبار

"30 يونيو 2013"، تاريخ محفور في ذاكرة كل مصري، فهو اليوم الذي احتشد فيه ملايين المصريين في كل الميادين، وكانوا على قلب رجل واحد للتعبير عن رفضهم لمحاولات اختطاف مصر و تغيير هويتها و دفعها نحو مصير مظلم، ومستغيثين بجيشهم العظيم درع وسيف الوطن؛ و أمام هذا المطلب الشعبي المهيب و انطلاقًا من مسئوليته في الحفاظ على الأمن القومي الداخلي للبلاد لبى جيش مصر النداء وحرر البلاد من قبضة جماعة الإخوان متجاوزًا كل التحديات.

واليوم وعقب مرور ثماني سنوات على "30 يونيو 2013" ، يستعرض عسكريون وسياسيون ودبلوماسيون، في تصريحات خاصة لوكالة أنباء الشرق الاوسط، مكتسبات تلك الثورة الشعبية العظيمة التي حافظت على وحدة البلاد وجاءت بقيادة وطنية حكيمة وضعت شعبها نصب أعينها ومصلحة الوطن فوق كل اعتبار ، وعبرت بمصر وسط أوضاع إقليمية متردية ومؤامرات خارجية، مستعيدة الأمن والاستقرار والريادة ومحققة قفزة اقتصادية وتقدم في شتى المجالات بما في ذلك استراتيجية التنمية المستدامة الهادفة إلى وضع مصر في مصاف الدولة المتقدمة بالعالم، و ليبدأ الطريق نحو الجمهورية الثانية .

يقول اللواء دكتور نصر سالم، أستاذ العلوم الاستراتيجية بأكاديمية ناصر العسكرية، إنه من أهم نتائج ثورة 30 يونيو هو الحفاظ على وحدة التراب الوطني وإسقاط دولة الإخوان ومخطط تلك الجماعة في منح أجزاء من الأراضي المصرية لأطراف أخرى وفقا لمصالحهم ، "إلا أن المشروع فشل وبقيت أرض مصر حرة أبية لم تنقص سنتيمترا واحدًا".

وثمن "القرار السياسي الرائع" بعد ثورة يونيو المتعلق بتنويع مصادر التسليح من مختلف الدول واستحداث الاجهزة والمعدات، ما جعل القرار المصري غير قابل لأي ضغط وأصبح الجيش المصري مصنف من أقوى عشر جيوش على مستوى العالم .

وأكد على استعادت مصر لقوتها بعد تلك الثورة لاسيما عبر استخدامها استراتيجية الردع تجاه كل من حاول تهديد أمننا القومي، موضحًا أننا نمتلك قوة ردع بفضل التنمية الشاملة التي حققنها في زمن قياسي بعد ثورة يونيو ما جعل مصر اليوم دولة اقليمية من الطراز الاول ولها تأثير في كل قضايا العالم، مشيرًا كذاك في هذا الصدد إلى وقوف بلدان العالم مع مصر في دعم حقوقها بمياه نهر النيل وفي تأييد قرار عدم إتمام السد الاثيوبي قبل التوصل إلى اتفاق قانوني مع دول المصب.

وشدد على أن ثورة 30 يونيو انقذت مصر من أن تصبح مثل عدد من دول المنطقة التي تشهد صراعات و أزمات واضطرابات سياسية وامنية، بل صارت أكبر وأقوى دولة في محيطها الإقليمي، منوهًا بأن اقتصاد مصر في ظل جائحة كورونا صمد و لم يتأثر كما تأثرت دول كبرى .

وحول ما وصلت اليها مصر اليوم بعد ثماني سنوات من ثورة يونيو ، أجاب اللواء نصر سالم: "وصلنا إلى بغداد"، وذلك في إشارة إلى زيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي التاريخية للعراق الاحد الماضي في الوقت الذي يعيش فيه العالم والمنطقة وسط حالة من الارتباك والتخبط، وذلك لحضور تجمع سياسي اقتصادي بين مصر والاردن والعراق، مذكرًا بأن الرئيس السيسي كان في افريقيا قبل العراق ، مشيدة بالدفعة القوية خلال السنوات الاخيرة في العلاقات المصرية-العربية، والمصرية-الافريقية، و بالقوى الكبرى، وبدورنا الرئيسي على المستوى العالمي والاقليمي والمحلي.

وأبرز الكتلة الحيوية والمشروعات التي تنفذها الدولة وبناء 20 مدينة جديدة من الجيل الرابع واستحداث أنظمة الري والزراعة و تحديث شبكة الطرق والأنفاق ، ومشروع المليون ونصف المليون فدان، والاستزراع السمكي والجلود وغيرها من المشروعات العملاقة.

وذكر بأن مصر التي كانت تشهد انقطاع في التيار الكهربائي بشكل متكرر ستقوم اليوم بتصدير الكهرباء للعراق عبر الأردن وكذلك إلى افريقا واوروبا، مضيفًا أن مصر تتقدم في كافة المجالات و أن مشروع تنمية قناة السويس يحمل الخير لمستقبل كبير لمصر.

 

من جانبه، ذكر اللواء الدكتور محمد زكي الألفي، المستشار بأكاديمية ناصر العسكرية العليا، أن الشعب المصري كان له الفضل الأول في مساندة أجهزة الامن والوقوف خلف جيشه العظيم في مواجهة عملية استيلاء جماعة الاخوان على السلطة، حيث قامت القوات المسلحة مدعومة بالشعب باستعادة الوطن مرة اخرى.

وأشار الى أن جميع أجهزة ومؤسسات الدولة، و بقيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي حامي ثورة الشعب ، قامت عقب ذلك باتخاذ كافة القرارات اللازمة لاستعادة مصر لمكانتها و لهيبتها ووضعها الاقليمي والدولي وصورتها الداخلية امام شعبها بما يليق بها كأقدم دولة في التاريخ .

ونوه بما شهدته مصر بعد ثورة 30 يونيو من مسيرة تنمية شاملة وبما تحقق من انجازات بصورة سريعة ومتميزة، حيث المشروعات القومية العملاقة ومن بينها القضاء على العشوائيات الذي كان يأرق العديد من الأسر وأبناء الشعب المصري ، بجانب الاهتمام بالإسكان وبناء مدن جديدة بكافة أنحاء الوطن، ما ساهم في الحد من أزمة البطالة، ومشاركة شركتنا ومهندسينا في تنفيذ تلك المشروعات بالاضافة إلى ما تقوم به الدولة من بنية تحتية شاملة شملت مجالات الصرف والمياه والكهرباء والاتصالات والمواصلات والسكك الحديدية.

وأشار كذلك إلى الاهتمام بالتعليم بجميع تخصصاته و بالتعليم العالي والجامعات وما حققه هذا المجال من عمليات شراكة مع الجامعات الكبرى بالعالم، فضلًا عن إعطاء أولوية لصحة المواطن المصري وحمايته من الأمراض المزمنة والقضاء على فيروس سي، مشيدا في هذا الصدد باستمرار مصر في تخطي تداعيات جائحة كورونا التي يعاني منها دول العالم الأجمع، و بتصنيعها اللقاح الخاص بهذا الفيروس والذي يعتبر حاليًا حائط الصد الأول في مواجهة هذه الازمة، بجانب التحسين والتوسع في الانتاج الزراعي وترشيد المياه.

وأبرز أيضًا نجاح مصر في تمكين الشباب ونشأة الأحزاب السياسية والتمثيل الحر في مجلس النواب، وكذلك عودة مصر لمكانتها السياحية وازدياد أعداد السياح القادمين إلينا مع تعظيم السياحة الثقافية و إنشاء متاحف جديدة، مؤكدًا "أن النهضة التي تعيشها مصر بعد ثورة 30 يونيو لم تترك مجال لم تشمله".

وتابع أن مصر استعادت بعد ثورة يونيو موقعها القيادي بين دول العالم ووضعها الإقليمي والدولي، لافتا في هذا الشأن إلى الزيارت التي قام بها رئيس الجمهورية ومختلف الوزراء والمسئولين إلى مختلف البلدان.

وفيما يتعلق بالقوة العسكرية، شدد على أن مصر شهدت تطورًا كبيرًا في مجالات التسليح واستعادة الهيكلة والتنظيم والتدريب، مشيدًا لما تقوم به مصر في مجال التصنيع الحربي ومتابعة رئيس الجمهورية لهذه الصناعة من منطلق أن الدولة التي لا تحقق اكتفاء ذاتي في غذائها وسلاحها يصعب الحفاظ على أمنها القومي.

من جهته، قال الدكتور بشير عبد الفتاح، المفكر السياسي والخبير بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية، إن مصر بعد ثورة 30 يونيو عادت إلى نفسها وشعبها ومحيطها مجددًا ، بعد أن غُيبت واختطفت لمدة عام ، واصفًا هذا اليوم بموجة ثورية تصحيحية لمسار 25 يناير 2011 الذي أسقط نظام وولد حالة من عدم النظام وفراغ وجاء بحكم لا يروق بتطلعات الشعب المصري ، "ولذلك كان لابد من تلك الموجة التصحيحية للمسار واسترداد الوطن".

ورأى أن الدولة المصرية بعد 30 يونيو أعادت اكتشاف ذاتها وإمكاناتها ، وسخرت مواردها بما يعود بالنفع على شعبها ومحيطها، معتبرًا أن معالم ذلك التصحيح بدأت تظهر جيدًا منذ سبع سنوات من حيث حصد الإنجازات على كافة المستويات.

وشدد على أن ما شهدته مصر خلال السبع سنوات الماضية من انجازات يفوق ما حدث في عشرات السنين السابقة، مما يؤكد أن ثورة 30 يونيو قد وضعت شعب مصر على الطريق الصحيح وأعادت مصر للمصريين وفتحت الطريق نحو آفاق أرحب لانطلاقة جديدة تليق بمكانة مصر الاقليمية والدولية.

 

بدورها، أكدت السفيرة منى عمر مساعد وزير الخارجية الأسبق، و أمين عام المجلس القومى للمرأة سابقاً، أن ثورة 30 يونيو هي البداية الحقيقية للجمهورية الثانية ولمرحلة جديدة في تاريخ الشعب المصري والدولة ومؤسساتها، مشددة على أن مصر شهدت عددًا كبيرًا من الإنجازات في أعقاب تلك الثورة.

وأوضحت:" بصفتي بالمجلس القومي للمرأة فلابد من التركيز على الإنجازات التي تحققت للمرأة بعد ثورة يونيو والاستحقاقات الدستورية، و التي لم يكن لها مثيل من قبل"، منوهة بتبوأ المرأة للمناصب العليا لأول مرة في تاريخ مصر لنصل إلى نسبة 25?‏ من السيدات بالحكومة.

ولفتت في هذا الصدد إلى تولي المرأة لملفات هامة للمشاركة في إعادة بناء الوطن والمجتمع، حيث لم تتولى مجرد وظائف شكلية بمجلس الوزارء بل كلها مناصب قيادية حقيقية، بجانب ارتفاع نسبة تمثيل المرأة البرلماني ليصل من 2?‏ أثناء حكم الاخوان إلى أكثر من 25?‏ اليوم، ما يفوق "الكوتة" التي كانت مخصصة للمرأة في وقت من الأوقات السابقة ، مما يدل على التمكين والحقوق التي حصلت عليها المرأة المصرية.

وأضافت أن الموضوعات المتعلقة بالعنف والتحرش والختان وغيرها أصبحت لها قوانين أكثر فاعلية بالنسبة لتحريم هذه الأفعال.

وأشادت السفيرة منى عمر، بأن الدولة المصرية بعد ثورة يونيو ولأول مرة أصبح لديها خطة مستقبلية واضحة المعالم حتى العام 2030، فضلًا عن نجاح تمكين الشباب بشكل غير مسبوق في تاريخ مصر، حيث يتم تدريبهم وبناء قدراتهم ثم وضعهم في مواقع هامة بعد أن تلقوا الخبرة التي تؤهلهم لتولي الوظائف القيادية.

وأكدت على أن الإنجازات التي نعيشها اليوم ومنذ ثورة 30 غيرت من وجه مصر سواء من حيث البنية التحتية و الطرق السريعة والكباري، كما اتاحت تدفق الاستثمارات، وأعادت مصر إلى الريادة و ترأست الاتحاد الافريقي لاسيما بعد فترة تعليق عضويتنا بالاتحاد.

واختتمت بأن مصر تولي أهمية لعدد من القضايا الاقليمية لاسيما التي تتعلق بليبيا والسودان وفلسطين وتتولى مسئولية المصالحة الفلسطينية وإعادة الاعمار بغزة، فضلا عن الزيارات الثنائية التي نقوم بها في دول العالم أجمع.

من ناحيته، اعتبر السفير جمال بيومي، مساعد وزير الخارجية الأسبق، ثورة 30 يونيو بأنها ثورة الخلاص من كابوس كاد يقضي على أي أمل في الديمقراطية، قائلا "ولذلك نحيي تلك الثورة العظيمة التي أنقذت مصر مما يعرف بديمقراطية المرة الواحدة أي من الذين يتمسكون بالحكم ولا يخرجون منه أبدًا إلا بالدماء"، مشددًا على أن مصر لم يكن يليق بها أبدًا هذا النوع من الحكم.

ووصف 30 يونيو 2013 "بثورة الإنقاذ"، مذكرًا بانه منذ ذلك التاريخ انطلقت مصر انطلاقة عظيمة في الداخل والخارج، موضحا انه على المستوى الداخلي فنشهد تنمية في جميع المجالات ونعيد اكتشاف مصر، أما خارجيا فنمد جناح العلاقات المصرية مرة اخرى إلى كل بلدان العالم حتى صارت القاهرة من أكبر عواصم العالم استضافة للبعثات الاجنبية، ما يدل على الاهتمام الذي تحظى به مصر عالميًا لتصبح اليوم صديقة لكل بلدان العالم ولا يوجد صوت يقف ضدنا عالمي أو اقليمي.

وأضاف أن مصر تشهد جمهورية جديدة ذات حياة كريمة أرضت خاطر الطبقات والمناطق المهمشة لاسيما في الصعيد وسيناء ، لافتًا إلى إنشاء مدن جديدة في تلك المناطق و جعل جميع الطبقات تشعر بالتنمية في البنية التحتية والتعليم والصحة، فضلًا عن إرضاء الشباب بدفعه إلى الأمام حتى أصبح يتولى أكبر المناصب بالدولة، كما تم تمكين المرأة وتوفير فرص لكل من يتطلع لعمل جيد بفضل مشروعات التنمية الجديدة.

وذكر السفير بيومي بأننا قمنا أيضًا بأخطر قرار اقتصادي لانقاذ مصر وهو برنامح الاصلاح الاقتصادي الطموح الذي اعترف بسعر الصرف الحقيقي، واتخذت سياسات مالية لصالح الطبقات الاكثر احتياجا، " و نحن الآن في الطريق لكي يشعر كل مواطن أي إن كان موضعه بتأثير الاصلاح السياسي والاقتصادي على حياته اليومية و بتحسين جودة الحياة" .