قالت دار الإفتاء أنه دَرَجَ سلفُنا الصالح على الاحتفال بمولد الرسول الأعظم صلوات الله عليه وسلامه بإحياء ليلة المولد بشتى أنواع القربات من إطعام الطعام وتلاوة القرأن والأذكار وأنشاد الأشعار والمدائح في رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما نصَّ على ذلك غيرُ واحد من المؤرخين مثل الحافظَين ابن الجوزي وابن كثير، والحافظ ابن دِحية الأندلسي، والحافظ ابن حجر، وخاتمة الحفاظ جلال الدين السيوطي رحمهم الله تعالى.
وأوضحت دار الإفتاء، لقد تقرَّب النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى الله تعالى بشكره على إرساله للناس هاديًا ومبشرًا ونذيرًا، وذلك في يوم مولده الشريف؛ وذلك ثابت بالحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه؛ فقد سُئِل صلى الله عليه وآله وسلم عن صوم يوم الإثنين، فقال: «ذاكَ يَومٌ وُلِدتُ فيه» أخرجه مسلم. وإذا كأن صيام يوم مولده بسبب شكر الله على نعمة إرساله رحمةً للعالمين، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وآله وسلم أمر الصحابة بهذا النوع من الصيام حين أمرهم بصيام يوم عاشوراء؛ شكرًا لله على نجاة موسى عليه السلام من فرعون، أفلا يكون صيام يوم مولده شكرًا لله أولى من ذلك!
وقالت دار الإفتاء أن المولد النبوى الشريف إطلالة للرحمة الإلهية بالنسبة للتاريخ البشرى جميعه؛ فلقد عَبَّر القرأن الكريم عن وجود النبى صلى الله عليه وآله وسلم بأنه «رحمة للعالمين»، وهذه الرحمة لـم تكن محدودة فهى تشمل تربية البشر وتزكيتهم وتعليمهم وهدايتهم نحو الصراط المستقيم وتقدمهم على صعيد حياتهم المادية والمعنوية، كما أنها لا تقتصر على أهل ذلك الـزمأن بل تمتد على امتداد التاريخ بأسره “وَآخَرِينَ مِنْهُمْ لَمَّا يَلْحَقُوا بِهِمْ”.
وأضافت أن تهادي حلوى المولد النبوي الشريف بين الناس لا حرج فيها، فالتهادي أمر مطلوب في ذاته؛ لقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «تَهَادوْا تَحَابوْا» (موطأ مالك)، ولم يَقُمْ دليلٌ على المنع من القيام بهذا العمل أو إباحَتِه في وقت دون وقت، فإذا أنضمت إلى ذلك المقاصد الصالحة الأخُرى؛ كَإدْخَالِ السُّرورِ على أهلِ البيت وصِلة الأرحامِ فأنه يُصبح مستحبًّا مندوبًا إليه، فإذا كأن ذلك تعبيرًا عن الفرح بمولدِ المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم كأن أشَدَّ مشروعيةً وندبًا واستحبابًا؛ لأن "للوسائل أحكام المقاصد".