تطبيق ديب سيك الصيني يعكس جزءًا من الحرب الشرسة بين الصين والولايات المتحدة

أكد الدكتور محمد الجندي، خبير أمن المعلومات، أن إطلاق تطبيق الذكاء الاصطناعي الصيني "ديب سيك" يعكس جزءًا من المنافسة السياسية والتكنولوجية بين الصين والولايات المتحدة، وليس مجرد تطور تقني عابر.

وأوضح الخبير السيبراني، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامي إبراهيم عيسى في برنامج "حديث القاهرة" على قناة "القاهرة والناس"، أن المفاجأة لا تكمن في وجود تطبيق مثل "ديب سيك"، بل في توقيت إطلاقه بالتزامن مع تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بشأن خطط الولايات المتحدة لتطوير الذكاء الاصطناعي.
وأشار الجندي، إلى أن التطبيق الصيني "ديب سيك" يستخدم تقنيات متطورة تعتمد على رقائق إلكترونية أقل تكلفة مقارنة بتلك التي يعتمد عليها "شات جي بي تي"، ما يجعل التطبيق أكثر كفاءة من حيث التكاليف.

وأضاف أن هذا الفارق قد يؤدي إلى تحول عدد كبير من المستخدمين من "شات جي بي تي" إلى "ديب سيك"، خاصة مع ما وصفه بانحياز بيانات التطبيق الأول نحو الغرب، بينما يقدم الآخر بديلًا أكثر توازنًا في معالجته للبيانات.

صراع سياسي واقتصادي


وأكد أن الصراع لم يعد مقتصرًا على التكنولوجيا فقط، بل أصبح سياسيًا واقتصاديًا، متوقعًا أن تشهد السنوات المقبلة، خاصة عام 2025، تصاعدًا في المنافسة بين الصين والولايات المتحدة في هذا المجال.

وأوضح أن الأبحاث المنشورة حول "ديب سيك" تشير إلى تحقيق إنجاز هندسي مهم، لكنه لفت إلى أن الأرقام المتعلقة بالمكاسب الاقتصادية من التطبيق قد تكون مبالغاً فيها.

واختتم الجندي حديثه بالإشارة إلى أن مصر تعمل حاليًا على تطوير استراتيجيات وطنية للاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي، ما يعزز من مكانتها في هذا المجال مستقبلًا.

ما هو تطبيق "DeepSeek"؟

"ديب سيك" هي شركة ناشئة صينية تأسست في 2023 على يد ليانغ ونفنغ، رئيس صندوق التحوط الكمي الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي "هاي فلاير" (High-Flyer). وتطور الشركة نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة المصدر، وارتقى تطبيق الهاتف الذي يحمل الاسم نفسه ليتصدر قوائم التحميل على هاتف "أيفون" في الولايات المتحدة بعد إطلاقه أوائل يناير.

يُميز تطبيق "ديب سيك" نفسه عن روبوتات المحادثة الأخرى، مثل "تشات جي تي" الذي طورته شركة "أوبن إيه آي" (OpenAI)، بتوضيح منطقه قبل الرد على الأمر. وتزعم الشركة أن الإصدار "آر ون" (R1) يقدم أداءً يضاهي أحدث إصدارات "أوبن إيه آي"، كما سمحت للأشخاص المهتمين بتطوير روبوتات المحادثة بالوصول إلى التكنولوجيا لتطويرها.

ما مستوى أداء "DeepSeeek R1" مقارنة بـ"OpenAI" و"ميتا"؟

رغم أن الشركة لم تكشف التفاصيل كلها، يبدو أن تكلفة تدريب وتطوير نماذج "ديب سيك" لا تمثل إلا جزءاً ضئيلاً مقارنةً بما تحتاجه أفضل منتجات "أوبن إيه آي" أو "ميتا بلاتفورمز". وتثير الكفاءة الأفضل للنموذج الشكوك حول الحاجة إلى النفقات الرأسمالية الكبيرة لشراء أحدث مسرعات الذكاء الاصطناعي وأعلاها أداءً من شركات مثل "إنفيديا" وغيرها.

كما يعزز ذلك الاهتمام بالقيود الأمريكية على تصدير أشباه الموصلات المتطورة إلى الصين، بهدف منع إحراز أي تقدم من النوع الذي يبدو أن "ديب سيك" حققته.

يماثل أداء "آر ون" أو يتفوق حتى على النماذج المنافسة في عدد من المقاييس الرئيسية، مثل "إيه آي إم إي 2024" (AIME 2024) للعمليات الحسابية، و"إم إم إل يو" (MMLU) للمعلومات العامة، و"ألباكا إيفال 2" (AlpacaEval 2.0) للأسئلة والإجابات. كما صُنف النموذج ضمن الأفضل أداءً على قائمة المتصدرين، التي يُطلق عليها "تشات بوت أرينا" (Chatbot Arena)، التابعة لجامعة كاليفورنيا بيركلي.

 
مميزات تطبيق "DeepSeek" 

تحظى مطورة الذكاء الاصطناعي بمتابعة دقيقة منذ إطلاق نموذجها الأول في 2023. وفي نوفمبر، أعطت العالم لمحة عن نموذج "آر ون" للتحليل المنطقي، المصمَّم لمحاكاة التفكير البشري. 

يدعم هذا النموذج تطبيق روبوت المحادثة على الهاتف، ومع إطلاق واجهة الاستخدام عبر المتصفح في يناير، اكتسب النموذج شهرة عالمية باعتباره بديلاً أقل تكلفة بكثير لنموذج "أوبن إيه آي"، فيما وصفه المستثمر مارك أندريسين بأنه "لحظة سبوتنيك في الذكاء الاصطناعي" (أي الإدراك المفاجئ لتفوق المنافس في التكنولوجيا مثلما حدث مع إطلاق روسيا أول قمر صناعي قبل الولايات المتحدة في الخمسينيات).

جرى تحميل تطبيق "ديب سيك" للهاتف 1.6 مليون مرة بحلول 25 يناير، وتصدر متاجر تطبيقات "أيفون" في أستراليا، وكندا، والصين، وسنغافورة، والولايات المتحدة، والمملكة المتحدة، بحسب البيانات الصادرة عن منصة متابعة السوق "آب فيغرز" (App Firgures).

يمين الصفحة
شمال الصفحة