
تعود جذور القضية إلى عام 2018، حين اتهمت المفوضية الأوروبية شركة جوجل بإساءة استغلال هيمنتها على نظام التشغيل أندرويد، عبر إجبار مصنعي الهواتف الذكية على تثبيت تطبيقاتها مسبقًا، وهو ما اعتبرته بروكسل ممارسات تقوّض المنافسة العادلة في سوق الهواتف المحمولة داخل أوروبا.
نتيجة لذلك، فرضت المفوضية غرامة قياسية بلغت 4.34 مليار يورو، جرى تخفيضها لاحقًا إلى 4.1 مليار يورو، إلا أن جوجل قدّمت طعنًا رسميًا أمام محكمة العدل الأوروبية.
المحكمة ترفض الطعن.. والتوصيات ضد جوجل
في تطور مفاجئ ومؤلم لجوجل، أوصى جوليان كوكوت، المحامي العام لدى محكمة العدل الأوروبية، برفض استئناف الشركة والإبقاء على الغرامة، معتبرًا أن جوجل مارست ضغوطًا تجارية غير قانونية على المصنعين، ما أدى إلى عرقلة حرية المنافسة.
ورغم أن رأي المحامي العام غير ملزم قانونيًا، إلا أنه يحظى بوزن كبير، إذ تلتزم المحكمة بتوصياته في أكثر من 80% من القضايا، مما يجعل فرص جوجل ضعيفة جدًا في النجاة من العقوبة.
رد فعل جوجل: خيبة أمل وتحذير من تباطؤ الابتكار
عقب صدور التوصية، عبّرت جوجل عن خيبة أملها، محذّرة من أن مثل هذا القرار قد يؤثر سلبًا على الاستثمار التكنولوجي في أوروبا. وأكدت الشركة أن نظام أندرويد الخاص بها يدعم آلاف الشركات الأوروبية، مشيرة إلى أن هذه المنصة ساهمت في تنمية الابتكار في القارة.
أبعاد المعركة: سيادة رقمية أوروبية مقابل هيمنة وادي السيليكون
بحسب صحيفة 20 مينوتوس الإسبانية، فإن القضية لم تعد مجرد نزاع قانوني حول مكافحة الاحتكار، بل تمثل صراعًا أعمق بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي حول السيادة الرقمية، إذ تسعى بروكسل إلى تحجيم نفوذ عمالقة التكنولوجيا الأمريكيين، وتعزيز استقلالها في إدارة الفضاء الرقمي.
إطار قانوني جديد يضيّق الخناق على عمالقة التكنولوجيا
تأتي هذه المعركة في سياق قوانين أوروبية جديدة تستهدف الشركات الرقمية الكبرى، مثل:
-
قانون الأسواق الرقمية (DMA)
-
قانون الخدمات الرقمية (DSA)
-
بالإضافة إلى قانون ميكا الخاص بالأصول والعملات الرقمية
وهي كلها أدوات تشريعية تهدف إلى تنظيم سلوك المنصات الكبرى وضمان الشفافية والمنافسة في السوق الأوروبية.
عواقب محتملة تتجاوز الغرامة المالية
رغم أن جوجل قد تتحمل الغرامة ماليًا، بفضل عائداتها الفصلية التي تتجاوز 80 مليار دولار، إلا أن الآثار الحقيقية تكمن في تبعاتها التنظيمية. قد تجد الشركة نفسها مضطرة إلى إعادة النظر في طريقة تعاملها مع الشركات المصنعة للهواتف داخل السوق الأوروبي.
أوروبا تفرض قواعدها.. وجوجل تكتشف أن اللعبة تغيّرت
في ختام هذه الجولة من المواجهة، بات واضحًا أن الاتحاد الأوروبي يفرض سلطته التنظيمية بثقة متزايدة. وبعد صراعات مماثلة مع شركات مثل تيليغرام بشأن قانون الخدمات الرقمية، تدرك جوجل اليوم أن أوروبا لم تعد تلعب بقواعد غيرها.
مهما كانت نتيجة الطعن النهائي، فإن الرسالة الأوروبية واضحة: السوق الرقمية الأوروبية تدار وفقًا لقوانينها، لا لقوانين وادي السيليكون