لماذا خفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد المصري 2025؟

تحسنت توقعات صندوق النقد الدولي لنمو الاقتصاد المصري قليلاً في العام المالي الماضي، لكنها تراجعت للسنة الجارية، في الوقت الذي عدل فيه بالزيادة تقديراته لنمو اقتصاد منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأوسع.

إيرادات مصر السياحية

وفي إحاطة صحفية بعد إطلاق تقرير آفاق الاقتصاد العالمي لشهر يوليو، عزت بيتيا بروكس، نائبة مدير إدارة البحوث بالصندوق، زيادة تقدير النمو في العام المالي المنتهي في 30 يونيو الماضي إلى "البيانات الأفضل من المتوقع التي رأيناها في الشهور الماضية وكذلك الناتج الأعلى من المتوقع في القطاع غير النفطي، لاسيما قطاعي السياحة والاتصالات".

كان وزير السياحة المصري شريف فتحي أبلغ "الشرق" مطلع الأسبوع الجاري أن إيرادات مصر السياحية قفزت 22% على أساس سنوي في النصف الأول من العام الجاري إلى 8 مليارات دولار، وذلك تزامناً مع ارتفاع أعداد السائحين الزائرين إلى مصر بنحو الربع إلى 8.7 مليون سائح خلال الفترة نفسها.

أما بالنسبة للعام المالي الحالي، عزت بروكس خفض التوقعات إلى "تأخر تنفيذ أجندة الإصلاحات الهيكلية" المتفق عليها مع الحكومة المصرية ضمن برنامج قرض بقيمة 8 مليارات دولار.

دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج القرض

وفي مطلع الشهر الجاري، كشفت المتحدثة باسم الصندوق جولي كوزاك عن قرار دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج القرض ليجري تنفيذهما معاً في الخريف المقبل، وهو ما عزاه مسؤولون مصريون في تصريحات لـ"الشرق" إلى بطء تنفيذ برنامج الطروحات الذي يهدف لتقليص ملكية الحكومة في الاقتصاد.

تقدم ملموس في استقرار الاقتصاد

كان الصندوق قال في بيان ختام مراجعة أجراها ضمن برنامج التمويل في مايو الماضي، إن البلاد حققت تقدماً ملموساً صوب تحقيق استقرار على صعيد الاقتصاد الكلي، متوقعاً أن يستمر النمو في التحسن. 

وأضاف أنه "مع استقرار الاقتصاد الكلي حالياً، من المهم أن تنفذ مصر إصلاحات أعمق لإطلاق قدرات النمو للبلاد، وخلق وظائف عالية الجودة للسكان الآخذين في الزيادة، والحد بشكل مستدام من مواطن الضعف وزيادة قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات"، بحسب البيان. 


تقديرات صندوق النقد الدولي لنمو اقتصاد مصر

في يونيو الماضي، أبقت الحكومة المصرية على تقديرات النمو الاقتصادي عند 4.5% للسنة المالية 2025-2026 دون تغيير، لتعزو ذلك إلى تأثير محدود للحرب بين إسرائيل وإيران التي استمرت 12 يوماً على أسعار النفط. وتحولت مصر إلى مستورد صاف للطاقة في السنوات الأخيرة بعد أن كانت مُصدراً لها. 

وفي سياق أشمل، رفع الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي خلال العامين الحالي والمقبل، وعزا ذلك إلى تراجع المعدلات الفعلية للرسوم الجمركية الأميركية مقارنة بما سبق الإعلان عنه في أبريل، وتحسن الأوضاع المالية لبعض الدول نتيجة انخفاض الدولار.

توقعات صندوق النقد الدولي لمصر ومنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

  • نمو الاقتصاد المصري 4% في 2024-2025 مُقابل تقديرات عند 3.8% في أبريل، و4.1% في 2025-2026 من4.3% في أبريل. 
  • نمو اقتصاد الشرق الأوسط وشمال أفريقيا 3.6% في 2025 (مقابل تقديرات بنمو 2.6% في أبريل) و3.4% في 2026.

اتفاق مصر وصندوق النقد على دمج المراجعتين الخامسة والسادسة

أكد الدكتور محمد معيط، المدير التنفيذي وممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي، إن اتفاق مصر الحالي مع الصندوق سينتهي في نوفمبر 2026، إذ تتبقى شريحتان للعام المقبل، والشريحة الواحدة تكون في حدود 1.2 مليار دولار تقريبا.

أهداف برامج صندوق النقد مع مصر

وأضاف «محمد معيط»، خلال حواره مع الإعلامي شادي شاش، ببرنامج «ستوديو إكسترا»، المُذاع عبر شاشة «إكسترا نيوز»: “ليس الهدف أن نستمر في البرامج مع صندوق النقد الدولي، فالبرنامج يحدد مستهدفاته ثم ينتهي، وأهم المستهدفات، هي إعادة الاستقرار للاقتصاد الكلي”.

وأوضح أن المواطن يلمس ذلك؛ بأن تكون الأسعار مستقرة في المحلات على فترات زمنية طويلة، وألا يحدث أبدا ما مررنا به في فترة عندما كانت تتغير الأسعار في اليوم الواحد، وهذا يعني السيطرة على التضخم.

كيف يؤثر الاتفاق مع صندوق النقد على المواطن المصري؟

وتابع محمد معيط، أن "المواطن يشعر بذلك أيضا؛ من خلال مرونة سعر الصرف، وتحقق هدفها، وأن تكون أسعار الفائدة تشجع على زيادة الإنتاج والاستثمار بعد خفض التضخم، وبالتالي يحدث تدفقا ماليا في شرايين الاقتصاد، وحتى يستطيع المستثمرون زيادة خطوط الإنتاج والحصول على احتياجاتها بتكلفة تمويل معقولة".

وواصل: "المواطن يشعر بذلك أيضا من خلال خفض الدين، مع العلم أن مصر تحقق فائضًا أوليًا للسنة السابعة على التوالي، وهو ما يعني أن إيراداتها أكثر من مصروفاتها، والمشكلة تكمن في أن التضخم رفع أسعار الفائدة، وبالتالي، التكلفة التي نحتاج إلى تخصيصها أصبحت- على سبيل المثال- تبلغ نحو 30% بعد أن كانت 9% أو 10% -مثلا- وهذا شيء صعب جدا لأي شخص يدير موازنة عامة للدولة.

واستطرد: ولكن عندما ينخفض التضخم ويعود لوضعه الطبيعي؛ فإنّ ما كان يوجه لتغطية التضخم وزيادة التكلفة؛ سيتم توجيهه إلى المصادر الطبيعية، وبالتالي، هذا يعدد استقرار الاقتصاد؛ لأن الضخ في الأولويات سيزيد، وستزيد الاستثمارات العامة فيها، مثل الصحة، والتعليم، وخلق فرص العمل، وما إلى ذلك، وكل ذلك يعني أن البرنامج الذي تطبقه أوصلك إلى ما تريد تحقيقه.

دمج المراجعتين الخامسة والسادسة

أكد الدكتور محمد معيط، المدير التنفيذي وممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي، أنه تم التوافق مع بعثة صندوق النقد الدولي على دمج المراجعتين الخامسة والسادسة، بما يمنح فرصة زمنية أوسع لتنفيذ الالتزامات، مشيرًا إلى أن هذا الإجراء معتاد ولا يُعد أمرًا استثنائيًا.

وأضاف «معيط»، خلال حواره مع الإعلامي شادي شاش ببرنامج «ستوديو إكسترا نيوز» على شاشة «إكسترا نيوز»، أن مصر حققت تقدمًا كبيرًا في أغلب المستهدفات الخاصة بالسياسات النقدية والمالية، بالإضافة إلى عدد من الإصلاحات الهيكلية، مؤكدًا أن التأجيل جاء لإعطاء فرصة أطول لتنفيذ برنامج الطروحات، في ظل الظروف الاستثنائية التي تمر بها المنطقة، وهو أمر يقدّره صندوق النقد الدولي.

تقدم ملموس في مؤشرات الاقتصاد

وأشار إلى أن مصر أحرزت تقدمًا ملموسًا في مؤشرات الاقتصاد الكلي، وعلى رأسها ارتفاع الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي بلغ مستويات غير مسبوقة، وانخفاض معدلات التضخم، بالإضافة إلى تطبيق مرونة في سعر الصرف داخل السوق.

ولفت معيط إلى أن انخفاض التضخم وأسعار الفائدة سيسهم في تخفيف الضغط على الموازنة العامة للدولة، موضحًا أنه حين ارتفع التضخم وسعر الفائدة، شكّلا عبئًا كبيرًا على الموازنة، وهو ما بدأ في التراجع مؤخرًا، ما يعزز التوقعات بتحسن مالي ملحوظ خلال الفترة المقبلة.

يمين الصفحة
شمال الصفحة