أمريكا والصين.. من يلتهم الآخر؟..الصين لا ترغب في حرب تجارية مع أمريكا لكنها ستدافع عن مصالحها

???? ???????

???? ???????

ارتفع الفائض التجاري بين الصين والولايات المتحدة بنسبة الخمس خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالي فيما دعت بكين واشنطن، إلى الصبر وسط تفاقم التوتر بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم.

وتسري مخاوف بشأن اندلاع حرب تجارية منذ الشهر الماضي عندما هدد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض سلسلة من الرسوم الجمركية بمئات مليارات الدولارات على البضائع الصينية، ما دفع بكين إلى توجيه تحذيرات مشابهة ردا على واشنطن.

ويأتي الخلاف نتيجة انزعاج إدارة ترامب من انعدام التوازن التجاري الكبير وما تعتبرها ممارسات غير عادلة من قبل الصين والتي يرى ترامب أنها تؤثر على الوظائف الأمريكية.

وقد خفف تعهد الرئيس الصيني شي جينبينغ هذا الأسبوع خفض الرسوم في بعض القطاعات ورد ترامب الهادئ من القلق، لكن لا تزال هناك مسافة بعيدة بين تطلعات البلدين.

وأظهرت البيانات الأخيرة أن الصين لا تزال تستفيد من التجارة بين البلدين حيث أفاد المتحدث باسم مكتب الجمارك هوانغ سونغبنغ أن الفائض التجاري مع الولايات المتحدة سجل زيادة نسبتها 19,4 بالمائة بالمعدل السنوي فبلغ 58 مليار دولار خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام الحالى.

وقال هوانغ للصحافيين في بكين إن الصادرات إلى الولايات المتحدة ارتفعت 14,8% بالمعدل السنوي فيما زادت الواردات 8,9%.

لكن الأرقام الأخيرة أشارت إلى تراجع الفائض في مارس إلى 15,4 مليار دولار مقارنة بـ21 مليار دولار في فبراير و17,7 مليار دولار قبل 12 شهرا.

وسجلت الصين عجزا نادرا من نوعه بقيمة 4,98 مليار دولار مع باقي العالم الشهر الماضي و يعزى إلى عوامل موسمية كعطلة رأس السنة القمرية.

أما الصادرات الصينية لدول العالم فانخفضت بنسبة 2,7 بالمائة الشهر الماضي، وهو ما يرى محللون أنه أمر طبيعي نظرا لفترة العطلة الطويلة، فيما زادت الواردات بنسبة 14,4 بالمائة.

وعلى خلفية التوتر الأخير، كرر هوانغ الخطاب الرسمي الصيني بأن بلاده لا تسعى إلى ميزان تجاري لصالحها.

وقال "نحن لا نسعى إلى ميزان تجاري يميل لصالح (الصين). السوق هي التي تحدد الوضع الحالي للشئون التجارية. نأمل أن تتحلى الولايات المتحدة بالصبر وتستمع لصوت العقل والمنطق حول مسائل الميزان التجاري".

وأكد أن بكين لا ترغب بالدخول في حرب تجارية مع واشنطن قائلا "نحن نؤمن بأن هذه الخلافات التجارية لا تخدم مصالح الصين ولا مصالح الولايات المتحدة".

وبعدما كشف ترامب عن حزمة جديدة من الرسوم التي ينوي فرضها، لجأ شي هذا الأسبوع إلى تبني لهجة تصالحيه متعهدا بخفض الرسوم على السيارات التي اعتبرت من أبرز أسباب الغضب الأمريكي وغيرها من الواردات إضافة إلى انفتاح اقتصادي أكبر، وأبلغ ترامب المشرعين الخميس أن شي "قال إنه سيجعل الصين أكثر انفتاحا وسيزيل الكثير من الحواجز التجارية وربما جميعها".

لكن المسئولين الصينيين كرروا خلال الأيام الأخيرة أن الطرفين لا يتفاوضان حول المسألة.

وقال الناطق باسم وزارة التجارة غاو فينغ  إن الولايات المتحدة لم "تظهر الإخلاص الضروري للتفاوض".

وأما ترامب فصور المسألة بشكل أكثر ايجابية.

وقال للمشرعين في واشنطن "مجددا، نتعاطى مع الصين بشكل جيد جدا. أعتقد أننا نجري محادثات رائعة"، في حين كرر أن الولايات المتحدة ستنتصر في أي حرب تجارية بين البلدين.

وقال "عندما تكون أقل بـ500 مليار دولار (لجهة الفائض التجاري)، لا يمكنك أن تخسر حربا تجارية. نفرض رسوما بخمسين مليار دولار ومن ثم نفرض رسوما بمائة مليار دولار. وكما تعلمون، تنفذ ذخيرتهم في مرحلة ما".

وخلال العام الأول لترامب في منصبه، سجل الفائض مستويات قياسية فبلغ 357 مليار دولار وفقا للأرقام الأميركية أو 276 مليار دولار بناء على البيانات الصينية.

وحتى الآن، لم يتم تطبيق التهديدات الأكبر التي أطلقتها واشنطن وبكين.

ولم يتم فرض رسوم إلا على سلع بقيمة ثلاثة مليارات دولار في إطار السجال الذي يشهد تصعيدا حيث استهدفت الولايات المتحدة الحديد الصلب والألمنيوم بينما استهدفت الصين لحم الخنزير والخمر بين عدد كبير من المنتجات الأميركية الأخرى.

وبقيت التجارة قوية بين البلدين خلال الربع الأول من العام مع ارتفاع التبادلات الثنائية بنسبة 13 بالمائة إلى 142 مليار دولار.

لكن الرسوم التي تم التهديد بها قد تؤثر على النمو الاقتصادي في جانبي المحيط الهادى، وفق ما أفاد محللون.

وقال خبراء اقتصاديون في وكالة "فيتش" للتصنيف الائتماني إن "تداعيات حرب رسوم كهذه واسعة النطاق ستكون كبيرة"، مضيفين أن الرسوم قد تؤدي إلى خفض إجمالي الناتج الداخلي بنقطتين مئويتين على مدى عامين.

وأعلنت وزارة التجارة الصينية، أنها مستعدة للرد على الولايات المتحدة الأمريكية، إذا صعدت نزاعها التجاري مع بكين.

انخفاض أسعار الذهب مع انحسار المخاوف من النزاع التجاري الأمريكي الصيني

وأضافت الوزارة أن تعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ بخفض رسوم الاستيراد ليس تنازلا، بحسب وكالة "رويترز".

وصرح قاو فينغ المتحدث باسم وزارة التجارة، في إفادة صحفية دورية في بكين، أن من التضليل القول بأن تعهد شي في منتدى بواو الاقتصادي الآسيوي في الأسبوع الحالي كان تنازلا للولايات المتحدة.

 

وأشار إلى أن شي كان يوضح فقط الخطوط العريضة لاستراتيجية الصين بشأن مزيد من الانفتاح، وهو ما لا علاقة له بالخلاف التجاري مع الولايات المتحدة.

ويجب القول أن الأمريكيين يستثمرون المال في الصين ويشترون الممتلكات المنقولة وغير المنقولة ولكن في العام الماضي زادت الاستثمارات الصينية في الولايات المتحدة ولأول مرة على مثيلتها الأمريكية في الصين.

ويلفت النظر أن وسائل الإعلام الصينية تتحدث عن ذلك بهدوء بدون حماس وبدون أسف. الأمر كما يقول المثل،" بزنس ولا شيء شخصي بتاتا".

في الوقت نفسه ينظر الأمريكان إلى هذا الاندفاع الصيني بنوع من الفتور والأسى، على سبيل المثال يوبخ المرشح الرئاسي دونالد ترامب باستمرار الصينيين ويتهمهم "بمص دم" الاقتصاد الأمريكي.

ووصل الأمر بصحيفة Washington Post إلى اتهام الصينيين بحرمان ولاية مين الأمريكية من آلاف فرص العمل وهم بالإضافة لذلك يلتهمون القسم الأكبر من جراد البحر " Lobster " الشهير في تلك الولاية.

طبعا عندما يشتري الصينيون العقارات والبضائع في الولايات المتحدة فهذا يجلب الفائدة الاقتصادية للبلاد، إذن فهو جيد. ولكن عندما يكون موضوع البيع والشراء عقارا أو شركة لها قيمة تاريخية فهنا تدخل في الموضوع العواطف ذات الطابع غير الاقتصادي ويطغي شعور الاعتزاز القومي.

والأمر هنا يكمن في ما هو الأقوى في هذه الحالة، العواطف أو الفائدة المادية وكيف ستتصرف أمريكا لاحقا كمنظومة سياسية وكحضارة.

وبشكل عام يقدم التقرير أرقاما تثير الاهتمام فعلا ومن بينها على سبيل المثال، أن الاستثمارات الصينية في العقارات توفر 200 ألف فرصة عمل للأمريكيين وخاصة في العقارات التجارية. وترامب حتما يعرف ذلك جيدا لأن هذا مجال عمله ولكنه لن يتحدث عن ذلك خلال الحملة الانتخابية.

من المعروف أن الخزانة الأمريكية مدانة للصين بشكل كبير لأن هذه الاخيرة تشتري بنشاط السندات الحكومية الأمريكية ولكن المعروف أقل من ذلك هو أن الصين تعتبر أكبر وأول حائز أجنبي في العالم للسندات المالية الأمريكية الأخرى بما في ذلك العقارية التي تصدرها شركات عقارية مالية من نوع  فاني ماي وفريدي ماك( التي باتت نصف حكومية) وهي مدانة حاليا للصين بمبالغ تصل الى 207,9 مليار دولار. والملفت للنظر أن هذه الالتزامات مضمونة بالعقارات. وفي حال لم تتمكن أي من هذه الشركات من تسديد الالتزام للطرف الصيني فهذا سيعني استلام هذا الطرف للمادة المرهونة أي العقارات.

و Fannie Mae and Freddie Mac تعتبر الرمز المعتاد لأزمة 2008 المالية (هذه الشركة أفلست خلال الأزمة وقامت الدولة بشرائها) وهذا يعني أن الصين في الواقع أنقذت الاقتصاد الأمريكي من تلك الأزمة وهي تنقذه الآن من احتمال تكرارها.

وبشكل عام نرى ازدياد الارتباط المتبادل بين الاقتصاد الأول والثاني في العالم وهو أمر يدخل في أساس الاستراتيجية الجيوسياسية  الصينية ويدفع الولايات المتحدة نحو توخي الحذر.

 جاء في تقرير نشرته مؤخرا منظمة "أوكسفام" العالمية  (مؤسسة خيرية تأسست سنة 1942، تحت اسم "لجنة أوكسفورد للإغاثة من المجاعة) أن اصحاب المليارات في العالم يترأسون الشركات العالمية العملاقة ويبلغ عددهم 62 شخصا وهم يملكون مثل ما يملكه نصف سكان الأرض مجتمعين وهم يشكلون كما يقال "حكومة الظل العالمية التي تعمل من وراء الكواليس" .

ويقول التقرير إن نصف هذه المجموعة (المؤلفة من 62 شخصا) يتواجدون في الولايات المتحدة وهناك 8 منهم من الصين و3 من هونغ كونغ والباقون من أوروبا وبقية العالم.

والسؤال المطروح الآن هل ستخلق الصين "حكومة ظل عالمية" خاصة بها أو ستنصهر في حكومة الظل العالمية الحالية؟ .

 

 

 

 

 

 

 

 

يمين الصفحة
شمال الصفحة