مقبرة باب الرحمة.. شاهدة على عظمة الإسلام وتاريخ صلاح الدين.. الاحتلال يعبث بالمقدسات ويغير التاريخ .. ومنظمات الهيكل تدعو المتطرفين لاقتحام الأقصى

 

السرقة، كلمة تعني السطو على حقوق الغير والفرار بها دون وجه حق؛ ولكن في قضية القدس الشريف والاحتلال الإسرائيلي فالأمور مختلفة ليس لكونها أكبر حادث للسرقة في التاريخ؛ ولكن لما يحدث من تغيير وطمس للحقائق التاريخية الواضحة المعالم في واحدة من أبشع وأشر الخطط التي عرفتها الإنسانية.

وشهد العالم منذ عشرينيات القرن الماضي، العديد من الأحداث التي ضاقت بها الأرض متمثلة في الحرب العالمية الأولى والثانية، وتحت زريعة التغريب ظهرت قوى الشر والظلام متمثلة فى الكيان الصهيوني الغاشم الذي سعى منذ نشأته لتدمير الأمم حتى ضاق به الغرب وأرسله إلى فلسطين العربية عقب أن ضاقت به أزقة أوروبا بعد ما أذاقها ويلات الحروب

وفي حلقة جديدة من حلقات الغدر والخسة والخيانة تجرأ المحتل الغاشم وتعدى من جديد على أحد المقدسات العربية والإسلامية المتمثلة في مقبرة باب الرحمة والتي شهدت انتصارات الملك العادل صلاح الدين الأيوبي.

وفي ذلك الصدد قال رئيس "أكاديمية الأقصى للوقف والتراث"، ورئيس قسم المخطوطات والتراث فى المسجد الأقصى المبارك، الدكتور ناجح بكيرات، إن طواقم الاحتلال وضعت اليوم الأسوار الحديدية فى محيط قبور مقبرة باب الرحمة الواقعة عند السور الشرقى للمسجد الأقصى، ما يعنى مصادرة مساحة مهمة من المقبرة، لافتا إلى أنه من الواضح تماما أننا نسلك نفس طريق ما جرى مع مقبرة "مأمن الله".

وأوضح بكيرات، أن الاحتلال فى الماضى قام بخنق مقبرة "مأمن الله" وصادر أكبر جزء منها، إلى أن تمكن من تغيير ملامحها عبر إنشاء مجمع تجارى يعرف حاليا باسم مجمع "ماميلا" التجارى، مشيرا إلى أنه هذه المرة تجرى المصادرة فى مقبرة باب الرحمة لصالح إنشاء قاعدة للقطار الخفيف الهوائى، مؤكدا أن مقبرة باب الرحمة ستؤكل يوما بعد يوم كما أكلت مقبرة مأمن الله، جاء تصريحات بكيرات، فى الوقت الذى تواصل فيه طواقم تابعة لما تسمى بـ"سلطة الطبيعة" التابعة للاحتلال الإسرائيلى، تحرسها قوة عسكرية، اليوم الاثنين، العمل فى اقتطاع جزء من مقبرة باب الرحمة الملاصقة للجدار الشرقى للمسجد الأقصى لصالح مشاريع تهويدية.

ولفت إلى أن الأوقاف الإسلامية ومعها أهل بلدة سلوان المتاخمة للأقصى، بل وأهل القدس جميعا يرفضون انتهاكات الاحتلال، مشيرا إلى أن هناك محاولة لرفع قضية فى اليونسكو من خلال الأردن، وأن الأوقاف تسير فى الإجراءات القانونية عن طريق الحكومة الأردنية خصوصا وأن المقبرة مسجلة فى اليونسكو من ضمن المواقع الإسلامية.

وشدد على أن الأمور بلغت حدا لا يمكن السكوت عليه فى كافة مناحى القدس، فالانتهاكات اليومية تزداد شراسة فى كل مكان فيها لاسيما بعد قرار ترامب نقل السفارة، واقتحامات المستوطنين للمسجد الأقصى متزايدة رغم أننا فى شهر رمضان المبارك، والانتهاكات فى منطقة باب العامود (أحد أبواب البلدة القديمة المؤدية إلى الأقصى) من اعتقالات ومضايقات وتضييق على رواد الأقصى تخنق المنطقة يوما بعد يوم، مشيرا إلى أن القدس تمر بمرحلة خطيرة من التهويد وتغيير ملامحها الشرقية الإسلامية، واختتم تصريحاته متسائلا، "ماذا يمكن لشعب أعزل أن يفعل غير أن يرابط ويحتج؟"، معربا عن أمله أن تكون هناك حاضنة عربية تستطيع أن تقف أمام تغول الاحتلال الإسرائيلى.

وتعد مقبرة باب الرحمة من أقدم المقابر الإسلامية فى فلسطين، وفيها دفن مئات الشهداء والأولياء ووجهاء المدينة المقدسة، إضافة إلى دفن عدد من الصحابة فيها أبرزهم شداد بن أوس، وعبادة بن الصامت، أما مقبرة مأمن الله - والتى تبعد حوالى كيلومترين اثنين عن باب الخليل، بمساحة 200 دونم (كيلومتر مربع) وكانت تضم أيضا رفات وأضرحة أعلام وصحابة وشهداء وتابعين مسلمين كثيرين- فقد خضعت منذ احتلال القدس عام 1948 للعديد من المخططات الإسرائيلية لطمس معالمها وتحويلها إلى مشاريع عدة.

وقد تم تنفيذ عدد منها، حيث تحول جزء كبير منها إلى حديقة عامة؛ يقام فيها المهرجانات والاحتفالات اليهودية، وتم شق الطرق فيها، وفى الآونة الأخيرة بدأ العمل لإقامة العديد من المشاريع؛ منها مجمع "ماميلا" التجارى وإقامة "متحف التسامح"، حيث تم جرف جزء كبير من المقبرة ونبش قبورها أيضا، وتقوم الحكومة الإسرائيلية بشكل تدريجى بتنفيذ هذه المشاريع التى تشكل جزءا من تهويد مدينة القدس وذلك لإخفاء معالمها الإسلامية العريقة.

ومن جانبه قال مدير الإعلام فى دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، فراس الدبس، أن ما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلى من اعتداءات على مقبرة الرحمة الملاصقة للمسجد الأقصى المبارك هو انتهاك صارخ لمقبرة إسلامية، مشيرا إلى أن الاحتلال الإسرائيلى يحاول السيطرة عليها لإقامة حدائق توراتية وقواعد تلفريك هوائى (قطار هوائى) ما بين جبل الطور حتى حائط البراق ومنطقة باب الرحمة (وهو أحد أبواب الأقصى المغلق منذ عهد صلاح الدين الأيوبى).

وأشار الدبس إلي أن هناك قرارا إسرائيليا بالتصعيد والانتهاك فى محيط المسجد الأقصى، محذرًا من خطورة الأوضاع لاسيما وأن الاحتلال يحاول فرض واقع جديد بإقامة حدائق توراتية تمتد من القصور الأموية من جنوب الحائط الغربى حتى مقبرة باب الرحمة للسيطرة على باب الرحمة وفتحه من باب الأطماع اليهودية فى المنطقة من بلدة سلوان ومنطقة وادى حلوة والتى يطلق عليها اليهود "مدينة داوود" وتمتد حتى باب الرحمة.

وقال إن المخطط اليهودى أصبح قيد التنفيذ مثلما نرى ونتابع وإن سلطات الطبيعة والآثار وبلديات الاحتلال هى كلها مؤسسات تعمل من أجل تهويد مدينة القدس وليس على خدمتها أو العمل كدولة محتلة تقوم بالحفاظ على الأماكن التاريخية كما طلبت اليونسكو وطلبت المنظمات الدولية، مؤكدا أنها تعمل على تغيير الواقع وتغيير التاريخ من قبل هذه الانتهاكات فى الآونة الأخيرة.

وتبلغ مساحة مقبرة الرحمة حوالى 23 دونما (الدونم ألف متر)، وهى تحت إشراف جمعية مسؤولة عن المقابر ، بالإضافة إلى أن أهالى منطقة سلوان دفنو أمواتهم هناك، ما يمثل انتهاك صارخ لقدسية الموت.

وأضاف مدير الإعلام فى دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس أن منظمات الهيكل المتطرفة دعت أنصارها عبر حملة إلكترونية، إلى تكثيف الاقتحامات بحيث يتجاوز عدد المقتحمين للأقصى، أكثر من ألفى مستوطن، تيزامنا مع ما يسمى "ذكرى احتلال القدس، مؤكداً ان للقدس رجال بعزيمة لا تلين، مطالباً الأمة العربية والعالم كله بالتدخل لوقف الإنتهاكات الإسرائيلية والحركات الصهيونية المتطرفة

يمين الصفحة
شمال الصفحة