فرنسا تستكمل برنامجها الوطني للدفاع الفضائي النشط بحلول 2025

?????

?????

بات الاندماج الكامل لمنظومات دفاع الجو والفضاء في جيوش بلدان العالم المتقدمة، حقيقة واقعة في كثير من بلدان العالم المتقدم، ويؤكد الخبراء أن الأمر قد لا يتعدى أعواما قليلة لتصبح القوات الجوية في غالبية بلدان العالم المتقدمة في حقيقة أمرها قوات "جو - فضائية".

وتتحرك فرنسا سريعًا لمجابهة هذا الواقع الجديد من خلال استراتيجية دفاع فضائي متكاملة الأبعاد، وتدفع وزيرة الدفاع الفرنسية فلورانس بيرلى بقوة صوب تطوير القدرات الدفاعية الفرنسية في الفضاء الخارجي، واعتمدت الوزيرة الفرنسية تمويلًا إضافيًا لهذا الغرض قيمته 700 مليون يورو؛ لتعزيز برنامج الدفاع الفضائي وبرامجه حتى العام 2025 لتصل بذلك جملة الاعتمادات المرصودة لهذا البرنامج إلى 3ر4 مليار يورو.

وبإعلان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في منتصف يوليو الماضي إنشاء قيادة فضائية للجيش الفرنسي وتشغيل تلك القيادة في سبتمبر الجاري تكون فرنسا قد دخلت مرحلة جديدة في عالم الدفاع المتقدم كقوة عالمية مؤثرة، كما تؤكد القيادة الفرنسية على أهمية ما يؤكده المراقبون من وجوب مسايرتها كشريك في حلف شمال الأطلنطي لما سبقته إليها الولايات المتحدة بإنشاء أول قيادة فضائية في تاريخ الجيش الأمريكي مطلع العام الجاري.

وتتخذ القيادة الفضائية الفرنسية الجديدة من قاعدة تولوز مقرًا لها، وهي القاعدة التي كانت في أساسها مقرًا لبرنامج /إيرباص/ في فرنسا، كما انتدبت وزارة الدفاع الفرنسية 220 من خبراء الفضاء لبدء تشغيلها.

وبحسب المراقبين تتجه فرنسا شيئًا فشيئًا صوب ذات الاتجاه الذي سلكته الولايات المتحدة، وهو تحويل السلاح الجوي الأمريكي في بلدان العالم إلى سلاح / جو – فضائي / في غضون أعوام قليلة من الآن وهو الاتجاه الذي سارت صوبه دول عظمى كروسيا والصين.

وتؤكد وزارة الدفاع الفرنسية أن برنامج الدفاع الفضائي الفرنسي يعطي بعد الاستكشاف المعرفي للفضاء أهمية قصوى ويضع الجمهورية الفرنسية على قدم المساواة مع بلدان العالم الكبرى التي لديها بصمة معرفية جيدة للفضاء.

وفي تصريحات لها عقب تفقدها إحدى المنشآت الدفاعية / الجو – فضائية / نشرها الموقع الرسمي لوزارة الدفاع الفرنسية، أكدت الوزيرة بيرلى على أن استراتيجية الردع الدفاعي الفضائية لفرنسا هي استراتيجية "دفاعية نشطة" في الأساس وأن برنامج الدفاع الفضائي الفرنسي برغم طموحه و جرأته لن يكون "هجوميًا" فضلًا عن كون هذا البرنامج متوافق أيضًا مع إحكام القانون الدولي المنظمة للفضاء الخارجي.

في نهاية ستينيات القرن الماضي وبينما كان العالم مذهولًا باكتشافات الفضاء وهبوط رواد الفضاء من روسيا والولايات المتحدة على سطح القمر، تنبه المجتمع الدولي مبكرًا إلى ما قد يترتب على السباق على الفضاء الخارجي بين قواه الكبرى من صراعات فكان ذلك دافعا لإبرام اتفاق دولي لتنظيم استخدامات الفضاء الخارجي للأرض، وتنص أحكام الاتفاقية الدولية لتنظيم استخدامات الفضاء الخارجي الموقعة في عام 1967 على عدم جواز قيام أي بلد في العالم باحتكار المجال الفضائي للأرض تحت أي زعم أو السعي لاحتلال أجزاء من الكواكب الأخرى بما في ذلك القمر أو الادعاء بالسيادة على المجال الفضائي ومكوناته.

كما تنص الاتفاقية كذلك على مسئولية كل بلد عن الأقمار الاصطناعية التي تطلق في الفضاء الخارجي حتى ولو تم الإطلاق عبر مؤسسات غير حكومية وأن تتحمل حكومات الدول تبعات كل ما يترتب على عملية الإطلاق.

ومنذ تسعينيات القرن الماضي، تقوم فرنسا بتشغيل شبكة من الرادارات الأرضية المخصصة لمراقبة الفضاء الخارجي في الطبقات التي تعلو الغلاف الجوى لفرنسا وذلك فيما عرف آنذاك بشبكة SSA والتي تشبه في تصميمها شبكة الجدار الفضائي الأمريكية US Space Fence التي تعد شبكة رادارية موجهة للفضاء طورتها واشنطن في مطلع تسعينيات القرن الماضي وسارت فرنسا على نفس اتجاهها.

وبحسب الخبراء فإن كلا الشبكتين الراداريتين الفضائيتين بإمكانهما رصد أية أجسام فضائية بحجم صندوق الأحذية من على مسافة 1500 كم في الفضاء الخارجي لفرنسا والولايات المتحدة وكلتاهما متصلتان بتليسكوب فضائي له مركز تحكم على الأرض.

وبحسب الخبراء كذلك فإن الجديد الذي طورته واشنطن وباريس في مجال الدفاع الفضائي هو نقل مراكز الترصد من الأرض إلى الفضاء عبر الأقمار الاصطناعية الصغيرة، وتعمل مؤسسة ثالز الفرنسية بالتعاون مع قطاع الفضاء في مؤسسة ايرباص الأوروبية لبناء أربعة أقمار اصطناعية من طراز / سيراكوزا – 4 /.

وشرحت الوزيرة الفرنسية في تصريحاتها أوجه التشابه بين استراتيجية الدفاع الفضائي النشط لبلادها وبين استراتيجية الدفاع الفضائي الأمريكية في مقاومة كلا البرنامجين لأقمار التجسس الخارجية التي تعد العدو الأول لبرامج الدفاع الفضائي وكذلك تهدف استراتيجية الدفاع الفضائي الفرنسية إلى التصدي للأقمار الاصطناعية التجسسية من خلال شبكة وطنية من الأقمار الاصطناعية المتناهية الصغر تخص فرنسا وذلك أسوة بما تمتلكه الولايات المتحدة من شبكة أمريكية للأقمار متناهية الصغر، و يذكر في هذا الصدد أن الدوريات العسكرية الأمريكية المتخصصة تطلق على هذا النوع من الأقمار الاصطناعية "حراس الفضاء الخارجي".

وتعتبر واشنطن وكذلك فرنسا أن الدور الذي تقوم به واشنطن تلك الأقمار الاصطناعية في الفضاء هو ذاته الدور الذي يقوم به جنود حرس الحدود الأمريكي على الأرض وتطلق واشنطن على برنامجها الوطني لحراسة الفضاء الخارجي للولايات المتحدة مسمى US Geosynchronous Space Situational Awareness Program (GSSAP) وتتولى مؤسسة /ثالز/ الفرنسية المتخصصة في أقمار الفضاء الاصطناعية مهمة التطوير الأساسي لمنظومة الدفاع الفضائي النشط الفرنسية.

وتعتمد المنظومتان الفرنسية والأمريكية على تكنولوجيا الليزر المحايد الموجه للتصدي للأهداف الفضائية المعادية وهي تكنولوجيا متطورة يتولى مايك جريفين وكيل وزارة الدفاع في فرنسا للهندسة والبحوث مسئولية الإشراف عليها وفق منظومة تكنولوجية معقدة تعتمد على الأشعة تحت الحمراء ذات السرعة الفائقة في الوصول إلى الأقمار المعادية وإخراجها من مدارها ومن ثم تحييد تهديدها.

يمين الصفحة
شمال الصفحة