ساهمت الاكتشافات الحديثة للغاز الطبيعى في استعادة مصر لمكانتها في صناعة البترول والغاز الطبيعى على الصعيدين الإقليمي والدولي.
وفي الوقت الذي تساهم فيه هذه الاكتشافات الضخمة في احداث طفرة اقتصادية فإنها لا تزال تستوجب بذل المزيد من الجهد والعمل المشترك لتحقيق أفضل نتائج التى تزيد من الجدوى الاقتصادية للموارد الطبيعية وتسهم في جذب المستثمرين وتشجيع الشركات العالمية على العمل بتلك المناطق والدخول للاستثمار في المناطق التى تتضمن تحديات استكشافية كبيرة وتتطلب استثمارات كبيرة وتكنولوجيات عالية لمواجهتها.
وفى سبيل تحقيق هذا الهدف تناولت إحدى جلسات مؤتمر الموك 2019 "البحث والاستكشاف في عصر التحول الرقمى" إدارة الدكتور أحمد صلاح نائب رئيس شركة ايجاس للإتفاقيات والإستكشاف سابقا.
وأشار "صلاح"، إلى أن قطاع البترول يعد محرك النمو في البلاد بفضل الاكتشافات البترولية الاخيرة في المياة العميقة في البحر المتوسط ودلتا النيل والتي تقدم فرصًا جديدة لقطاع البحث والاستكشاف المصري مضيفا أن التكنولوجيا أصبحت قاسما مشتركا وعاملا هاما للمساهمة في عملية تحول مصر لمركز محوري للطاقة باعتبارها القوة الدافعة نحو المستقبل ومواكبة التطورات.
وخلال الجلسة أكد الدكتور سمير رسلان نائب رئيس شركة ايجاس للاتفاقيات والاستكشاف أن ثلثى مناطق الامتياز في مصر ما زالت بكرا لم تكتشف بعد، مشيرا ان وزارة البترول والثروة المعدنية قامت من خلال مشروع تطوير وتحديث القطاع باستحداث وتطبيق آليات جديدة غير تقليدية لتشجيع وزيادة الاستثمارات في مجال البحث والاستكشاف واستغلال الثروات البترولية والغازية لتطوير نماذج الاتفاقيات البترولية وخاصة في المناطق الجديدة.
وأكد أن مصر تتمتع بيئة عمل جيدة تجمع بين الاستقرار السياسى والأمني في ظل اقتصاد متعاف خاصة بعد صدور تشريعات جديدة تعمل على تحرير السوق مثل قانون الاستثمار وقانون تنظيم شئون الغاز فضلا عن اعادة هيكلة منظومة الدعم واستقرار العملة وزيادة معدلات النمو مما يعمل على تحفيز المستثمرين على العمل ويحقق التوازن بين الدولة والمستثمر الأمر الذى يمثل رسالة مهمة للشركاء الأجانب والشركات العالمية المهتمة بالاستثمار في صناعة البترول. وفى هذا الاطار تم بدء خطوات تنفيذ مشروع إنشاء بوابة مصر الإلكترونية لتسويق المناطق البترولية والاستكشاف بالتعاون مع شركات عالمية متخصصة بما يسهم في جذب استثمارات الشركات العالمية والترويج لهذه المناطق والفرص الاستثمارية البترولية بمفهوم عصرى متطور.
واستعرض رسلان مناطق البحث والاستكشاف في مصر في شرق وغرب المتوسط ومنطقة البحر الأحمر وجنوب مصر، مشيرا إلى أن البحر المتوسط يعد رافدا رئيسيا ومنبعا هاما من منابع استكشاف واستخلاص الغاز الطبيعي وهذا ما أثبتته الاستكشافات الحديثة والتي تمثل عصور جيولوجية مختلفة وبنظرة سريعه إلى تلك الاستكشافات الضخمة التي تم إزاحة الستار عنها مؤخرًا بالبحر المتوسط ودلتا النيل التي جعلته أحد أهم وأشهر الدلتاوات في العالم أجمع. ولكنه يحتاج إلى مزيد من الاستكشافات لاحتواءه على مخزون هائل من الغاز الذي لم يتم اكتشافه بعد، ولذلك يقوم المتخصصين بالشركة القابضة للغازات الطبيعية (إيجاس) بدراسة الأماكن المختلفة لتحديد مخزون الغاز الخاص بها وتحديد أماكن تواجدها بالعصور الجيولوجية المختلفة ثم طرحها عن طريق مزايدة عالمية من خلال وزارة البترول المصرية لتقوم الشركات الأجنبية بالبحث والتنقيب واكتشاف الخزانات والحقول المحتويه للغاز.
كما أشار إلى أنه تم ترسيم 4 مناطق بشرق المتوسط كما تم الانتهاء من الإجراءات الخاصة بـ 11 منطقة في غرب المتوسط من اجمالى15 منطقة مشيرا ان احتياطيات الغاز الطبيعى في غرب المتوسط تصل إلى 37 مليار متر مكعب و17 الف برميل مكافىء وأضاف أن المشروعات التي تم الانتهاء منها بلغ إجمالي استثماراتها 10.6 مليار دولار وتشمل كل من استكمال مراحل إنتاج حقل ظهر والمرحلة الثانية من حقول شمال الإسكندرية وغرب دلتا النيل والإنتاج المبكر من المرحلة 9ب بالمياه العميقة في غرب الدلتا والمرحلة الثانية من حقل دسوق ومشروع خط ابوماضى – الجميل لنقل إنتاج حقل نورس إلى محطة المعالجة بمنطقة الجميل ببورسعيد.
كما تم الانتهاء من تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع المسح السيزمى لمنطقة غرب المتوسط بإجمالى يصل إلى 22 الف كم كما تم تنفيذ مسح سيزمى ثنائى وثلاثى الابعاد بمنطقة دلتا النيل.
وأضاف أن الفترة القادمة ستشهد نشاطًا مكثفًا في أعمال البحث والاستكشاف والإنتاج بمنطقة البحر الأحمر، وذلك بعد الانتهاء من تقييم العروض المقدمة من شركات البترول العالمية؛ للمشاركة في أول مزايدة عالمية للبحث والاستكشاف عن البترول والغاز بهذه المنطقة البكر. كما انه جارى الإعداد لطرح مناطق جديدة للبحث عن الغاز في البحر المتوسط في مزايدة عالمية خلال العام المالى الحالي 2019/2020.
كما ان الفترة القادمة ستشهد أيضًا مشروع تجميع البيانات الجيوفيزيقية بالمناطق البرية المفتوحة بصعيد مصر والمخطط البدء في تنفيذه خلال العام المالي الحالي باستخدام تقنية جديدة تنفذ للمرة الأولى في أفريقيا والشرق الأوسط؛ تمهيدًا لطرح مزايدات جديدة للبحث عن البترول والغاز بهذه المناطق، مما يساهم في فتح أفاق جديدة؛ لجذب المزيد من الاستثمارات وتوافد الشركات العالمية؛ لتحقيق اكتشافات جديدة تعزز وتعظم من إنتاج واحتياطي مصر من البترول والغاز.
وأشاد كريم بدوى الرئيس الإقليم لشركة شلمبرجير بمشروع تطوير وتحديث قطاع البترول الذى يعمل على تشجيع الاستثمار وتزليل العقبات امام المستثمرين بطريقة علمية وعملية مشيرا إلى حرص شركته على تعزيز التعاون مع مصر في الاستثمار في العنصر البشري، ودعم عمليات التحول الرقمي، إضافة إلى أنشطتها في مجال الخدمات الفنية الخاصة بحقول إنتاج البترول والغاز. موضحا أهمية مشروع بوابة مصر الإلكترونية لتسويق المناطق البترولية والاستكشاف، الذي يتماشى مع الاتجاه العالمي لدعم التحول الرقمي، ويتيح للشركات العالمية التعرف على الفرص الاستثمارية للبحث عن الثروات البترولية، والترويج لها بآليات عملية لجذب الاستثمار بما يدفع الشركات البترولية العالمية إلى ضخ استثمارات جديدة لها في مصر.
واختتم حديثه ان المناخ الاستثمارى الذى تشهده مصر حاليا يسعى إلى الحفاظ على مصالح جميع الاطراف لان الحكومة المصرية اصبحت مدركة ان مثل هذا القدر من التعاون سيؤدى إلى زيادة معدلات الإنتاج وخلق بيئة استثمارية ناجحة. كما لفت إلى ان قوة الشركات تقاس بمدى قدرتها على اتخاذ القرار الصحيح في الوقت المناسب وهذا يعتمد على دقة المعلومات المتاحة وسرعة تحديثها مع الحفاظ على أمان وسرية المعلومات وهذا ما تحققه البوابة الجديدة سواء فيما يخص تاريخ مناطق الاستكشاف أوالتكنولوجيا المستخدمة فيها أوالشركات التى سبق لها العمل في مناطق الامتياز ومدى نجاح عمليات الاستكشاف مما يقلل مخاطر الاستثمار ويحقق الخبرة من الدروس المستفادة من خلال بوابة معلوماتية سهلة الاستخدام تحقق الفهم المشترك بين جميع الاطراف.