تجدد الاحتجاجات وقطع الطرق في جنوب العراق

وسط أنباء عن عمليات اعتقال واغتيال وعبوات ناسفة استهدفت منازل الناشطين، فضلاً عن تزايد أعداد المصابين بنيران الأسلحة والغازات المسيلة للدموع التي تطلقها القوى الأمنية، تواصلت أمس المظاهرات الاحتجاجية في عموم مدن محافظة ذي قار الجنوبية، خاصة مركزها مدينة الناصرية. وتحدث ناشطون عن إصابة العشرات ومقتل أحد الناشطين.

وطبقاً لناشطين، فإن أعداد كبيرة من عناصر الأمن ومكافحة الشغب حاولت، أمس، اقتحام ساحة الحبوبي، وسط المدينة، لتفريق المتظاهرين الذين يلوحون بإعادة خيام الاعتصام إلى الساحة بعد رفعها مطلع شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي. وقال الناشط عباس السعداوي إن «المحتجين استعادوا السيطرة على ساحة الحبوبي، ولن يغادروها قبل تحقيق مطلبهم، بإيقاف ملاحقة المحتجين، وإطلاق سراح من ألقي القبض عليه منهم».

وأكد لـ«الشرق الأوسط» «اعتقال العشرات، وسقوط متظاهر قتيلاً بنيران القوات الأمنية في ساحة إبراهيم الخليل»، لكن مصادر أمنية أو مستقلة لم تؤكد مقتل الناشط. ويرى السعداوي أن «الناصرية محتلة من قبل (دواعش) الميليشيات الذين يحاولون الثأر من أبناء المدينة الذين حرقوا مقراتهم العام الماضي».

وعن أسباب تصاعد موجة الاحتجاجات خلال هذه الأيام، يقول الناشط غزوان عدنان إن «جماعات الحراك ضاقت ذرعاً بعمليات الاستهداف التي تطالهم من قبل جماعات مسلحة تعمل تحت مظلة القوات الأمنية، وباتت لا تثق بوعود الحكومة في محاسبة الجناة وقتلة المتظاهرين».

 

ويضيف لـ«الشرق الأوسط» أن «جماعات مسلحة قامت خلال أقل من شهر باستهداف منازل 18 ناشطاً بالعبوات والقنابل الصوتية، من دون أن تتخذ السلطات أي إجراء لردع تلك الجهات»، مشيراً إلى أن «هناك اعتقاداً شائعاً بأن جماعات قريبة من التيار الصدري تقف وراء ذلك، وأيضاً تتهم جماعات الحراك قائد الشرطة بالتواطؤ مع تلك الجماعات، وتطالب بإقالته».

من هنا -والكلام لعدنان- فإن «الناشطين يخشون اليوم أن تطالهم الاعتقالات والهجمات بالعبوات والقنابل، إذا ما التزموا الصمت ولم يتحركوا للدفاع عن أنفسهم، ويتوقعون مصيراً مماثلاً لمصير زملائهم الذين استهدفوا خلال الأيام الماضية، لذلك قاموا بتحركهم الأخير».

ويؤكد أن «الاحتجاجات الأخيرة اعتمدت أسلوب قطع المناطق وعزلها بواسطة الإطارات المحترقة، واليوم قطعت معظم الأحياء في الناصرية، وكذلك في بعض الأقضية والنواحي في المحافظة، بهدف الضغط على السلطات، وإيقاف عمليات الاعتقال والاستهداف ضد الناشطين».

وتحدثت وسائل إعلام محلية في الناصرية عن قيام عشرات المحتجين بقطع الطريق الرابط بين مدينة الناصرية وقضاء الجبايش، احتجاجاً على اعتقال ناشطين في المحافظة. وتحت ضغط الاحتجاجات التي فجرها اعتقاله، أطلقت السلطات المحلية في وقت لاحق من يوم أمس سراح الناشط إحسان الهلالي وبقية المعتقلين.

وكانت الحكومة الاتحادية في بغداد قد شكلت، مطلع الشهر الماضي، خلية لإدارة الأزمة في ذي قار مؤلفة من كبار المسؤولين في الأجهزة الأمنية، وعينت مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي رئيساً لها. وفيما نجحت الخلية في إقناع جماعات الحراك برفع خيام الاعتصام في الحبوبي والعودة إلى منازلهم، يرى ناشطون أنها لم تفعل الشيء الكثير حيال قضية استهداف الناشطين، ومحاسبة المتورطين بعمليات القتل والاختطاف. وبدورها، دعت المفوضية العليا لحقوق الإنسان في العراق، أول من أمس، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى «تولي الملف الأمني في المحافظة الذي شهد كثيراً من الانتكاسات والانتهاكات، ومعالجة الملفات كافة، وإعادة الأمن لهذه المحافظة، وإيقاف مسلسل الاغتيالات والخطف وتقييد الحريات»، طبقاً لبيان صادر عنها. وقالت إنها «راقبت من خلال فرقها الرصدية الأحداث الجارية في محافظة ذي قار خلال اليومين الماضيين التي وثقت فيها حصول حالات اغتيالات واختطاف، وحصول مصادمات بين المتظاهرين والقوات الأمنية، استخدمت فيها القوات الأمنية الغازات المسيلة للدموع والرصاص الحي والمطاطي، كما استخدم المتظاهرون الحجارة ضد القوات الأمنية».

وذكرت أن إجمالي الإصابات بلغ «43 إصابة بين صفوف المتظاهرين والقوات الأمنية، مع اغتيال (2)، تلتها حملة اعتقالات قامت بها القوات الأمنية ضد ناشطين ومتظاهرين، حيث تم اعتقال 30 متظاهراً، بينهم صحافي». وناشدت المفوضية الأطراف كافة التهدئة وضبط النفس.