الرئيس عبد الفتاح السيسي
«إن مصر تدير علاقاتها الخارجية إقليميا ودوليا بثوابت راسخة ومستقرة، قائمة على الاحترام المتبادل والجنوح للسلام وإعلاء قواعد القانون الدولى»، لم تكن مجرد عبارة موجزة ذات طابع سياسى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، لكنها كانت بمثابة مفتاح وعنوان واضح لمنهاج عمل وخريطة طريق لمحددات سياسة خارجية ناجحة وناجزة تثبت كل يوم بثقة واقتدار قوتها ومصداقيتها على المستويين الإقليمى والدولى، وتثبت معها كل يوم انعكاساتها ومردودها الإيجابى على تعزيز الجبهة الداخلية ومكتسبات ومصالح الشعب المصرى.
وبحكمة القائد وضع الرئيس عبدالفتاح السيسى عناوين لمصر المستقبل امتزجت فيها عناصر السياسة الخارجية بعناصر تقوية جبهة مصر الداخلية، انتقلت بها مصر من مرحلة استعادة تماسك مؤسسات الدولة إلى مرحلة فرض هيبة الدولة المصرية وإنفاذ إرادتها على الساحة الدولية .
ومع إدراك القيادة المصرية قبل ومنذ توليه مقاليد الحكم لحجم وعمق التحديات الخارجية، لكنه كان دوماً تملؤه الثقة في قدرة مصر وشعبها على تحويل كل تحد لفرصة.. وظل الرئيس السيسى يؤكد كل يوم أن أحلامه لمصر العظيمة تماثل إيمانه الراسخ بقدرات شعبها ووعيه.
وفى هذا الإطار.. شهدت السياسة الخارجية المصرية نشاطا مكثفا على مدار السنوات السبع الماضية، حيث ارتكزت على الحفاظ على المصالح الوطنية وتحقيق التوازن والتنوع فى علاقتها مع مختلف دول العالم شرقا وغربا وفتح آفاق جديدة للتعاون من مبادئ السياسة المصرية القائمة على تعزيز السلام والاستقرار في المحيط العربي والإقليمى والدولي، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية للدول، ودعم مبدأ الاحترام المتبادل وتعزيز التضامن، والتمسك بمبادئ القانون الدولى.
إنجازات عديدة ونشاط مكثف للسياسة الخارجية المصرية منذ عام 2014 للانطلاقة نحو المستقبل، أبرزها بالتفصيل كتاب "الرؤية والإنجاز.. مصر تنطلق" الذى وقّع الرئيس عبدالفتاح السيسى على نسخته الأولى أمس الأول خلال افتتاحه عددا من المشروعات القومية بصعيد مصر.
وأشار الكتاب إلى أن السياسة الخارجية لمصر تحرص أيضا على دعم دور المنظمات الدولية، إلى جانب الاهتمام بالبعد الاقتصادى للعلاقات الدولية، فضلا عن توحيد القوى العالمية بشأن العديد من القضايا التي تبنتها، وعلى رأسها قضايا الإرهاب والهجرة غير الشرعية واللاجئين، ما عزز من قوة مصر ودورها إقليميا ودوليا.
"إن مصر تدير علاقاتها الخارجية إقليميا ودوليا بثوابت راسخة ومستقرة، قائمة على الاحترام المتبادل والجنوح للسلام وإعلاء قواعد القانون الدولى".. تلك هى محددات السياسة الخارجية التى أكد عليها الرئيس عبدالفتاح السيسى.
وخلال السبع سنوات الماضية حققت مصر نجاحات عديدة لاسيما على صعيد تعزيز المشاركات الدولية وتحقيق الريادة الدبلوماسية المصرية ، ففازت مصر بالعضوية غير الدائمة لمجلس الأمن لعامى 2016-2017، كما انضمت مصر لعضوية مجلس حقوق الإنسان فى يناير 2017 وتم انتخابها نائبا لرئيس المجلس فى العام ذاته.. وترأست مصر مجموعة الـ77 والصين لعام 2018، كما ترأست الاتحاد الإفريقى فى عام 2019، وأعيد انتخاب مصر كعضو فى لجنة السلام بالأمم المتحدة 2021/ 2022، بخلاف كون مصر سابع أكبر مساهم بعمليات حفظ السلام التابع للأمم المتحدة.
وتقدمت مصر بالمؤشر العالمى للقوة الناعمة منذ إصداره فى عام 2020، لتحتل المرتبة الـ34 فى العام 2021 بعد أن كانت فى المرتبة الـ38 فى عام 2020.
وخلال السنوات السبع أصبحت مصر نموذجا دوليا ناجحا فى محاربة الهجرة غير الشرعية ودعم اللاجئين، فلم يخرج من سواحلها مركب واحد محمل بالمهاجرين غير الشرعيين منذ 2016، كما يوجد على أرض مصر أربعة ملايين مهاجر ولاجئ يتمتعون بكافة الخدمات الأساسية.
وحرصت مصر على مدار السنوات السبع الماضية على تعميق علاقاتها الخارجية على كافة المستويات الإقليمية والدولية.. فعلى مستوى العالم العربى، لم تألُ القاهرة جهدا لوضع نهاية للأزمة الليبية، حيث تؤكد مصر ضرورة التوصل إلى تسوية شاملة ومستدامة للأزمة الليبية تحافظ على وحدة وسلامة الأراضى الليبية، واستعادة دور مؤسسات الدولة الوطنية ومحاربة الإرهاب، وذلك من خلال استضافة مدينة الغردقة اجتماع الأطراف الليبية في إطار اللجنة الدستورية فضلا عن استضافة لجنة 5+5.
كما استضافت مصر ملتقى القبائل الليبية عام 2015، واستضاف رئيس الجمهورية أعيان القبائل الليبية فى عام 2020.. فضلا عن مشاركة مصر فى مؤتمرى برلين 1 و2 لحل الأزمة الليبية.
وعقدت مصر في إطار مساعيها لحل الأزمة الليبية أيضا اجتماعا وزاريا ضم وزراء خارجية فرنسا واليونان وقبرص وإيطاليا، وشاركت في الاجتماعات الوزارية لدول جوار ليبيا والتي عقدت بالتناوب بين مصر وتونس والجزائر.
وفيما يخص القضية الفلسطينية.. تؤكد مصر موقفها الثابت من القضية ودعم الحقوق المشروعة للشعب الفلسطينى، حيث استضافت مؤتمر إعادة إعمار غزة فى عام 2014 بالقاهرة، وأطلقت المبادرة المصرية لإعادة إعمار غزة وتقديم مساعدات قيمتها 500 مليون دولار للقطاع.
ومن ناحية أخرى.. تحرص مصر على تقديم أوجه الدعم للشعب السوداني الشقيق وتنسيق المواقف المختلفة في ظل الروابط العميقة التى تربط بين البلدين وتوحيد الرؤى خاصة فيما يتعلق بأزمة سد النهضة.
وفى إطار دعم السودان الشقيق.. شاركت مصر في المبادرة الدولية لتسوية ديون السودان، كما شارك رئيس الوزراء فى حفل التوقيع على اتفاق السلام التاريخى بين الحكومة السودانية والحركات المسلحة بالجبهة الثورية والذي عقد فى جوبا فى شهر أكتوبر 2020، فضلا عن تقديم مصر خدمات طبية لأكثر من 16000 حالة متضرر من السيول فى سبتمبر 2020.
وفيما يتعلق بدول الخليج العربى.. تعمل مصر على تعزيز التعاون مع دول الخليج وتؤكد دوما ارتباط أمن الخليج بأمن مصر القومى؛ وذلك من خلال تعزيز الزيارات الرسمية المتبادلة مع مختلف الدول الخليجية على مستوى القمة والمستويات الوزارية والفنية.. كما شارك رئيس الجمهورية فى القمة العربية الإسلامية الأمريكية فى عام 2017 في الرياض بالمملكة العربية السعودية، وشارك وزير الخارجية سامح شكرى فى قمة مجلس التعاون الخليجى الـ41.
ولم تدخر القاهرة جهدا- على مدى السنوات السبع الماضية- لدعم الدول الشقيقة في وقت الأزمات، ومن بينها لبنان، حيث شاركت بفعالية فى مؤتمر دعم لبنان الذى نظمته الأمم المتحدة، كما تساند باستمرار الشعب اللبناني لتجاوز أزمته الراهنة.
وفى هذا الصدد، تم الاتفاق على خارطة طريق لنقل الغاز المصري إلى لبنان عبر الأردن وسوريا.. كما قام رئيس مجلس الوزراء بزيارة إلى بيروت فى عام 2019 حيث أجرى سلسلة من اللقاءات مع عدد من المسئولين اللبنانين وترأس الجانب المصري في أعمال اللجنة العليا المصرية اللبنانية.
ومنذ عام 2014.. تعمل مصر على توثيق علاقاتها مع الدول العربية الشقيقة حيث تم تدشين آلية التعاون الثلاثي بين مصر والأردن والعراق واستضافت مصر أول اجتماع في عام 2019.
وفى الوقت نفسه تواصل مصر جهودها باستضافة الأشقاء السوريين وتقديم كافة أوجه الدعم اللازمة لهم، كما قامت مصر وفي إطار مساعيها لمساعدة الأشقاء في وقت الأزمات بإرسال مساعدات طبية للحكومة اليمنية فى يوليو 2020 .
سنوات سبع استعادت مصر خلالها مكانتها في القارة الإفريقية وحرصت منذ عام 2014 على تعزيز علاقاتها مع الأشقاء الأفارقة والدفاع عن مصالح القارة وبلدانها فى كافة المحافل الدولية.
وأبرز الكتاب حرص رئيس الجمهورية على المشاركة في كافة القمم والاجتماعات الإفريقية، كما ترأس الرئيس لجنة رؤساء الدول والحكومات الإفريقية حول تغير المناخ لمدة عامين، وشارك الرئيس فى عام 2019 فى القمة الألمانية الإفريقية ببرلين والتي تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادى بين إفريقيا ودول مجموعة العشرين من خلال مشروعات مشتركة تسهم فى الإسراع بوتيرة النمو في القارة السمراء.
واستضافت مصر القمة التنسيقية الأولى بين الاتحاد الإفريقى والتجمعات الاقتصادية الإقليمية، وفعاليات منتدى إفريقيا 2019 بالعاصمة الإدارية الجديدة، فضلا عن تنظيم ملتقى الشباب الإفريقى في عام 2019.
من جانب آخر.. قام الرئيس بزيارة عدد من الدول الإفريقية، من بينها الزيارة التاريخية إلى غينيا في عام 2019 كأول زيارة لرئيس مصرى منذ 1965، وكذلك زيارة الرئيس الى كل من السنغال وكوت ديفوار فى 2019 وعقد عدد من الاتفاقيات وبحث الرؤية المصرية بشان منظومة عمل الاتحاد الرفريقى.. كما قام الرئيس بزيارة إلى النيجر لحضور القمة الاستثنائية للاتحاد الإفريقى في 2019 والتى تم خلالها إطلاق المرحلة التشغيلية لاتفاقية منطقة التجارة الحرة الإفريقية القارية.
كما تحرص مصر على دعم بلدان القارة، حيث قدمت المساعدات الطبية والمستلزمات الوقائية لأكثر من 30 دولة إفريقية لمساعدتها فى مجابهة انتشار فيروس كورونا.
وانطلاقا من الحرص على التنوع في علاقاتها مع مختلف دول العالم شرقا وغربا وفتح آفاق جديدة للتعاون.. أبرز الكتاب جهود مصر فى تعزيز العلاقات على مستوى دول الأمريكتين، فبالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية تم استئناف الحوار والتعاون الاستراتيجى مع الولايات المتحدة فى عام 2015، وتصدرت مصر قائمة الدول الإفريقية المستقبلة للاستثمارات الأمريكية المباشرة.
كما سلط الكتاب الضوء على زيارة الرئيس إلى الولايات المتحدة في عام 2017 تلبية لدعوة الجانب الأمريكى، وأيضا زيارة رئيس مجلس الوزراء لواشنطن فى أكتوبر 2019.
وشهدت السنوات السبع الماضية تكثيفا للزيارات التبادلية مع كندا والدول اللاتينية لتكوين العلاقات الثنائية بمختلف المجالات، بالإضافة إلى دخول اتفاقية التجارة الحرة الموقعة بين مصر وتجمع دول الميركسور حيز التنفيذ منذ سبتمبر 2017.
وعلى المستوى الأوروبى.. ركز كتاب "الرؤية والإنجاز.. مصر تنطلق" على ما شهدته العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبي من طفرة كبيرة على مدار السنوات السبع وهو ما عكسته استضافة مدينة شرم الشيخ أول قمة عربية أوروبية في فبراير 2019، واستضافة القاهرة للقمة الأولى من فعاليات آلية التعاون مع اليونان وقبرص فى عام 2014، واختيار القاهرة مقرا لمنظمة منتدى غاز شرق المتوسط بعد توقيع مصر على اتفاقية تأسيس المنتدى في عام 2019.
وأشار الكتاب كذلك إلى زيارة الرئيس إلى فرنسا للمشاركة في قمة مجموعة الدول الصناعية الكبرى في عام 2019 لعرض الرؤية الإفريقية إزاء سبل تحقيق السلام والتنمية المستدامة وترسيخ أسس الشراكة بين إفريقيا ودول المجموعة، وزيارة الرئيس الأولى إلى ألمانيا تلبية لدعوة المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل فى يونيو 2015، ومشاركة الرئيس عام 2019 فى أعمال مؤتمر ميونخ للأمن في ألمانيا لطرح الرؤية المصرية للتوصل لحلول سياسية لأزمات الشرق الأوسط، وكذلك جهودها في مكافحة الإرهاب والتطرف، وتوقيع اتفاقية شراكة بين مصر وبريطانيا عقب خروجها من الاتحاد الأوروبى لتعزيز التعاون التجاري وضمان استمرار المصالح الاقتصادية المشتركة بالإضافة إلى الزيارة التاريخية للرئيس إلى بيلاروسيا في عام 2019 كأول رئيس مصرى منذ إقامة العلاقات الرسمية بين البلدين في عام 1992.
وأبرز الكتاب تبادل الدعم السياسى على المستوى الإقليمى والدولي بين مصر وروسيا لتعزيز التعاون بين البلدين لاسيما فى ظل ما يواجه الطرفان من تحديات خارجية وداخلية، حيث شهدت السبع سنوات الماضية تسع زيارات متبادلة بين الرئيسين المصري والروسي منذ 2013، وذلك بخلاف زيارات الوفود رفيعة المستوى المتبادلة بين البلدين، وقيام الرئيس بزيارة روسيا فى ظل رئاسته الاتحاد الإفريقى، حيث ترأس مع نظيره الروسي أعمال القمة الروسية الإفريقية الأولى فى أكتوبر 2019.
وشهدت كذلك هذه الفترة عودة الطيران الروسي إلى شرم الشيخ والغردقة في أغسطس 2021 بعد توقف دام ست سنوات، وكذا تدشين آلية الحوار الاستراتيجى (2+2) والتوقيع على اتفاق الشراكة الشاملة والتعاون الاستراتيجى بين مصر وروسيا.
وفيما يخص فرنسا.. تطورت علاقات الصداقة التعاون بين مصر وفرنسا بشكل كبير خلال السنوات السبع الماضية حيث تبادل رئيسا الدولتين تسع زيارات، وتم التوقيع على عدد من اتفاقيات التعاون ومذكرات التفاهم بقيمة اجمالية 400 مليون يورو فى عام 2017، واتفاقيات ومذكرات تفاهم وُقّعت فى 2019 فى مختلف المجالات.
أما على المستوى الآسيوى.. فحققت العلاقات بين مصر والدول الآسيوية تقدما ملحوظا منذ عام 2014 وهو ما عكسه إدراج المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بقائمة مشاريع الممر البحرى لمبادرة الحزام والطريق الصينية، واتفاق مصر والصين على شراكة استراتيجية متكاملة عام 2014، حيث تعد مصر أكبر شريك للصين في القارة الإفريقية كما تأتى الصين كشريك تجارى أول لمصر.
وقام الرئيس بإلقاء خطاب أمام البرلمان اليابانى كأول رئيس عربي وثاني رئيس إفريقي في أول زيارة مصرية منذ أكثر من 15 عاما، كما شاركت مصر فى قمة منتدى الهند- إفريقيا 2015.. وفتحت مصر آفاقا جديدة للتعاون مع عدد من الدول الآسيوية والتى جسدتها زيارة الرئيس لدول إندونيسيا وسنغافورة وكازاخستان بالإضافة إلى زيارة الرئيس إلى فيتنام في 2017 كأول رئيس مصري منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين في عام 1983.
كما سلط كتاب "الرؤية والإنجاز.. مصر تنطلق" الضوء على بدء أعمال الوكالة المصرية للشراكة من أجل التنمية فى عام 2014 في إطار تعزيز جهود مصر بمجال التعاون الدولى خاصة بين دول الجنوب، حيث تم تنظيم 416 دورة تدريبية للكوادر من الدول الإفريقية ودول الكومنولث بمشاركة أكثر من 13 ألف متدرب.
وأوفدت الوكالة كذلك على مدار السبع سنوات 14 قافلة طبية للدول الصديقة وتم تقديم 180 معونة متنوعة من خلال أعمال الوكالة.
وشهدت السبع سنوات الماضية طفرة كبيرة على المستوى القنصلى، حيث تمت أكثر من 7ر1 مليون معاملة قنصلية سنويا تقدمها السفارات المصرية بالخارج، بخلاف التعامل بشكل ناجح مع أزمة المصريين العالقين بالخارج، وتسهيل استيراد المشتريات الأساسية من الأسواق العالمية خلال أزمة كورونا.