بات مصطلح "التغيرات المناخية" يتردد كثيرًا خلال الآونة الأخيرة، ولكن أصبح يتردد بقوة ويحظي بنصيب "الأسد" في حصاد وزارة البيئة لهذا العام، خاصة عقب إعلان فوز مصر باستضافة المؤتمر السابع والعشرين للدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة للتغيرات المناخية (27 COP)، والتحضيرات التي تنفذها مصر حاليًا لهذا المؤتمر الهام والمكاسب المتوقعة من استضافة المؤتمر وتسليط الضوء علي إنجازات الدولة المصرية في شتي المجالات لمدة عام كامل وهو مدة تولي الدولة الرئاسة.
علي المستوي الاقتصادي سيساهم المؤتمر في الترويج السياحي لمصر وجذب الاستثمارات من شراكات دولية وإقليمية، كما سيعمل علي الترويج للصناعة والمنتجات المصرية والحرف والصناعة التقليدية من خلال المعارض التي تقام علي هامش المؤتمر، وعلي المستوي السياسي سيتم توظيف المؤتمر للدفع بأولويات القضايا المصرية، وفي مقدمتها الأمن المائي المصري وتأثير تغير المناخ عليه، مع طرح مبادرات في مجال تغير المناخ والمياه، والآثار العابرة للحدود لجهود التكيف وخفض الانبعاثات، كما سيساهم المؤتمر في دعم الثقل الرئاسي والتواجد المصري في المحافل الدولية الرئيسية، وتعزيز العلاقة مع عدد من الشركاء الرئيسيين وتوسيع مجالات التعاون والتشاور لتأكيد ثقل مصر وقدرتها علي استضافة وإدارة المؤتمرات الدولية.
واستعرضت وكالة أنباء الشرق الأوسط - في تقرير لها اليوم - آراء خبراء البيئة في المشروعات التي تم تنفيذها لمحاربة التغير المناخي وحماية طبقة الأوزون والتي تم التنويه إليها في كتاب "الرؤية والإنجاز.. مصر تنطلق"، حيث أكد الدكتور عزت لويس رئيس وحدة الأوزون بوزارة البيئة، أن مصر نجحت في التخلص من نحو 99% من المواد شديدة التأثير علي طبقة الأوزون، وتواصل العمل للتخلص من أقل هذه المواد ضررًا وهي المواد الهيدروكلورفلوروكربونية HCFC’s ، وتم تجميد الاستهلاك السنوي وخفض الاستهلاك بنسبة (35%)، ومن المستهدف خفض الاستهلاك بنسبة (70%) بنهاية عام 2024، علي أن يتم التخلص التام من هذه المواد المستنفدة للأوزون قبل عام 2030.
واجتازت مصر بنجاح التحديات التي فرضها الالتزام بأحكام بروتوكول "مونتريال"، بفضل ثقة القطاعات الصناعية والخدمية في سياسات وزارة البيئة التي ترمي إلي تحقيق الامتثال لأحكام بروتوكول مونتريال بالصورة التي لا تتعارض مع التنمية المستدامة، حيث تحرص الوزارة علي مراعاة الصالح العام وتحقيق التوازن بين التنمية والبيئة.
وأشار لويس إلي التعاون الذي تم مع كافة الجهات المعنية والخبراء والشركات العاملة في مجال التبريد والتكييف والعزل الحراري لبناء قدرات الصناعة الوطنية وزيادة فرصتها في التصدير للأسواق الخارجية وتمكين الشركات الصناعية من التوافق مع هذه المستجدات والتغلب علي التحديات المستقبلية الخاصة بتلافي التغيير التكنولوجي المتكرر، ومنع إغراق السوق المحلية بتقنيات غير مستدامة، وتقليل الضغط علي قطاع الخدمات والصيانة بتقليل عدد البدائل المستخدمة في الصناعات المحلية، ومراجعة الأكواد الوطنية وتحديث المواصفات القياسية، وإعداد دليل بيئي عن الممارسات السليمة ومعايير السلامة البيئية في مهن التبريد والتكييف والعمل علي تطوير مناهج التعليم الفني، وتحديث مراكز وورش التدريب المهني والتعليم الفني لأقسام التبريد والتكييف، وإنشاء نظام لإصدار شهادات مزاولة مهن التبريد والتكييف للفنيين ومراكز الخدمة لمواكبة التحديات المصاحبة لاستخدام البدائل الصديقة للبيئة.
وحول المشروعات التي تم تنفيذها لمواجهة التغير المناخي والتي نوه إليها كتاب "الرؤية والإنجاز.. مصر تنطلق"، استعرض المهندس شريف عبدالرحيم رئيس الإدارة المركزية للتغيرات المناخية بوزارة البيئة، جهود مصر علي المستوي الوطني لمواجهة التغيرات المناخية، مشيرًا إلي أنه تم تشكيل مجلس وطني لتغير المناخ برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وعضوية كافة وزارات الدولة، ومقرر المجلس وزيرة البيئة، لرسم السياسات العامة للدولة فيما يتعلق بالتغيرات المناخية وربطها بالتنمية المستدامة.
وقال عبدالرحيم إنه لتخفيف آثار التغيرات المناخية تم تنفيذ عدة مشروعات، من بينها محطة بنبان للطاقة الجديدة والمتجددة، والتي تم إنشاؤها بتمويل من صندوق المناخ الأخضر، وكذلك مشروعات حماية الدلتا ونهر النيل التي تنفذها وزارة الري، وكذلك مشروعات للنقل النظيف ومشروعات البيوجاز، لافتًا إلي أن الحكومة تشجع البنوك لجذب المستثمرين العاملين في المشروعات الخضراء ومنخفضة الكربون، بالتزامن مع العمل علي وضع استراتيجية منخفضة الكربون، حيث تم حصر فرص الخفض بكافة القطاعات، والفرص الاستثمارية بها.
وأضاف أنه جارٍ حاليًا تنفيذ خريطة تفاعلية بمشاركة وزارة الري وهيئة الأرصاد الجوية وكافة الجهات المعنية لعمل تخيل وتوقع لتغير المناخ حتي عام 2100 في مصر، مبنية علي السيناريوهات العالمية للتغيرات المناخية، لوضعها أمام متخذي القرار لمعرفة التهديدات المحتملة للتغيرات المناخية علي كافة أنحاء الدولة، وجارٍ العمل علي الخطة الوطنية للتكيف بمشاركة كافة القطاعات المتضررة، كما جارٍ حاليًا إنشاء وحدات داخل كل وزارة لعمل نظام رصد وتقرير وتحقق لكل الأنشطة الخاصة بالتغيرات المناخية، حيث يتم حاليًا تدريب الكوادر المشكلة داخل كل الوحدات، وذلك تنفيذًا لقرارات رئيس مجلس الوزراء بالمجلس الوطني للتغيرات المناخية.
ولفت إلي أن وزارة البيئة شاركت في إصدار السندات الخضراء بقيمة 500 مليون دولار والتي أعلنتها وزارة المالية، لضمان أن كافة المشروعات المدرجة في خطة الدولة من وزارة التخطيط تراعي البعد البيئي وخطة التنمية المستدامة، وجارٍ حاليًا إدراج بعد التغيرات المناخية بقانون البيئة ودراسة الأثر البيئي للمشروعات.
وأشار إلي أنه تم تسجيل كل مظاهر التأثر في مصر بالتغيرات المناخية للاستعانة بها في المفاوضات الدولية لإثبات مدي تأثرنا بالتغيرات المناخية لقيام الدول المتقدمة بواجبها تجاه ما أفسدته في الدول النامية جراء التغيرات المناخية المتسببة بها، لتساعدها علي التكيف مع تلك المتغيرات.
واستعرضت وكالة أنباء الشرق الأوسط، في تقريرها، أبرز وأهم الجهود التي بذلتها وزارة البيئة وتحديدًا خلال الفترة من 31 أكتوبر حتي 12 نوفمبر الماضي، وهي المشاركة في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (Cop26) بمدينة جلاسكو بالمملكة المتحدة، فلأول مرة يقام جناح مصري بمؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ، تم خلاله عرض المشروعات والجهود المصرية في التصدي لآثار التغيرات المناخية وجهودها لدعم التآزر بين اتفاقيات تغير المناخ والتنوع البيولوجي والتصحر بمشروعات ونماذج واقعية تنفذها مصر لتكون نموذجًا لغيرها من الدول، بالإضافة إلي خلق تواصل فعال يعزز دور مصر علي مستوي العالم، وقد لقي الجناح إشادة واسعة من زواره من الوزراء والوفود المشاركين بالمؤتمر، وما يحويه من عروض وكتيبات ومطبوعات متنوعة تعرض النموذج المصري في التصدي لآثار التغيرات المناخية بالتعاون مع كافة القطاعات.
وأطلقت وزيرة البيئة الدكتورة ياسمين فؤاد الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 خلال مؤتمر جلاسكو، لتحقيق خمسة أهداف رئيسية وهي: (تحقيق نمو اقتصادي مستدام، بناء المرونة والقدرة علي التكيف مع تغير المناخ بالتخفيف من الآثار السلبية المرتبطة بتغير المناخ، تحسين حوكمة وإدارة العمل في مجال تغير المناخ، تحسين البنية التحتية لتمويل الأنشطة المناخية من خلال العمل علي الترويج للأعمال المصرفية الخضراء المحلية، وخطوط الائتمان الخضراء، والترويج لآليات التمويل المبتكرة، تعزيز البحث العلمي ونقل التكنولوجيا وإدارة المعرفة والوعي لمكافحة تغير المناخ)، كما تم إصدار كتيب بعنوان "الطريق إلي استضافة مؤتمر الأمم المتحدة للتغير المناخي COP27..إعادة تصور القدرة علي الصمود في قارة إفريقيا".
وتم كذلك خلال المؤتمر عرض المشروعات القومية ذات الصلة بجهود مواجهة تغير المناخ، ومنها نماذج لمشروعات عملاقة نفذتها هيئة الطاقة الجديدة والمتجددة بوزارة الكهرباء والطاقة المتجددة للحد من الانبعاثات، مشروعات الحد من انبعاثات قطاع النقل بالتوسع في أنظمة النقل العام المتطور ووسائل النقل غير الآلي، بما في ذلك ركوب الدراجات، ومشروع استدامة النقل، والأتوبيس الكهربائي وتحويل السيارات للعمل بالغاز الطبيعي أو الكهرباء، وفي مجال إدارة المياه: مشروع تبطين الترع لتقليل فاقد المياه، تحلية مياه البحر والحماية من السيول، وتنفيذ أكبر منشأة لمعالجة مياه الصرف في العالم في مصرف بحر البقر، وأيضًا مشروع تحسين كفاءة الطاقة.
ومن النتائج المثمرة للمشاركة المصرية في مؤتمر جلاسكو، إعلان إنشاء مركز المرونة والتكيف الإفريقي بالقاهرة بهدف دعم التنسيق علي المستويات الإقليمية والمحلية، لتعزيز العمل علي أرض الواقع من خلال تقديم المشورة والدعم لصانعي القرار والممارسين في البلدان الإفريقية، وفهم ودعم دور المرأة في جميع جوانب الحياة الاجتماعية والاقتصادية لمجتمعاتها، وبناء قدرات الدول الإفريقية في المجالات ذات الصلة بالتكيف، وتم كذلك الإعلان رسميًا عن استضافة مصر لمؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ القادم COP27 بشرم الشيخ في 2022، حيث أكدت وزيرة البيئة أن مصر ستأخذ علي عاتقها قيادة المنطقة في العمل المناخي، وتوحيد جهود العالم في مواجهة آثار تغير المناخ، كما أكدت علي الرسالة التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي في قمة قادة العالم المناخية في الأول من نوفمبر والتي شدد خلالها علي أن COP27 سيكون مؤتمرًا إفريقيًا حقيقيًا، فيما اختتم المؤتمر توصياته بموافقة ما يقرب من 200 دولة علي ميثاق جلاسكو للمناخ للحفاظ علي 1.5 درجة مئوية ارتفاع في درجة الحرارة، جنبًا إلي جنب مع الطموح والعمل المتزايد من البلدان لمواجهة آثار تغير المناخ، وحث جميع الدول التي لم تقدم استراتيجية منخفضة الكربون لتقديم تلك الاستراتيجية للوصول للحياد الكربوني بحلول 2050، ومطالبة كل الدول بالبدء في التحول للطاقة المتجددة وترشيد الطاقة، والحد من استخدام الفحم، بالإضافة إلي الاتفاق علي البدء في برنامج لتحديد هدف التمويل الجديد بحلول عام 2025، وإنشاء وإطلاق برنامج عمل جلاسكو - شرم الشيخ للهدف العالمي للتكيف.
أما عن التجهيزات التي تجريها وزارة البيئة استعدادًا لاستضافة مصر"COP 27"، فقد تم خلال الأيام الماضية تشكيل اللجنة العليا برئاسة رئيس مجلس الوزراء والمعنية بتنظيم مؤتمر المناخ القادم، وبعضوية الوزراء والمسئولين المعنيين لتنظيم المؤتمر وستكون بها مجموعة معنية بتسهيل مشاركة القطاع الخاص والمجتمع المدني في عملية التنظيم؛ لتصبح عملية تنظيمية شاملة تمنح فرصة كبيرة لقطاع الأعمال للشراكة والانخراط في العمل المناخي، خاصة أن النظرة للبيئة في مصر تغيرت خلال الفترة الماضية، فأصبحت مراعاة اعتبارات البيئة وصون الموارد ضرورة في مجالات التنمية والأعمال، وذلك ضمن التوجه نحو البناء للأفضل.
وحرصت وزارة البيئة خلال الفترة الماضية علي عقد العديد من الاجتماعات مع وزراء المالية، والتخطيط والتنمية الاقتصادية، والتعاون الدولي للتنسيق وتحديد الأدوار والمسئوليات، ودور الوزارات واللجان الفرعية المختلفة للمسارات الفنية والسياسية واللوجستية؛ بهدف السعي نحو رسم صورة مميزة لمصر أمام العالم من الناحية البيئية والسياحية وخاصة أن المؤتمر يضم حوالي 30 ألف مشارك علي كافة المستويات الرسمية والمدنية، كما تم عقد لقاء مع وزارة السياحة، وتم بحث التنسيق الكامل بين الوزارتين بالمحاور الأساسية لتنظيم المؤتمر وهي الإقامة وآليات الحجز وكذلك الانتقالات الصديقة للبيئة التي سيتم الاعتماد عليها خلال فترة المؤتمر، وستقوم وزارة البيئة بتنفيذ حملة إعلامية ترويجية عالمية عن قصص النجاح التي حققتها مصر في مجال التصدي لآثار تغير المناخ، وتم وضع خطة عمل لتحويل مدينة شرم الشيخ إلي مدينة خضراء صديقة للبيئة تحافظ علي الموارد الطبيعية والنظم البيئية، كما عقدت البيئة اجتماعًا مع وزارة الصحة لدورها الهام خلال استضافة مصر لمؤتمر المناخ سواء علي المستوي اللوجستي المتعلق بمتابعة الوضع الصحي للمشاركين في المؤتمر في ظل الإجراءات الاحترازية للحد من انتشار فيروس "كورونا" المستجد، وتوفير التجهيزات الصحية المطلوبة داخل أروقة المؤتمر واستعداد المنشآت الصحية للتعامل مع الشكاوي الصحية للمشاركين، بالإضافة إلي دور وزارة الصحة في طرح الموضوعات المتعلقة بالصحة وتغير المناخ ضمن فعاليات المؤتمر.