أكد أحمد أبو الغيط الأمين العام لجامعة الدول العربية، أن العالم العربي لا يزال يمر بمرحلة تاريخية صعبة حيث تتسع رقعة التهديدات الجيوسياسية، وتزداد حدة التحديات الأمنية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجهها مجتمعاتنا وحكوماتنا، كما لا يزال يواجه أطماعاً إقليمية خطيرة وسياسات توسعية وهجومية تنتهجها بعض القوى في الإقليم بغرض بسط الهيمنة والنفوذ.
- القضية الفلسطينية تظل هماً عربياً نحمله جميعاً ونضطلع بمسؤوليته
وأضاف الأمين العام لجامعة الدول العربية، في كلمته اليوم الخميس، أمام المؤتمر الـ 32 للاتحاد البرلماني العربي، إن القضية الفلسطينية تظل هماً عربياً نحمله جميعاً ونضطلع بمسؤوليته، مؤكدا أن السلام والاستقرار والأمن لن يتحقق في هذه المنطقة من العالم، سوى بإنهاء الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية وإقامة الدولة المستقلة على حدود الرابع من يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
وتابع "أبو الغيط"، "يتوجب علينا الانتباه لما يمر به هذا الصراع الطويل من تغيرات مهمة تستحق الوقوف عندها، فلم يعد الحديث عن عنصرية الاحتلال وانتهاجه سياسة التطهير العرقي اتهاماً غريباً على الأسماع في العالم، بل صارت هناك منظمات دولية، ومؤسسات أهلية ودول وحكومات، تُعبر بوضوح عن رأيها في الاحتلال الإسرائيلي باعتباره تجسيداً لعنصرية مقيتة مضى عليها الزمن، وحالة شاذة من ممارسة التطهير العرقي الذي تجاوزه العالم، ورفضته الحضارة الإنسانية".
وواصل، "إن النضال من أجل القضية الفلسطينية، ومن أجل الحق الفلسطيني، صار يدور على جبهاتٍ مختلفة وبوسائل متعددة، ويمنحنا الشعب الفلسطيني بصموده على أرضه، وتمسكه بحقوقه، وفضحه لممارسات الاحتلال العنصرية، أسلحة مهمة في معركتنا من أجل كسب الرأي العام العالمي لصالح قضيتنا العادلة، باعتبارها قضية سياسية وإنسانية على حدٍ سواء".
- الواقع اليومي للفلسطينيين تحت الاحتلال مؤلم لكل أصحاب الضمير
وقال الأمين العام لجامعة الدول العربية "علينا أن نطور من أدواتنا وأساليبنا في مخاطبة المجتمع المدني عبر العالم، وعلى نحوٍ يفضح الواقع اليومي للفلسطينيين تحت الاحتلال، وهو واقع مؤلم لكل أصحاب الضمير، ومخزٍ لكل من يعتبرون عصرنا هو عصر حقوق الإنسان".
وأكد أن للبرلمانات العربية، وما تمارسه من مهامٍ دبلوماسية مختلفة، دوراً أساسياً في هذه المعركة، فرسالتنا لا ينبغي أن تصل للحكومات وحدها، وإنما للشعوب وممثلي الشعوب، ويتعين أن تكون هذه الرسالة مؤثرة ونافذة، وأن تستند في تفاصيلها على المعلومات الصحيحة، والمتابعة الدقيقة لما يجري على الأرض الفلسطينية المحتلة.
وقال أبو الغيط إنه يجب كذلك أن تكون رسالتنا موحدة ومتسقة، وبحيث تُحدِث الأثر المطلوب، بالتراكم ومواصلة العمل مع البرلمانات في مختلف دول العالم، وبخاصة في عواصم التأثير والقرار الدولي.
ونبه "أبو الغيط" إلى أن التهديد الأكبر، الذي يواجه منطقتنا، لا يزال يتمثل فيما تعرضت له بعض الدول العربية من أزمات طاحنة مزقت نسيجها الوطني، وعصفت بمؤسساتها واستقرارها السياسي، مشيرا إلى أن الجراح ما زالت مفتوحة ونازفة في سوريا وليبيا واليمن، وما زالت التسوية السياسية للأزمات في هذه الدول تواجه تحديات صعبة، خاصة مع كثافة التدخلات الدولية والإقليمية فيها، محذرا من أن هذه الصراعات الممتدة تؤثر على الكيان العربي بأكمله وتُلقي بظلالها على الاستقرار الإقليمي بما تفرزه من مُشكلات أمنية وإنسانية، واضطرابات اقتصادية واجتماعية.
كما نبه أبو الغيط إلى أن استمرار الأزمات يُمثل بيئة مثالية لاستفحال مخاطر الإرهاب والتطرف، فضلاً عن انتشار الميليشيات والجماعات المسلحة، مشيرا إلى ما أقدمت عليه ميلشيا الحوثي مؤخراً من "استهداف جبان" لأهداف مدنية في الإمارات العربية المتحدة بالصواريخ والمسيرات، مؤكدا إدانته، بأشد العبارات، هذه الأعمال الإرهابية سواء في مواجهة الإمارات أو المملكة العربية السعودية.
- ميلشيا الحوثي تُمثل تهديداً خطيراً على الأمن الإقليمي
وأكد أبو الغيط، أن هذه الميلشيا، ومن يقف وراءها ويمدها بالسلاح والتأييد السياسي، إنما تُمثل تهديداً خطيراً على الأمن الإقليمي، بل وعلى سلامة الممرات البحرية، بحكم الموقع الاستراتيجي الذي تحتله اليمن على البحر الأحمر.
وشدد على أن الحرب على الإرهاب تُمثل جهداً متواصلاً وعملاً متراكماً، لا ينبغي أن يتوانى أو يتراجع طالما ظلت هذه الآفة الخطيرة كامنة في بعض العقول للأسف، مشيرا إلى أنه من المهم أن تظل البرلمانات العربية في طليعة الجهد الذي تباشره دولنا وحكوماتنا من أجل التحذير من خطر هذه الظاهرة الإجرامية على تماسك المجتمعات واستقرارها، وعلى جهود التنمية واستمرارها، مضيفا "صوتكم هو في النهاية صوت الشعوب العربية التي ترفض أغلبيتها الكاسحة ممارسة العنف باسم الدين، وتتبرأ من قتل الإنسان أو تخريب العمران".
وقال إن "شعوبنا العربية تعوّل عليكم في تعزيز التعاون البرلماني بين الشعوب العربية باعتباره محوراً جوهرياً في التضامن العربي، كما تتطلع إلى رؤية عمل ممثلي البرلمانات العربية على مستوى طموحاتها في تبني قضايا المواطن العربي، لذا فإنني أناشدكم العمل باستمرار على تعزيز التنسيق والتعاون فيما بينكم لمواجهة الأخطار والتحديات التي تهدد الأمن القومي العربي بمختلف أبعاده".
وأعرب أبو الغيط، في ختام كلمته،عن تمنياته بنجاح أعمال المؤتمر، وأن يخرج بتوصيات وقرارات ترتقي إلى حجم المسئولية الملقاة على عاتق البرلمانات العربية في هذه المرحلة الهامة من تاريخ الأمة.