أبدى مسؤولو استخبارات وخبراء دفاع أمريكيون حيرتهم وانشغالهم الشديد لإيجاد تفسيرات لأسباب المشاركة المحدودة للغاية لسلاح الجو الروسي في العملية العسكرية التي تخوضها روسيا في أوكرانيا مع دخول العمليات العسكرية هناك يومها العاشر، خصوصا أن معظم التقديرات السابقة كانت تشير إلى أن أسطول الطيران الحربي الروسي سيلعب دوراً قيادياً في تدمير الدفاعات الأوكرانية.
ويرى مركز RUSI (روسي) البحثي، ومقره لندن، في مقال بعنوان "حالة الغموض لغياب سلاح الجو الروسي" أن ذلك ربما سيكون الفعل المنطقي والأكثر توقعاً لحدوثه كخطوة تالية، مثلما حدث في جميع الصراعات العسكرية منذ 1938".
من جهته، قال الباحث المتخصص في شؤون الجيش الروسي في معهد "فورين بوليسي" البحثي روب لي "هناك الكثير من العتاد، إنهم يقومون بما يصيبنا بالحيرة، ففي كل يوم يمر (للعمليات العسكرية) تتصاعد الكلفة والمخاطر".
وعلى نفس المنوال، يعرب جنرال سلاح الجو الأمريكي المتقاعد ديفيد ديبتولا، عن استغرابه من عدم إقدام روسيا على بسط السيادة الجوية على الأجواء الأوكرانية.
وتقول "ميليتري ووتش" المجلة المعنية بالشؤون العسكرية إن هناك عددا من التفسيرات الممكنة لتوضيح أسباب قلة مشاركة سلاح الجو الروسي في العملية العسكرية على أوكرانيا، رغم أن تلك التفسيرات جميعها تبقى في حيز التكهنات، مشيرة إلى أول تلك التفسيرات أن موسكو ربما تحاول تدعيم روايتها الرسمية التي تتحدث أنها تنفذ عملية محدودة على أراضي جارتها (أوكرانيا).
وأضافت أن هناك تفسيرا آخر يرى أن موسكو تبعث برسالة إلى المفاوضات الجارية أن الجيش الروسي تعهد بالقيام بعملية صغيرة للغاية وبوسعه تصعيدها بصورة حادة ما لم تُنفذ شروطه، كما أن إظهار قدرة الجيش على القيام بعمليات عسكرية ناجحة دون وجود دعم جوي، إذا لزم الأمر، قد يبعث برسالة قوية إلى البلدان المجاورة أعضاء حلف "الناتو".
وتابعت "يبدو أن امتناع الجيش الروسي عن نشر عتاد جوي متماشيا مع قرار الجيش الاحتفاظ بالكثير من العتاد والقدرات البرية الأكثر تطورا وقدرة مثل دبابات T-80U (تي- 80 يو)، وT -90M (تي – 90 إم)، مكتفيا بنشر منظومة الأسلحة الوحيدة المتطورة على جبهة الأحداث وهي صواريخ "اسكندر" الباليسيتية، التي يملكها منذ 20 سنة وتستخدم على نطاق واسع، إضافة إلى صواريخ "كاليبر" العابرة.
وتشير المجلة إلى أن هناك تفسيرا آخر يرى أن الجيش الروسي احتفظ في الخلف بالوحدات البرية الأكثر تطوراً وقدرة وسلاح الجو بوجه عام، من قبيل الترقب في حال اتساع نطاق المواجهة مع قوات دول حلف "الناتو"، أو في حالة مواجهة وحدات القوات الأوكرانية القريبة من حدود الدول الأعضاء في "الناتو" في ظل توقعات أنها قد تكون أكثر قوة.
وقالت "ميليتري ووتش" إذا قورنت القوات الروسية التي شاركت في سوريا، فإن الوحدات التي نُشرت في أوكرانيا ليست من وحدات النخبة، كما أنها لا تحظى إلا بالقليل من الدعم الجوي، بيد أنه من غير المؤكد ما إذا كان هذا الوضع سيستمر ولا متى يحدث ذلك، لاسيما أن الأمرين سيعتمدان بشد على حالة المفاوضات الجارية بين الجانبين والوضع في ميدان المعارك.