الرئيس الفرنسي
دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، اليوم الخميس، قادة الاتحاد الأوروبي المجتمعين في قمّة بروكسل، إلى التحرّك "بشكل أسرع" و"أقوى" في إطار ردّهم على خطّة الإعانات الأمريكية الضخمة، المعروفة بـ"قانون خفض التضخّم".
ويحاول قادة الدول الـ27 الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الخميس، التوصّل إلى استجابة مشتركة لمساعدة قطاعها الصناعي في مواجهة أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب في أوكرانيا والسباق إلى الإعانات الأمريكية. لكن الصدمة التي سبّبتها فضيحة الفساد المفترضة في البرلمان الأوروبي، وُضعت أيضاً على جدول المناقشات. وقد تعهّدت رئيسة هذه المؤسسة الأوروبية بـ"حزمة إصلاحات واسعة النطاق" لتنظيف الهيئة التشريعية.
وقال ماكرون لدى وصوله بروكسل "يجب أن يكون لدينا ردّ للحفاظ على منافسة عادلة والدفاع عن المشاريع الكبرى، خصوصاً التقنيات الخضراء وتقنيات المستقبل في أوروبا".
وأضاف "يفترض ذلك التحرّك بشكل أسرع، وتبسيط قواعدنا وأن تكون لدينا استجابة اقتصادية كلية ومستوى مساعدة على المستويين الأوروبي والوطني، يجعل من الممكن الاستجابة ومعادَلة ما فعله الأمريكيون"، مطالِباً بردّ في بداية العام 2023.
تنصّ الخطة الأمريكية التي تبنّتها واشنطن هذا الصيف على استثمارات بقيمة 370 مليار دولار لصالح مكافحة التغيّر المناخي. وخلف هدف بيئي مهم، تتخذ الخطة طابعاً حمائياً عبر مساعدات استثنائية مخصّصة للشركات التي تمّ إنشاؤها ما وراء الأطلسي، الأمر الذي من المرجّح أن يقوّض القدرة التنافسية الأوروبية التي تضرّرت بالفعل من ارتفاع أسعار الطاقة.
بعد أسبوعين على زيارة إيمانويل ماكرون إلى الولايات المتحدة، حيث طالب بتنازلات من الرئيس الأمريكي جو بايدن، اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين الأربعاء أمام النواب الأوروبيين في ستراسبورغ أنّ "هذا القانون قد يؤدي إلى منافسة غير عادلة".
واقترحت وضع خطّة أوروبية من دون انتظار تنازلات محتملة من واشنطن، تجري مناقشتها حالياً في إطار مجموعات العمل العابرة للأطلسي.
يتعيّن على الأوروبيين إعادة التفكير في دعم شركاتهم في سياق دقيق. فقد خفّضت موسكو شحنات الغاز عبر خطوط الأنابيب إلى الاتحاد الأوروبي بنسبة 80 في المائة منذ بدء هجومها العسكري على أوكرانيا في فبراير. وإذا كان الإمداد الأوروبي مضموناً لهذا الشتاء، خصوصاً بفضل واردات الغاز الطبيعي المسال، فقد انفجرت تكلفته إلى حدّ يهدّد بقاء قطاعات بأكملها في الصناعات الكيميائية أو الصلب.
وتريد الدول الـ27 إقناع واشنطن بالحفاظ على التحالف بينها، في وقت تشتعل فيه الحرب على حدود التكتّل. وقال المستشار الألماني أولاف شولتس الأربعاء "يجب ألا نسمح لأنفسنا بالانقسام في علاقتنا عبر الأطلسي. على العكس، بدلاً من الجدل، يجب أن نعمل معاً بشكل أوثق".
ولكن يجب على الأوروبيين أنفسهم أن يبقوا متّحدين في مواجهة الأزمة الاقتصادية. فبعد الانخفاض التاريخي في الناتج المحلّي الإجمالي الناجم عن جائحة كوفيد في العام 2020، فإنّ ارتفاع أسعار الطاقة سيدفع اقتصاد الاتحاد الأوروبي إلى الركود مرة أخرى هذا الشتاء.
وفي السياق، اقترحت فون دير لاين على المدى القصير تسهيل مساعدات الدولة للشركات، لدفعها على مواصلة الاستثمار في أوروبا ولتعزيز الخطة الأوروبية لتطوير الطاقات المتجدّدة والتحرّر من المحروقات الروسية.
كذلك، تطالب منذ سبتمبر بإنشاء "صندوق سيادي" أوروبي لتطوير سياسة صناعية مشتركة والاستثمار بشكل أكبر في مشاريع البحث والابتكار على نطاق قاري: الهيدروجين، أشباه الموصلات، الحوسبة الكمومية، الذكاء الاصطناعي، إلخ.
إضافة إلى الملفات الاقتصادية، سيؤكد قادة الدول الـ27 في الاتحاد الأوروبي دعمهم السياسي والمالي والإنساني لأوكرانيا ويدينوا روسيا التي بدأت في اعتماد التدمير المنهجي للبنى التحتية المدنية، خصوصاً للطاقة.
ولكنهم سيناقشون أيضاً قضية الفساد المفترضة التي تهزّ البرلمان الأوروبي، البلد الذي يستضيف فعاليات كأس العالم.
تعهّدت رئيسة البرلمان الأوروبي روبرتا ميتسولا الخميس بـ"حزمة إصلاحات واسعة النطاق" لتنظيف الهيئة. وأكدت أنّ الخطّة "ستشمل تعزيز أنظمة حماية المبلّغين عن المخالفات في البرلمان، وفرض حظر على جميع مجموعات الصداقة غير الرسمية ومراجعة مراقبة قواعد السلوك لدينا، بالإضافة إلى نظرة معمّقة في كيفية تفاعلنا مع البلدان الأخرى".
وسبق أن قالت ميتسولا إنها ستثير هذه الاتهامات، التي تعتبرها "هجوماً على الديمقراطية" مشيرةً إلى أن "رسالتي هي أنه لن يكون هناك إفلات من العقاب، لن يتم إخفاء أي شيء، لن يكون هناك عمل كالمعتاد".
من جهته، قال ماكرون الذي توجّه إلى بروكسل بعد مشاهدة مباراة فرنسا والمغرب في الدور ربع النهائي لكأس العالم، إنه "مرتاح تماماً" لفكرة ذهابه إلى قطر لدعم المنتخب الفرنسي.
وقال الرئيس الفرنسي الذي يعتزم العودة إلى الدوحة الأحد لمشاهدة المباراة النهائية في كأس العالم بين فرنسا والأرجنتين، "دعمتُ قبل أربعة أعوام المنتخب الفرنسي في روسيا، وأنا أدعمه في قطر".
وأشار إلى أنه يتعيّن على الدول السبع والعشرين أيضاً مناقشة سبل زيادة الضغط على موسكو بعد العقوبات التي تم تبنّيها، بما في ذلك تحديد سقف السعر للنفط الروسي.