البنك المركزي
تعويم الجنيه المصري هو واحد من أهم الأحداث التي شهدها قطاع الاقتصاد المحلي خلال 2022، وجاء ذلك بسبب الأزمة الاقتصادية العالمية جراء الحرب الروسية الأوكرانية، وتداعيات فيروس كورونا، حيث اضطرت أغلب البنوك المركزية حول العالم على رفع سعر الفائدة؛ لكبح جماح التضخم، ومن المتوقع أن تستمر وتيرة الارتفاع هذه خلال العام الجاري، فهل سيتم تعويم الجنيه المصري خلال 2023 للمرة الثالثة؟.
تعويم الجنيه المصري 2022
شهد الجنيه المصري اضطرابًا وتذبذبًا ملحوظًا أمام العملة الخضراء خلال 2022، حيث تم تعويم الجنيه مرتين، الأولى في 21 مارس، حيث زاد سعر صرف الدولار مقابل الجنيه ليحثث 18.2884 جنيه للدولار للبيع، و18.1519 جنيه للدولار، ليقفز من 18.28 جنيه، إلى 19.7673 جنيه للدولار يوم 26 أكتوبر 2022.
وجاء التعويم الثاني في 27 أكتوبر 2022 اتخذ المركزي المصري؛ إثر الاتفاق مع صندوق النقد الدولي على قرض بـ3 مليارات جنيه، مما نتج عله اتخاذ سعر صرف مرن، ليسجل الدولار ارتفاعًا من 19.76 إلى 23 جنيه للدولار.
سعر الفائدة
رفع البنك المركزي المضري أسعار الفائدة عدة مرات خلال 2022، مقتفيًا بذلك أثر البنوك المركزية الأخرى، موضحًا أنه سيواصل استخدام كافة أدواتها النقدية؛ بهدف السيطرة على توقعات التضخم ،واحتواء الضغوط التضخمية من جانب الطلب، والآثار الثانوية لصدمات العرض التي قد تؤدي إلى ابتعاد التضخم عن المعدلات المستهدفة.
وفي هذا الصدد أوضحت لجنة السياسة النقدية، في وقت سابق، أنها ستواصل الإعلان عن المعدلات المستهدفة للتضخم والتي بدأت منذ عام 2017 بما يتسق مع المسار النزولي المستهدف لمعدلات التضخم، ونجحت سياسة استهداف التضخم في خفض معدلات التضخم حتى ظهور الأحداث العالمية الأخيرة.
ولفتت إلى أن تحقيق معدلات تضخم منخفضة ومستقرة على المدى المتوسط يعزز الدخل الحقيقي للمواطن، ويحافظ على مكاسب التنافسية للاقتصاد المصري، مشيرة إلى أن البنك المركزي سيتابع عن كثب كافة التطورات الاقتصادية، ولن يتردد في استخدام كافة أدواته النقدية؛ لتحقيق هدف هدوء الأسعار.
هل سيتم تعويم الجنيه خلال 2023؟
يتسائل العديد من المواطنين حول احتمالية تعويم الجنيه مرة ثالثة خلال العام الجاري، وفي هذا الصدد أوضح الدكتور محمد عبدالرحيم، أن هناك أسباب عديدة التي دفعت البنك المركزي لرفع أسعار الفائدة بنحو 3% مؤخرًا، ومن أهمها تسجيل معدلات التضخم عند مستويات مرتفعة، مع توقعات باستمرار الارتفاعات خلال الأشهر الأولى من العام المقبل 2023؛ بسبب استمرار ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
وأوضح أنه من بين أهم الأسباب التي دفعت البنك لرفع سعر الفائدة هو أن الدولة تحاول السيطرة على العجز في الموازنة والأزمات الاقتصادية من خلال عدة طرق، أبرزها طرح السندات وأذون الخزانة في الأسواق الدولية، وبالتالي فإن رفع أسعار الفائدة يدعم عمليات جذب الدولار من الخارج وجذب الاستثمارات الأجنبية غير المباشرة.
وذكر أن الاقتصاد العالمي يعاني من زيادة معدلات التضخم ناتجة عن ارتفاع أسعار الطاقة وجميع السلع الغذائية، مما انعكس بدوره على مصر، لافتًا إلى أن رفع أسعار الفائدة بمعدل 1% يضيف أعباء جديدة على الموازنة العامة للدولة، حيث ترتفع فوائد القروض وخدمة الدين ما بين 25 إلى 30 مليار دولار، بحسب تصريحات سابقة للدكتور محمد معيط، وزير المالية.
بدوره أوضح الخبير المصرفي هاني جنينة أن رفع المركزي لسعر الفائدة لمعدل كبير كان متوقعا، وهو قرار في محله إذ أننا نشهد ارتفاع كبير في معدلات التضخم وهو ما كان يستدعي لرفع سعر الفائدة ، وتابع: أن الرؤية تجاه سعر الجنيه المصري تشير إلى تذبذب الأوضاع خلال الربع الأول من عام 2023، وبعد ذلك نلاحظ استقرار في السوق المحلي وتهدأ وتيرة الارتفاع في سعر الصرف ، مضيفا أن رفع سعر الفائدة له ميزه بجانب الحد من التضخم، وهي محاولة اجتذاب استثمارات أجنبية خلال الفترة القادمة.
تحدي التضخم
التضخم في مصر
شهد التضخم السنوي لأسعار المستهلكين في مصر أعلى مستوى خلال 5 سنوات عند 18.7% في نوفمبر الماضي، من 16.2% في أكتوبر السابق، وتسارع التضخم الأساسي إلى 21.5% من 19% في أكتوبر 2022.
وكشف البنك المركزي، في ختام 2022، أنه حدد هدفًا للتضخم بين 5 و9% للربع الرابع من عام 2024 ، موضحًا أنه رفع سعر الفائدة 300 نقطة أساس؛ لاحتواء ضغوط التضخم، مستهدفًا الوصول بمعدله عند مستوى 7% (±2% نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من 2024، ومستوى 5% (±2% نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الأخير من عام 2026.
وشدد الخبراء ضرورة على السيطرة على سوق الصرف عن طريق طرح شهادات ادخار مرتفعة العائد لأجل قصير؛ لجذب مدخرات المواطنين، وتدبير احتياطي من النقد الأجنبي؛ لتلبية الطلب على الدولار لوقف ظاهرة المضاربة عليه.
وخلال 2022، رفعت لجنة السياسة النقدية سعر الفائدة 800 نقطة أساس، ليصبح سعر عائدي الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي 16.25%، 17.25%، 16.75%، على الترتيب، كما تم رفع سعر الائتمان والخصم ليصل إلى 16.75%.
ووفقًا للخبراء فإن البنك المركزي منح نفسه مهلة لاستخدام أدوات السياسة النقدية؛ للسيطرة على معدلات التضخم، بهدف الوصول بها إلى مستوى 7% (±2% نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2024، ومستوى 5% (±2% نقطة مئوية) في المتوسط خلال الربع الرابع من عام 2026، معتمدًا على التحسن الهيكلي في الاقتصاد المصري، والتخلص من الآثار السلبية للحرب الروسية الأوكرانية، مرجحًا أنه سينجح خلال عامين في الوصول لمستهدفه.
وفي ختام 2022 2022 ، طالب حسن عبد الله، محافظ البنك المركزي المصري، رؤساء البنوك بإخطار العملاء بأي وسيلة بحظر إساءة استخدام البطاقات الائتمانية والخصم المباشر خصوصًا للعملاء خارج مصر، وحظر طلب تدبير العملة الأجنبية لأغراض السفر للخارج دون مغادرة البلاد.
وأضاف حسن عبد الله، في خطابه الموجه لرؤساء البنوك، أنه يتعين علي البنوك مراجعة عينة من استخدامات العميل وبما يشي للشك في إساءة استخدام العميل لعملة والبطاقة الائتمانية، علاوة على تدبير العملة لأغراض السفر منذ الشهر الأول من ديسمبر الماضي.
وأكد أنه في حالة توافر مؤشرات عدم مغادرة العميل للبلاد، يجب موافاة الإدارة المركزية؛ لتجميع مخاطر الائتمان بالبنك المركزي ببيانات كاملة عن هؤلاء العملاء والحالات التي تظهر في تلك الأمور اعتبارًا من تاريخه.
وأضاف أنه يتسنى اتخاذ الإجراءات اللازمة مع الجهات المعنية للتحقق من سفر العميل من عدمه، والتحقق من عدم السفر دون إساءة لاستخدام البطاقات الائتمانية، مشددًا على ضرورة توجيه البنوك بإيقاف التعامل للبطاقات، وإبلاغ العميل بذلك، وإبلاغ الشركة المصرية للاستعلام الائتماني "ISCORE"، واتخاذ الإجراءات اللازمة في ذلك الشأن.
سعر الفائدة خلال 2023
رجح طارق متولي، نائب رئيس بنك بلوم مصر سابقًا، صعودًا بنسبة 4% في سعر الفائدة خلال العام الجاري؛ للقضاء على السوق السوداء للصرف، وعودة الجاذبية للجنيه المصري، منوهًا إلى أن البنك المركزي المصري رفع سعر الفائدة؛ للسيطرة على معدل التضخم والذي وصل إلى 21.5% خلال نوفمبر الماضي، والقضاء على السوق الموازية والمضاربة على الدولار.
وقال متولي، إن قرار زيادة سعر الفائدة 3% لم يكن مفاجئًا في حين أن سعر عائد الإيداع في البنوك يصل إلى 13% في حين أن معدل التضخم وصل إلى 21.5%، مما يعني تحقيق خسائر على المدخرات، وهو ما أدى إلى اتجاه المواطنين لزيادة الطلب على السلع لتخزينها لحماية مدخراتهم، مما يتطلب ضرورة تدخل البنك المركزي للسيطرة على سوق الصرف، والتخلص من السوق السزداء؛ لوقف التسعير العشوائي للسلع، والوصول لمستهدفات التضخم للبنك المركزي.
وشدد على ضرورة طرح شهادات ادخار مرتفعة العائد بنسبة تتجاوز 20% لمدة عام أو عام ونصف؛ لتشجيع المواطنين للتخلص من الدولار ووقف المضاربة عليه، مما يسفر عن السيطرة على سوق الصرف، والقضاء على السوق الموازي.