جلاء جاب الله
كل عام وأنتم بخير
هاهو عام جديد يهل علينا وكلنا أمل أن يكون عام خير وسعادة وبركه أن شاء الله..
عام جديد يحمل الألم والأمل.. فهناك من يؤكد بالدليل والبرهان أن يشهد هذا العام مزيدًا من التدهور الاقتصادي والركود العالمي وتوقف أو تباطؤ عجلة النمو بينما هناك أخرون وبالبرهان والدليل يؤكدون أن هذا العام سيكون أفضل من سابقة أن شاء الله بل هناك من يؤكد أن بوادر الانفراجه ستبدا سريعًا على أرض الواقع خلال أيام من بدء العام الجديد..
وبين هؤلاء وأولئك يعيش الناس فى انتظار رحمة الله وعطاء الله.. وسبحانه قال وقوله الحق "وقل اعملوا فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون".. أو كما قال عمر بن الخطاب لأحدهم "أن السماء لا تمطر ذهبًا ولا فضه" لكن الله يعطي لكل عمل أجرًا وثوابًا.
ومن يتأمل المشهد العالمي سيجد أنه هناك تأثيرات سلبيه مازالت على أرض الواقع من الحرب الروسية الأوكرانية مما يعنى أن أي تحسن مأمول يعنى توقف عجلة هذه الحرب وتوقف كلا المعسكرين عن اشعال نارها من خلال المساعدات وتخصيص الميزانيات العسكرية الضخمة هنا وهناك ناهيك عن التأثيرات المباشرة وغير المباشرة خاصة أن العالم لم يخرج بعد من آثار أزمة (كوفيد 19) التى أدت إلى مايشبه الموت البطئ لاقتصاديات عديدة.
وبرغم هذه الآثار الناجمة عن (كوفيد19) ثم الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها السلبي على الاقتصاديات هناك عاملا آخر ليس بعيدًا وهو الصراع الاقتصادي بين الصين من جهة والولايات المتحدة الأمريكية من جهة أخرى.
ووسط هذا السواد نجد خبراء عالميين يؤكدون أن هذا العام سيشهد تراجعا للتضخم العالمي.. ولكن بعض الخبراء الأخرين يقللون من هذا التفاؤل بسبب ارتفاع أسعار الفائدة فى البنوك وهذا الارتفاع كان فى الاصل لمواجهة التضخم.. وهكذا ندور حول أنفسنا فى دائرة مغلقة.
خبراء عالميون يرون أن الأزمة ليست فى نسبة التراجع فى التضخم فإن ذلك سيحدث عاجلا أو أجلا ولكن الأزمة هي الوصول إلى معدل تضخم مستدام ومميز ويرون أن بداية العام اذا شهدت تراجعا فى معدل التضخم إلى 4% فإن ذلك سيدعونا إلى التفاؤل بالعودة به إلى حدود 2 و3%
صندوق النقد الدولي من جهته تراجعت توقعاته فبينما كان يتوقع فى يوليو الماضي أن يشهد العالم فى 2023 نموا يصل إلى 2.9% خاصة مع نهاية العام 2022 تراجع بأرقامه إلى 2.7% فقط.
الخبراء يضعون نقاط فوق حروف الأزمة العالمية ويؤكدون أنه برغم جهود البنوك المركزية العالمية الا أن التضخم سيستمر جزئيا وستفوز سياسات هذه البنوك على مستوى تلك الدول بشكل عام والدول النامية بشكل خاص، بل يرون أن هذا التأثير سيكون سببا مباشرا فى ضغوط سياسية وتأثيرات سياسية على كثير من الدول.. ويستشهدون بذلك فى محاولات أوروبا المتسارعة للاستغناء عن روسيا فى مجال الطاقة وكذلك محاولات فض الاشتباك الصناعي بين أمريكا والصين.
الأخطر عالميًا هو التأثير السياسي ثم التأثيرات الاجتماعية حيث استمرار التقارب الكبير فى الدخل والثروة سيؤدي إلى ضغوط اجتماعية شديدة في بعض البلاد وتزداد هذه الفجوة وضوحًا بين أوروبا وأفريقيا فى هذا التأثير.. خاصة أن تأثير سوق الطاقة سلبيًا لم يفرق بين أحد حتى الآن.
وقد أثارت تصريحات منسوبة للرئيس الروسي السابق ديميتري ميدفيديف ردود فعل شديدة وبرغم أن هذه التصريحات تحمل معان سياسية عديدة وتعبر عن وجهة نظر غير محايدة الا انها تحمل العديد من التوقعات المبنيه على حقائق ووقائع كثيرة.. توقع ميدفيديف ارتفاع سعر البترول ليصل إلى 150 دولار للبرميل وسيتجاوز –فى توقعاته- سعر الغاز خمسة آلاف دولار لكل ألف متر مكعب.. كما توقع تفكك الاتحاد الأوربي وانهيار صندوق النقد الدولي.. وأن تتحول اسواق المال إلى آسيا.. وهي توقعات اصابتالرايخ الرابع الكثيرين بالدهشة لكنهم ناقشوها بل أشار بعضهم وهو ضده فى الأساس إلى أن هذه الرؤية لم تبعد كثيرا عن التوقعات الأوربية والأمريكية ذاتها.
وعن فوضى أوروبا فى عام 2023 قال الرئيس الروسي السابق أنه يتوقع ظهور الرايخ الرابع بألمانيا ثم تحدث حرب بين الرايخ وفرنسا.. بخلاف انفصال ايرلندا الشمالية عن المملكة المتحدة ثم احتلال بولندا لغرب أوكرانيا.. ولم تبعد توقعاته عن أمريكا كذلك حيث توقع انفصالا لولايتين عن الولايلت المتحدة ثم حدوث حرب أهلية فى أمريكا.
في المقابل ظهرت توقعات أمريكية بسقوط بوتين وتقسيم روسيا التى ستخرج من حربها مع أوكرانيا خاسرة حسب توقعات خبراء أمريكيين وغربيين.
قد يسأل سائل: لماذا الحديث عن التوقعات العالمية بعيدا عن التوقعات المحلية؟
الحقيقة أن الاقتصاد المصري يتأثر كثيرا وقد تأثر بالفعل بأحداث عالمية وبشكل غير مسبوق مثل تأثير (كوفيد 19) ثم الحرب الروسية الأوكرانية.. ولعلنا لاحظنا كيف كان التحول الأمريكي ناحية أفريقيا عقب التحول الصيني نحو الشرق الأوسط مباشرة: فكانت القمة الأمريكية الأفريقية عقب القمة الصينية العربية وهكذا..!!
والحقيقة أن هناك توقعات ايجابية عديدة تخص مصر أبرزها تزايد انتاج مصر من النفط والغاز بشكل يرفع من دخولها لدرجة مميزة، كما أن بعض المشروعات الانتاجية التى رأتها مصر فعليامنذ عدة سنوات ستبدأ فى الانتاج مثل الأراضي الزراعية خاصة التى ستخصص للقمح مما يقلل من الاستيراد.. وكذلك القطن مما يزيد من حجم التصدير.. أضف إلى ذلك ظهور أثار توطين بعض الصناعات فى مصر وهو ماحدث بالفعل مع نهاية العام المنصرم.
المؤكد أنه هذا العام الجديد لن يكون سهلًا بل أن خبراء كثيرين يحذرون ويحاولون تسويد الصورة غير أن هناك الاغلبيه تدعو للتفاؤل.. ولديها في تفاءلها مبررات منطقية أهمها أن الله سبحانه وتعالى دائما أبدا يحرس هذا الوطن.. أضف إلى ذلك أن مصر قادرة على عبور الأزمة كما فعلت ذلك مرات من قبل.. لذلك فلابد أن نرفع شعار "تفاءلوا بالخير تجدوه" فهو شعار يحمل الأمل والخير فى غد أفضل أن شاء الله.