علاء طه يكتب: مابين الجائحة والحرب.. الدروس التي تعملناها على عتبة 2023

علاء طه

علاء طه

ما بين جائحة كورونا والحرب الأوكرانية، بدأ العام المنصرف 2022.. جائحة كانت تلفظ أنفاسها بعد أن أزهقت أرواح الملايين في مختلف دول العالم، ووضعت الأنظمة الصحية في أكبر الدول علي شفا الإنهيار، وحرب تلت الجائحة إثر الغزو الروسي للأراضي الأوكرانية، ضربت في مقتل توازنات النظام العالمي، ووضعت الاقتصاد في مهب الريح بسبب نقص الحبوب وامدادت الطاقة لأوروبا.

عام غريب ومفصلي غير الثوابت، وهز أركان كل الدول بلا استثناء، وها هو يلفظ أنفاسه ما بين اشتداد الجائحة في الصين بعد انحصارها في كل دول العالم، واستمرار الحرب الأوكرانية بشكل عبثي ينذر بحري عالمية أو كوارث غير متوقعة.

ما بين الجائحة والحرب ثمة العديد من الدروس التي يجب أن ننتبه لها، خاصة في مصر ودول العالم الثالث، لأن العام الذي يولد (2023) لن يكون سوي نتاج للعام المنصرف.

الدرس الأول "الأزمة مستمرة": بالنسبة للجائحة، العالم أصبح عرضة للمزيد من الأمراض الفتاكة، التي يصفها العلماء بالشراسة خاصة مع ارتفاع نسب التلوث والمخاطر المناخية جراء ارتفاع درجة حرارة الأرض، وبالنسبة للحرب، العالم مهد نفسه لاستمرارها في الشتاء والربيع والصيف، مالم تحدث معارك استراتيجية تدفع طرف لتقديم التنازلات والجلوس علي مائدة المفاوضات. وهذا يعني أنه علي الحكومات أن تقوي من أنظمتها الصحية بل وتجعلها علي أولويات الانفاق، وأن تزيد من مخزونها الاستراتيجي من السلع الرئيسية خاصة الحبوب والزيوت والبترول والغاز.. وأي خطط حكومية غير ذلك ستكون مغامرات غير مأمونة العواقب ستزيد أزمة السلع والأسعار وتوفير الغذاء لدي مواطنيها.

الدرس الثاني "النظام العالمي يترنح": ما استخلصه المفكرون من الجائحة والحرب، أن النظام العالمي الذي كان قائمًا علي إنفراد الولايات المتحدة الأمريكية بقيادة العالم عقب نهاية الحرب الباردة وتفكك الاتحاد السوفيتي ذهب بلا رجعة، وفكرة عودة النظام العالمي لتوازن القوي بين دولتين وأكثر من مخلفات التاريخ.. الان نحن نعيش مرحلة مفصلية تشهد فوران وحروب وجوائح وأزمات، ولا تستطيع دولة أو تكتل قيادة العالم، ولا ندري لأي مآل ستختلف القوي والتوازنات مع نهاية الحرب الروسية الأوكرانية، والأمر يستدعي علاقات وتبادلات تجارية تقوم علي التوازن، والحكومات لا يجب أن ترمي بثقلها وأوراقها في خدمة أو دعم قوة واحدة. وبالتالي الدولة الوطنية يجب أن تحسن علاقاتها مع الجميع من أمريكا إلي روسيا إلي الصين إلي الاتحاد الأوروبي إلي التجمع الأسيوي إلي مجلس التعاون الخليجي.

الدرس الثالث "لا يوجد شئ مجاني": عالم اليوم لا يعرف المجمعات التعاونية ولا الاستهلاكية ولا يفهم لغة غير المصالح، يجب أن تدفع وتقدم من أجل أن تأخذ.. القروض مخلوطة بالقرارات السياسية، وحتي المعونات تتبل بالتنازلات. لذلك من أجل أن تعيس في العام 2023 يجب أن تعرف أوراق قوتك ونقاط ضعفك جيدًا، وتحدد مواردك وأولوياتك، ما يمكن أن تعطيه وما تحتاج ان تأخذه من الآخرين. وأن تجيد لعبة المقايضة، فيا عزيزي لن تنل شيئًا مجانيًا.

الدرس الرابع " أنت لا تعيش بمفردك ولا تسطيع أن تنعزل عن العالم": القرارت الاقتصادية الصعبة أو الإجراءات التي يجب أن تتخذها الدول يجب أن تراعي فيها أنها لا تعيش بمفردها في العالم ولا يمكن أن تنعزل، فالسياحة والاستثمارات الخارجية ونقل التكنولوجيا والأفكار صارت لها مقاييس عالمية لا تعرف الروتين ولا تقف عند ظروفك الداخلية، كل ذلك يحتاج إلي ضمانات سياسية واقتصادية وقانونية، وإلي بيئة يشعر الآخر تجاهها بالاستقرار والأمان.

الدرس الأخير "خاص لسيادة المواطن": ما بين الجوائح المرتقبة والحرب المشتعلة المواطنون هم أصحاب المعاناة، لابد أن لكل شئ تكلفة ولا يمكن تحقيق أي إنتاج دون تضحية ودون عمل. ولابد أن تتخذ قرارات الانفاق ما بين أن تنفق اليوم او تنفق غدًا.. في كل الأحوال ستنفق خلال العام القادم من مدخراتك ولحمك الحي، فيجب أن تنفق بحرص. وتستثمر بذكاء.