استقبلنا 57 ألفًا من الأشقاء| نص كلمة وزير الخارجية خلال اجتماع الجامعة العربية الاستثنائي حول السودان
وزير الخارجية
تراس سامح شكري وزير الخارجية، الدورة رقم ١٥٩ لمجلس جامعة الدول العربية على المستوى الوزاري، في الاجتماع الاستثنائي لمجلس الجامعة لمناقشة تطورات الوضع في السودان، اليوم الأحد.
وجاء نص كلمة "شكري"، خلال الاجتماع كما يلي:
أصحاب السمو والمعالي وزراء خارجية الدول العربية الشقيقة
معالي السيد/ أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية
السيدات والسادة الحضور الكريم؛
أود في بداية الجلسة الإشادة بالاستجابة السريعة والواسعة من الدول العربية للدعوة التي وجهتها جمهورية مصر العربية والمملكة العربية السعودية لعقد هذه الدورة غير العادية للمجلس الوزاري للجامعة العربية والتي تأتي في أعقاب اجتماعين للجامعة على مستوى المندوبين الدائمين منذ اندلاع الأزمة الأخيرة في السودان الشقيق، بما يؤكد عمق الاهتمام العربي بالتطورات الجارية هناك وتوافق الإرادة على أهمية تكثيف الجهود العربية لوضع حد لتفاقم تلك الأزمة.
تود مصر في البداية أن تعرب عن تضامنها التام والكامل مع الشعب السوداني الشقيق في أزمته الحالية، والتي تفاقم من الأزمات المركبة والمتتالية التي يعاني منها السودان على مدار سنوات عدة، كما تؤكد استعدادها الدائم لتقديم كافة أوجه الدعم للخروج من الأزمة الراهنة، والعودة بالسودان إلى مسار التهدئة والحوار السلمي، حقنا لدماء الشعب السوداني.
كما تؤكد على قلقها العميق من استمرار المواجهات المسلحة والخرق المتكرر لإعلانات وقف إطلاق النار المتتالية على النحو الذي يهدد بتدهور متسارع للأوضاع المعيشية الصعبة في السودان، الأمر الذي يعلى من أهمية تضافر كافة الجهود العربية في سبيل إعلاء مصلحة الشعب السوداني ووقف الأعمال العدائية والمسلحة الجارية واللجوء إلى الحوار لمعالجة جذور الأزمة وحل الخلافات التي ساهمت في اندلاع الاشتباكات.
إن مصر بما لديها من تاريخ وروابط سياسية واقتصادية وإنسانية متجذرة مع السودان حريصة كل الحرص على حقن دماء الشعب السوداني، وعودة الاستقرار والهدوء له وتدعم كافة الجهود اللازمة لإيجاد حل سوداني مدعوم عربياً، يضمن الاحترام الكامل السيادة السودان ووحدة وسلامة أراضيه، وعدم التدخل في شئونه الداخلية، والتعامل مع أزمته الحالية باعتبارها شأنًا داخليًا سودانيًا، وضرورة أن تتسم أية عملية سياسية في السودان بالشمول في تناول الملفات الشائكة والمتشابكة.
كما تشدد مصر في هذا الإطار على وجوب الحفاظ على تماسك مؤسسات الدولة في السودان وعدم تعرضها لخطر الانهيار، والحيلولة دون أي تدخل خارجي في الشأن السوداني تجنبًا لتأجيج الصراع وتهديد السلم والأمن الإقليميين، وبحيث نتجنب جميعاً، داخلياً في السودان، وكذلك إقليميا ودوليا، تكرار معاناة التجارب المزعزعة للاستقرار والسلم والأمن التي شهدناها ولا نزال في دول المنطقة.
ومن هذا المنطلق قامت مصر بجهود حثيثة واتصالات مكثفة مع كافة الأطراف الفاعلة السودانية والإقليمية والدولية على مستوى كل من مسئولي الدول والمنظمات للتباحث حول سبل الخروج من الأزمة الحالية، كان آخرها الاتصال مع الفريق أول عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة السوداني الانتقالي، والفريق أول محمد حمدان دقلو قائد قوات الدعم السريع لمساعدة السودان في الخروج من محنته، وتوفير البيئة الملائمة لحل الخلافات من خلال الحوار.
السادة الحضور
لقد استقبلت مصر بكل ترحاب منذ بداية الأزمة أكثر من ٥٧ ألفًا من الأشقاء السودانيين فضلًا عن مساهمتها في إجلاء أكثر من أربعة ألاف مواطن أجنبي، فضلاً عن الرعايا المصريين بما يتجاوز ستة آلاف الأمر الذي يعكس جانبًا هامًا من جوانب الأزمة وآثارها الإنسانية المرشحة للتفاقم حال استمرار التردي في الأوضاع في السودان الشقيق.
لذا فإنني من هذا المنبر، أجدد التشديد على ضرورة الوقف الفوري والعام والشامل لأطلاق النار في السودان، وضمان الالتزام به وبما لا يقتصر هدفه على الأغراض الإنسانية وذلك حقنا للدماء السودانية وحفاظا على أمن وسلامة المدنيين ومقدرات الشعب السوداني الشقيق.
كما أؤكد أن دقة وخطورة الوضع الحالي في السودان، وما قد يكون له من تداعيات إقليمية، يحتم على كافة الأطراف الإقليمية والدولية، وفى مقدمتها دولنا العربية، أن توحد جهودها ومساعيها لمنح الثقل المطلوب للتحرك الجماعي الذي من شأنه التأثير على الأطراف المتنازعة وحثها على وقف أعمال الاعتداء والاشتباكات العسكرية، بما يكفل العودة إلى الحوار السياسي في السودان، وتجنب الانزلاق إلى وضع أمنى أكثر سوءا واشد خطورة على السودان وشعبه، وعلى دول جواره ومحيطه الإقليمي.
ختامًا، أثمن مجددًا جهود الأمانة العامة والدول الأعضاء، وأجدد الإعراب عن ثقة مصر في أن هذا الاجتماع سيخرج بخطوات عملية تحمل بصمات إيجابية على مسار العمل العربي المشترك، بما يرقى إلى تطلعات الشارع العربي في مواجهة تحديات الأزمة السودانية الحالية.
في ختام كلمتي اسمحوا لي بالتوجه بالشكر والتقدير مجددًا إلى معالي الأمين العام وأصحاب السمو والمعالي وزراء خارجية الدول العربية الشقيقة على تلبيتهم الدعوة لعقد هذا الاجتماع.