برلمانيون تونسيون: أقسى الضربات التي تلقاها تنظيم الإخوان كانت في مصر 2013

أرشيفية

أرشيفية

كما فشل الإخوان فى مصر فشلوا أيضًا فى تونس، وكما ثار الشعب المصرى ضد حكمهم ثار الشعب التونسى وخرج بجميع أطيافه إلى الشوارع ينادون بإسقاطهم، تجربة أُعِيدت من مصر إلى تونس، فالجماعة واحدة والغضب ضدها هو نفسه، والسقوط كان حاسمًا.

فيحل اليوم ذكرى إعلان الرئيس التونسى قيس سعيد سلسلة من القرارات الحاسمة فى 25 يوليو 2021 لإنقاذ تونس، والتى شملت تجميد أعمال واختصاصات البرلمان ورفع الحصانة عن كافة أعضائه وإعفاء رئيس الحكومة هشام المشيشى من منصبه، تلك القرارات التى جاءت على وقع تظاهرات شعبية واسعة شهدتها تونس للتعبير عن الغضب والاحتجاج على أداء من يكبلون البلاد حينها، وهي حركة النهضة التونسية التابعة لجماعة الإخوان، والذي ظهر في حرق المحتجين لبعض مقرات الحركة تعبيرًا عن الغضب حول ما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية وانغلاق الأفق السياسي، في ظل الحكم الإخواني الذي ظل لنحو عقد من الزمان، سميت بـ"العشرية السوداء".

وللحديث عن دور مصر وما قامت به من إجراءات أدت إلى إسقاط مشروع الإخوان الدولي، ومدى تأثير إجراءات 25 يوليو في تونس لإنهاء هذا المشروع بالكامل، التقت وكالة أنباء الشرق الأوسط بعدد من البرلمانيين في تونس.

وفى حديثه مع موفد وكالة أنباء الشرق الأوسط في تونس، قال مساعد رئيس البرلمان المُكلّف بالعلاقات الخارجية وبالتونسيين بالخارج والهجرة عز الدين التايب، إن أقسى الضربات التي تلقاها تنظيم جماعة الإخوان كانت تلك التي اتخذتها مصر في 2013، تلك القرارات التي حمت الدولة المصرية من الانزلاق إلى الفوضى وحافظت على تماسكها ومؤسساتها من العمليات الممنهجة لأخونتها.

وقال التايب" إن تلك القرارات التي حررت مصر من قبضة الإخوان إنما كانت إيذانًا بتحرير المنطقة من مخططات تنظيم الإخوان الدولي، وسهلت القضاء على ما وصفه "فضلات الإخوان في تونس"، مشيرًا إلى أن ما اتخذه الرئيس عبد الفتاح السيسي سوف يدونه التاريخ .

ووصف التايب ما قام ويقوم به الرئيس عبد الفتاح السيسي من أجل مصر بـ"الأمر الخيالي"، حيث حافظ على الدولة من التخريب، وبدأ مشروعًا تنمويًا في كافة القطاعات وشتى المجالات بالدولة.

وأضاف أنه كما ثار الشعب المصرى ضد جماعة الإخوان ثار هنا أيضًا في تونس ضدهم، خاصة بعدما أوصلت حركة النهضة -الذراع السياسي للإخوان في تونس- البلاد خلال العشرية السوداء التي حكموا فيها البلاد إلى وضع كارثي.

وتابع التايب أن الرئيس التونسي قيس سعيد اتخذ قرارات 25 يوليو استجابة للجماهير الغفيرة ولمطالب الشعب الذي نزل إلى الشوارع والميادين لإسقاط حركة النهضة، لافتًا إلى أن تلك القرارات كانت بمثابة طوق النجاة للشعب التونسي، وهو ما بدى واضحًا من احتفالاتهم بالخلاص من الجماعة ورسائل دعمهم لتلك القرارات والتي عبروا عنها بالخروج إلى الشوارع عقب دقائق من اتخاذها.

واعتبر أن تلك القرارات جاءت في وقتها المناسب والحاسم، حيث أخرجت البلاد التي كانت تقف على أعتاب الفوضى من هذا النفق، وجنبت البلاد سيناريو كارثيًا كانت تسير إليه لا محالة.
وأوضح التايب أن هناك العديد من التحديات التي لا تزال موجودة أمام طريق استكمال مسار الإصلاح، منها الاختراقات التي نفذتها جماعة الإخوان في كافة مؤسسات الدولة -باستثناء الجيش- خلال العشرية السوداء، حيث شهدت تونس ما لم تشهد في تاريخها.

وقال إن هناك تحديات تتعلق بما يروجه البعض بشكل خاطئ عن تلك الإجراءات الإصلاحية وتصويرها على أنها إجراءات ديكتاتورية، وتشويه تونس لدى الغرب، وهو ما نلمسه من خلال لقاءاتنا مع سفراء تلك الدول.

وأشار التايب إلى أن عمليات التشويه تلك هي الباب الذي يطمح من خلاله الطامعين في العودة مجددًا إلى السلطة، وبالتالي يحاولون الترويج بأن ما يحدث في تونس يُعد قمعًا للحريات.

ورأى التايب أن الرئيس قيس سعيد لابد وأن يستكمل هياكل الدولة الشاغرة من سفراء ووزراء، حتى يتسنى استكمال مسيرة الإصلاح، مشيرًا إلى أهمية تجديد الدماء.

كما رأى التايب أنه لابد من العمل بشكل أكبر على الملف الاقتصادى، لإحداث نقلة نوعية في حياة المواطن، والتخلص من الإرث الكارثي الذي خلفه الإخوان في هذا القطاع.

من جهته، قال مساعد رئيس مجلس النواب المكلف بشؤون التشريع حسام محجوب إن أهمية إجراءات 25 يوليو أنها جاءت استجابة لطلب الشعب الملح بعد 10 سنوات من الفوضى ومن اللادولة، لافتًا إلى أن تلك الإجراءات كان لها أكبر الأثر على الحياة السياسية، وهي توقيف دستور 2014، الذي اتسم بعنوان شهير وهو تجزئة الحكم على ثلاثة، وبالتالي كان الشعار السائد للحكم "لا أحكم ولا تحكم ولن يحكم أحد في البلاد"، وهو ما كان بمثابة ترسيخ لإضاعة الدولة وعدم التنمية في البلاد، وهو ما دفع الشعب إلى الثورة والخروج طواعية لإسقاط حكم الإخوان والتعبير عن رفضه لمنظومة حكمهم التي أفقرت البلاد وأدت لتدهور قدرة الأسر الشرائية وارتفاع البطالة وانهيار المؤشرات الاقتصادية للدولة.

وأضاف محجوب أن ما شهدته الدولة من خطوات لاحقة لإجراءات 25 يوليو كانت بمثابة إشراك للشعب في الإعداد لمستقبل البلاد، فتم إعداد استشارة إلكترونية وحوار وطني، من أجل تلبية رغباته.

ورأى محجوب أن ما تشهده تونس من أزمات متزامنة إنما يأتي في إطار محاولات الراغبين في إسقاط الدولة وعدم استكمال مسارها نحو الدولة الجديدة، لافتًا إلى أن إخراج هذه العناصر واجتثاثها يحتاج إلى وقت وتطبيق صارم للقوانين ضد من يريد تكبيل الدولة، مشيرًا إلى فشل كل تلك المحاولات التي تستهدف تشويه المسار.

وتابع أن الدعم الكبير للرئيس التونسى قيس سعيد إنما يُعد رسالة شعبية بالوقوف خلفه لاستكمال المسار، وهو ما بدا من استطلاعات الرأي التي أكدت حصوله على نسبة تقارب 80% من نوايا التصويت، وهو ما يؤكد رغبة الشعب كذلك في استكمال مسار 25 يوليو.

ورأى محجوب أنه يجب استكمال بناء الجمهورية الجديدة والبناء على إجراءات 25 يوليو عبر استكمال المجالس المحلية ومجلس الأقاليم والمجلس الوطني، خاصة أن هذه المجالس سوف تعنى بالسياسة التنموية، وهو ما سيكون له أثر تنموي كبير.

وأكد ضرورة سن قوانين تغير من حياة المواطن التونسي، خاصة وسط ترقبه لتشريعات تغير من واقعه اليومي نحو الأفضل، وهذا هو المطلوب، وهذا هو الذي يجب أن تلتزم به مؤسسات الدولة كافة من أجل حل المشكلات الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

أما النائبة البرلمانية فاطمة المسدي، فقالت إن اقتلاع جماعة الإخوان في مصر كان له أكبر الأثر على الإطاحة بهم في تونس، فعندما خرجت الملايين من أجل إسقاط حكم الجماعة في مصر وانتصر الشعب في النهاية، أراد الشعب التونسي هو أيضًا التخلص منهم.

وأشارت المسدي إلى أن سقوط الجماعة في مصر فتح الباب أمام المداولات السياسية بشأن ما يجب اتخاذه في تونس للتخلص من هذه الجماعة، وهو ما كان له أثر كبير على سياسة الاغتيالات التي طالت بعض الشخصيات العامة، منها الشهيد محمد البراهمي الذي جاء في مجلس النواب وتطرق إلى ما يجب القيام به لمعالجة معضلة الإخوان، ومن ثم تم اغتياله.

وقالت إن النقطة الفاصلة نحو سقوط الإخوان في تونس كانت صعود مرشدهم راشد الغنوشي إلى رئاسة مجلس النواب، وهو اعتبره الشعب قفزًا على إرادته، وانطلقت المظاهرات من أجل إسقاط الجماعة، وهو ما استجاب له الرئيس قيس سعيد رغم التهديدات التي روجتها الجماعة بنشر الفوضى ودفع البلاد نحو مربع العنف.

ولفتت المسدي إلى أن خارطة الطريق التي أعلنها الرئيس التونسي عقب ذلك كانت إجراءات مُحكمة لاستكمال المسار، والتخلص من إرث الجماعة، خاصة فيما يتعلق بإسقاط دستورهم الذي جعل التخلص من الجماعة غير ممكن.

ورأت أن هناك العديد من الإجراءات التي يجب اتخاذها من أجل استكمال المسار الإصلاحي، منها ضرورة مراجعة التعيينات داخل أجهزة الدولة خلال فترة حكم الإخوان والتي سعوا من خلالها إلى اختراق أجهزة الدولة، لافتًا إلى وجوب مراجعة الهبات والمنح التي تحصل عليها بعض الجمعيات الأهلية وكذلك لمعرفة الهدف منها.

وأكدت المسدي أنه يجب على الدولة أن تعمل حاليًا على التخلص من بقايا الإخوان لاستكمال المسار الإصلاحي، مشيرة إلى أن هناك مجموعة من النواب سيعملون من جانبهم على إعداد مشروع لمراجعة مرسوم الأحزاب والجمعيات من أجل تحويله إلى قانون سيتم خلاله منع التمويل الأجنبي للجمعيات من أجل الحد من الاختراق عبر هذه الشبكات الأجنبية التي تضخ أموالًا طائلة، لتأليب الرأي العام واختراق السيادة الوطنية.

وكشفت المسدي أيضًا عن شروع نواب إلى تقديم لائحة للمناقشة من أجل تصنيف حركة النهضة حركة إرهابية، حيث تهدف هذه اللائحة إلى المطالبة بحلّ حركة النهضة على خلفية شبهات تمويلات أجنبية وارتباطات خارجية وتورّطها في الاغتيالات السياسية.

يمين الصفحة
شمال الصفحة