أكدت الكثير من التقارير الاقتصادية العربية أن شركات النفط الصينية من أول المستفيدين من التطورات في سوريا، وذلك في حال تحقق الاستقرار السياسي بالبلاد التي باتت تسيطر عليها قوات المعارضة، عقب 11 يوماً من بدء عملية عسكرية بقيادة هيئة تحرير الشام التي تتمركز في مدينة إدلب شمال غرب البلاد في نهاية الشهر الماضي.
وبينما لا يزال من المبكر الحكم على المشهد السوري، إلا أن دخول دمشق من قبل المعارضة بدون سفك دماء أو تدمير للبنى التحتية، يُرجح أن استقرار الأوضاع قد يكون في المستقبل القريب، خاصة بعد خطة لتسلم مؤسسات الدولة سلمياً من محمد غازي الجلالي رئيس الوزراء في حكومة بشار الأسد اللاجئ في روسيا.
"إذا تحقق الاستقرار السياسي في سوريا، فقد تستفيد شركات مثل "سي إن بي سي" (CNPC) و"سينوبك غروب" (Sinopec Group)، اللتين تمتلكان أصولاً في مجال التنقيب والإنتاج في الدولة، لكنهما قلصتا الإنتاج بسبب الحرب الأهلية"، وفق أندرو تشان، محلل الائتمان في "بلومبرغ انتليجنس".
وتسعى شركات النفط الصينية للاستفادة من تطورات الأوضاع في سوريا بطرق متعددة، خصوصًا مع استقرار الأوضاع الأمنية والسياسية نسبياً، وفتح الحكومة السورية الباب أمام الاستثمارات الأجنبية لإعادة إعمار البنية التحتية وقطاع الطاقة. إليك أهم الطرق التي قد تستفيد بها:
1. الوصول إلى موارد النفط والغاز:
سوريا تمتلك احتياطيات من النفط والغاز، على الرغم من أنها ليست ضخمة مقارنة بدول أخرى في الشرق الأوسط. الشركات الصينية يمكن أن تدخل السوق السوري لاستكشاف وتطوير حقول النفط والغاز، خاصة أن الصين لديها الخبرة التقنية والقدرات المالية لدعم مثل هذه المشاريع.
2. إعادة تأهيل البنية التحتية للطاقة:
قطاع النفط والغاز في سوريا تعرض لأضرار جسيمة خلال الحرب، بما في ذلك تدمير أو إتلاف خطوط الأنابيب، المصافي، ومحطات الإنتاج. الشركات الصينية قد تكون في موقع جيد لتقديم خدمات إعادة الإعمار والبنية التحتية، مستفيدةً من قدراتها الكبيرة في هذا المجال وعلاقاتها مع الحكومة السورية.
3. الشراكات مع الحكومة السورية:
الصين تُعتبر شريكاً استراتيجياً لسوريا، وقد أظهرت دعمها السياسي خلال الأزمة السورية. لذلك، قد تحصل الشركات الصينية على معاملة تفضيلية في العقود والاتفاقيات، بما في ذلك عقود طويلة الأجل لتطوير الحقول أو إنشاء البنية التحتية.
4. استراتيجية "الحزام والطريق":
موقع سوريا الاستراتيجي يجعلها جزءًا مهماً من مبادرة "الحزام والطريق" الصينية. الاستثمار في قطاع النفط والغاز يمكن أن يعزز وجود الصين في المنطقة ويؤمّن ممرات للطاقة تُعزز أهداف المبادرة.
5. الفرص في التنقيب البحري:
مع تزايد الاهتمام باستخراج الغاز من البحر المتوسط، قد تكون الشركات الصينية مهتمة بالدخول في مشاريع التنقيب البحري السورية، خاصة إذا كان هناك اتفاقيات واضحة وتسهيلات مالية.
6. الدعم المالي والتكنولوجي:
الشركات الصينية تتمتع بقدرة عالية على تقديم حلول تكنولوجية متقدمة إلى جانب تمويل مشاريع ضخمة، وهو أمر قد يكون مغريًا للحكومة السورية التي تحتاج إلى استثمارات كبيرة لإعادة بناء قطاع الطاقة.
7. تأمين إمدادات مستقرة للصين:
على الرغم من أن سوريا ليست منتجًا كبيرًا للنفط، فإن تأمين عقود طويلة الأجل يمكن أن يساعد الصين على تنويع مصادرها من الطاقة وتعزيز أمنها الطاقوي.
التحديات المحتملة:
على الرغم من الفرص، هناك تحديات تواجه الشركات الصينية:
استمرار العقوبات الدولية على سوريا، مما قد يعيق الاستثمارات.
المنافسة مع شركات أخرى من روسيا وإيران، اللتين لديهما نفوذ كبير في قطاع الطاقة السوري.
مخاطر أمنية متبقية في بعض المناطق.
بالتالي، استفادة الصين تعتمد على تحقيق توازن دقيق بين مصالحها الاقتصادية، علاقتها مع الحكومة السورية، والضغوط الدولية.