قررت لجنة السياسة النقدية للبنك المركزي في اجتماعها يوم الخميس 26 ديسمبر 2024، الحفاظ على أسعار الفائدة كما هي، حيث تم الإبقاء على عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة عند 27.25% و28.25% على التوالي، بالإضافة إلى سعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.75%.
وتم تثبيت سعر الائتمان والخصم عند 27.75%. كما قررت اللجنة تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة حتى الربع الرابع من عام 2026 والربع الرابع من عام 2028 بمعدل 7% (± 2 نقطة مئوية) و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط، بما يتماشى مع التقدم التدريجي في إطار استهداف التضخم الذي يتبعه البنك المركزي.
التطورات الاقتصادية العالمية وأثرها على السياسة النقدية
على الصعيد العالمي، استمرت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة في خفض أسعار الفائدة تدريجيًا، في ظل تراجع معدلات التضخم، بينما تم الإبقاء على السياسات النقدية التقييدية بسبب استمرار تجاوز التضخم للمستويات المستهدفة.
ويشهد النمو الاقتصادي استقرارًا نسبيًا، ومن المتوقع أن يظل عند مستويات متدنية مقارنة بفترة ما قبل جائحة كورونا.
ورغم ذلك، يواجه النمو مخاطر تتعلق بالتشديد النقدي المستمر، التوترات الجيوسياسية، والتهديدات من السياسات التجارية الحمائية.
أما أسعار السلع الأساسية العالمية فقد شهدت تقلبات طفيفة، مع توقعات بانخفاضها، خاصة فيما يتعلق بمنتجات الطاقة، لكن المخاطر المرتبطة بتضخم الأسعار لا تزال قائمة.
الوضع الاقتصادي المحلي والتوقعات المستقبلية
فيما يتعلق بالاقتصاد المصري، تشير المؤشرات الأولية للربعين الثالث والرابع من عام 2024 إلى استمرار تعافي النشاط الاقتصادي، مع تسارع نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقارنة بالربع الثاني من العام.
ومع ذلك، لا يزال الناتج المحلي الإجمالي أقل من طاقته القصوى، مما يدعم الانخفاض المتوقع في التضخم خلال عام 2025، مع توقع تحقيق الاقتصاد لطاقته القصوى بحلول نهاية السنة المالية 2025/2026.
فيما يتعلق بالأجور، لا تزال الضغوط التضخمية المحدودة ناتجة عن ضعف النمو الحقيقي للأجور.
معدلات التضخم وتطوراتها في مصر
على الرغم من استقرار المعدل السنوي للتضخم العام خلال الأشهر الثلاثة الماضية، فقد شهدت أسعار المواد الغذائية انخفاضًا ملحوظًا، مما أدى إلى تراجع التضخم العام إلى 25.5% في نوفمبر 2024.
وسجلت أسعار المواد الغذائية الأساسية والخضروات الطازجة أدنى مستوى تضخم سنوي لها منذ عامين.
وفي المقابل، ارتفعت أسعار السلع غير الغذائية، مثل الوقود والنقل البري ومنتجات التبغ، في إطار استراتيجية الحكومة لزيادة الإيرادات وتقليل العجز المالي.
وفيما يتعلق بالتضخم الأساسي، انخفض إلى 23.7% في نوفمبر 2024 مقارنة بـ 24.4% في أكتوبر 2024، مما يشير إلى احتمالية استمرار الاتجاه النزولي للتضخم.
تحليل العوامل التي ساهمت في التضخم
بدأ التضخم العالمي في التراجع بعد عامين من الارتفاع الحاد، على الرغم من أنه لا يزال أعلى من المعدلات المستهدفة في العديد من الاقتصادات المتقدمة والناشئة.
وفي مصر، تراجع معدل التضخم العام مؤخرًا، ومن المتوقع أن يصل إلى حوالي 26% في الربع الرابع من 2024، متجاوزًا المعدل المستهدف للبنك المركزي البالغ 7%.
ويعود ذلك إلى عدة عوامل رئيسية منها الاختلالات الخارجية الناجمة عن ارتفاع أسعار المواد الغذائية العالمية، التضخم المستورد، التأثيرات السلبية للصراع الروسي الأوكراني، وصدمات العرض المحلية.
الإجراءات التصحيحية للبنك المركزي المصري
منذ مارس 2024، اتخذ البنك المركزي المصري مجموعة من الإجراءات التصحيحية بهدف استعادة الاستقرار الاقتصادي الكلي.
ومن أبرز هذه الإجراءات كانت السياسة النقدية التقييدية، وتوحيد سوق الصرف الأجنبي، مما ساعد على ترسيخ توقعات التضخم وجذب المزيد من تدفقات النقد الأجنبي.
وتظل المخاطر المحيطة بالتضخم قائمة، بما في ذلك احتمالات تصاعد التوترات الجيوسياسية وعودة السياسات الحمائية.
التوقعات المستقبلية للتضخم في مصر
تشير التوقعات إلى أن التضخم في مصر سينخفض بشكل ملحوظ بدءًا من الربع الأول من عام 2025، مع تأثير القرارات النقدية التقييدية وأثر فترة الأساس.
ومن المتوقع أن يقترب التضخم من معدلات أحادية في النصف الثاني من عام 2026.
وبالنظر إلى هذه التوقعات، قررت لجنة السياسة النقدية تمديد الأفق الزمني لمستهدفات التضخم حتى الربع الرابع من عام 2026 والربع الرابع من عام 2028، مما يتيح المجال للتعامل مع صدمات الأسعار دون الحاجة إلى مزيد من التشديد النقدي.
قرار الإبقاء على أسعار الفائدة
في ضوء ما سبق، رأت لجنة السياسة النقدية أنه من الأنسب الإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير في الوقت الحالي، وذلك حتى يتحقق انخفاض ملموس ومستدام في معدل التضخم.
وسوف تستمر اللجنة في مراقبة تطورات الأوضاع الاقتصادية واتخاذ قرارات بشأن السياسة النقدية بناءً على التوقعات والمخاطر المحيطة بها، مع استخدام جميع الأدوات المتاحة للحد من الضغوط التضخمية وتحقيق مستهدفات التضخم