بدأ القطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر العام الجاري بانطلاقة قوية في الأداء، مما يشير إلى زخم متوقع في نشاط الشركات في أكبر اقتصاد عربي، وأكبر دول المنطقة من حيث عدد السكان على حد سواء.
كشف مؤشر مديري المشتريات للقطاع الخاص في مصر والسعودية في يناير الماضي عن زخم قوي، إذ تحسن أداء القطاع في السعودية مسجلاً أعلى مستوى منذ 2014 بفضل زيادة الطلبيات الجديدة وتوسع سريع في النشاط التجاري، فيما ارتفع في مصر لأعلى مستوى في 50 شهراً بفضل تحسن أوضاع السوق المحلية وتراجع ضغوط التكلفة، مما أدى إلى انتعاش المبيعات للمرة الثانية فقط في أكثر من ثلاث سنوات، بحسب تقرير "بلومبرج".
خروج من الركود بمصر
زيادة حجم الإنتاج والمبيعات كانت المحرك الرئيسي وراء تحسن نشاط الشركات الخاصة في مصر خلال الشهر الماضي، بعد ركود مطوّل خلال السنوات القليلة الماضية. ساهم تراجع ضغوط التكلفة أيضاً مع انخفاض أسعار بعض المواد في دعم تلك الزيادات، وساعد ذلك في تخفيف تضخم أسعار المنتجات الذي سجل أدنى مستوى في أربع سنوات ونصف السنة.
أشارت الكثير من الشركات إلى أن التحسن في الظروف الاقتصادية وانخفاض ضغوط التضخم منحت للعملاء ثقة أكبر في تقديم طلبات جديدة وذلك في قطاعات التصنيع والإنشاءات والجملة والتجزئة، في حين سجل قطاع الخدمات تراجعاً وحيداً في المبيعات.
مشتريات مستلزمات الإنتاج
كما ارتفعت مشتريات مستلزمات الإنتاج مما ساهم في زيادة طفيفة في مخزوناتها، بينما استقرت سلاسل التوريد، إذ لم تشهد فترات التسليم تغييراً يُذكر منذ ديسمبر.
على صعيد الأسعار، ارتفعت أسعار مستلزمات الإنتاج، لكن معدل التضخم في أسعار تلك المستلزمات تباطأ مقارنة مع ديسمبر وسجل أضعف مستوياته في ثمانية أشهر بفضل تباطؤ صعود أسعار المشتريات. وعلى الرغم من أن بعض الشركات أشارت إلى زيادة ضغوط التكلفة بسبب قوة الدولار الأميركي أشارت أخرى إلى انخفاض في أسعار المواد. نتيجة لذلك، لم ترفع الشركات أسعار إنتاجها سوى بمعدل طفيف في يناير، كان الأضعف منذ أربع سنوات ونصف السنة.
عدم اليقين يهيمن على التوقعات
لكن على الرغم من تحسن الأوضاع، ظلت توقعات الشركات بشأن نشاطها المستقبلي في مصر سلبية، إذ تراجعت تلك التوقعات مقارنة مع ديسمبر وبلغت مستوى منخفضاً تاريخياً.
"كان النمو في بداية عام 2025 بمثابة خبر سار للقطاع الخاص غير المنتج للنفط في مصر، والذي عانى في الآونة الأخيرة بسبب التضخم الجامح والآثار الأوسع لحالة عدم الاستقرار الإقليمي. وساهم خفض بعض أسعار مستلزمات الإنتاج في تخفيف ضغوط التكلفة وانتعاش المبيعات للمرة الثانية فقط في أكثر من ثلاث سنوات"، بحسب ما ذكره ديفيد أوين، خبير اقتصادي أول في "إس آند بي غلوبال ماركت إنتليجنس"، في التقرير.
"يُرجح أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس ساهم في تعزيز الثقة في الأسواق خلال يناير. ومع ذلك، تظل توقعات الشركات للأشهر الاثني عشر المقبلة ضعيفة، مما يشير إلى أن الشركات لا تزال غير متأكدة من الاستقرار الاقتصادي على المدى الأطول" وفق أوين.
تبدي مصر "تفاؤلاً حذراً" بأن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس سيؤدي في النهاية إلى انتعاش إيرادات قناة السويس، التي انخفضت 60% على الأقل بسبب الحرب، وفق ما قاله وزير التجارة الخارجية والاستثمار المصري في مقابلة مع تلفزيون بلومبرغ الشهر الماضي.