وثائق مسرّبة تفضح استراتيجية طهران لبناء إمبراطورية اقتصادية في سوريا

كشفت وثائق سرية صادرة عن وحدة السياسة الاقتصادية الإيرانية في سوريا، عُثر عليها في مبنى السفارة الإيرانية بدمشق، عن خطة ضخمة وضعتها طهران لاستثمار مليارات الدولارات في سوريا.

 بهدف تعويض ما أنفقته لدعم نظام بشار الأسد، وترسيخ نفوذها في البلاد. الوثائق، التي حصلت عليها وكالة "رويترز"، ترسم ملامح ما وصفه مراقبون بـ"خطة مارشال إيرانية"، في إشارة إلى المبادرة الأمريكية لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.

أحلام اقتصادية ضائعة بعد سقوط النظام

وبحسب التقرير، فإن هذه الخطة الإيرانية تلاشت فعليًا بعد الإطاحة ببشار الأسد في ديسمبر الماضي، حيث انسحبت القوات شبه العسكرية الإيرانية، والدبلوماسيون، والشركات من الأراضي السورية، متراجعين أمام تغيرات مفاجئة في المشهد السياسي والأمني.

وتشير الوثائق إلى أن طهران كانت تعوّل على سوريا باعتبارها قاعدة استراتيجية لبناء حضور اقتصادي عابر للقطاعات في الشرق الأوسط.

178 مليون دولار ديون غير مسددة لإيران

تتضمن الوثائق دراسة رسمية من 33 صفحة، تُظهر أن المشاريع الأربعين التي تم توثيقها في السفارة الإيرانية لا تمثل سوى جزء ضئيل من إجمالي استثمارات طهران في سوريا.

ومع ذلك، تُظهر الملفات أن الديون المستحقة على الحكومة السورية لصالح الشركات الإيرانية بلغت نحو 178 مليون دولار على الأقل، ما يُبرز حجم الخسائر التي تكبدتها طهران.

مشروعات معطلة وخسائر متراكمة

من أبرز المشاريع الإيرانية في سوريا التي كشفت عنها الوثائق:

  • محطة كهرباء في اللاذقية بقيمة 411 مليون يورو تنفذها شركة هندسية إيرانية، لكنها لا تزال معطلة ولم تدخل الخدمة.

  • مشروع لاستخراج النفط في الصحراء الشرقية السورية، تُرك مهجورًا دون استكمال.

  • جسر سكة حديد على نهر الفرات بكلفة 26 مليون دولار، أنشأته جمعية مرتبطة بالمرشد الأعلى علي خامنئي، إلا أنه دُمر في غارة جوية أمريكية ولم يُصلح أو يُعوّض عنه.

شركات إيرانية على حافة الإفلاس

كذلك أظهرت الوثائق أن شركات كبرى مثل مجموعة مابنا وكوبِر وورلد تكبدت خسائر مالية فادحة، نتيجة التأخير في السداد من الجانب السوري، بالإضافة إلى فساد واسع النطاق في منح العقود والمناقصات، ما زاد من تعقيد المشهد بالنسبة للمستثمرين الإيرانيين.

تراجع نفوذ إيران الاقتصادي في سوريا

تشير هذه التسريبات إلى أن طهران لم تكن تقدم الدعم لنظام الأسد فقط من منطلق أيديولوجي أو سياسي، بل كانت تضع أسسًا لبناء نفوذ اقتصادي طويل الأمد.

إلا أن هذه الطموحات اصطدمت بتغيرات سياسية مفاجئة وخسائر مادية فادحة، ما يجعل من خطة مارشال الإيرانية مشروعًا لم يكتمل، قد تُجبر إيران على إعادة حساباتها في ملف التمدد الإقليمي.

يمين الصفحة
شمال الصفحة