
تعاني مصر من توقف جزئي للخدمات المصرفية الرقمية، بينما لا تزال آثار الحريق الذي اندلع في مركز البيانات والاتصالات "سنترال رمسيس" تتردد على الساحة الاقتصادية، برز البنك المركزي المصري كطرف فاعل في التعامل مع الأزمة، من خلال حزمة إجراءات سريعة ومرنة هدفت إلى احتواء تداعيات الانقطاع المفاجئ في خدمات الإنترنت والتواصل البنكي. من رفع حدود السحب النقدي إلى تمديد ساعات عمل البنوك، بدت المنظومة المصرفية في حالة استنفار كامل لتقليل الأضرار وتسهيل حياة المواطنين.
تعليق التداول في البورصة.. ومشكلات في أنظمة السمسرة
في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، أعلنت البورصة المصرية تعليق التداولات، مشيرة إلى استمرار اضطرابات فنية أثرت على قدرة شركات السمسرة على التواصل بكفاءة عبر نظام التداول. القرار جاء بعد أقل من 24 ساعة على الحريق الكبير الذي ألحق أضرارًا بالغة بشبكات البيانات، وأدى إلى ارتباك واسع في نظم الاتصالات والإنترنت في القاهرة وعدد من المحافظات.
قرارات البنك المركزي.. رفع سقف السحب وتمديد ساعات العمل
وفي خطوة لافتة، قرر البنك المركزي المصري رفع الحد الأقصى اليومي للسحب النقدي من فروع البنوك إلى 500 ألف جنيه بدلًا من 250 ألفًا، وذلك للأفراد والشركات. القرار، الذي وُصف بأنه مؤقت، جاء استجابة لانقطاعات الشبكات التي عطّلت أجهزة الصراف الآلي (ATM) وخدمات الدفع الإلكتروني.
إلى جانب ذلك، سمح المركزي بمد مواعيد العمل في بعض الفروع حتى الساعة الخامسة مساءً، بدلًا من الثالثة عصرًا، على أن تُطبق هذه الخطوة وفقًا لرؤية كل بنك وحسب التوزيع الجغرافي لفروعه، ما أتاح مرونة إضافية لخدمة المواطنين في الظروف الاستثنائية.
رفع سقف السحب النقدي.. خطوة استباقية
صرّح الدكتور هاني الشامي، عميد كلية إدارة الأعمال بجامعة المستقبل، بأن قرار البنك المركزي برفع الحد الأقصى للسحب النقدي من فروع البنوك إلى 500 ألف جنيه، يُعد "قرارًا حكيمًا ومطلوبًا في مثل هذه الظروف الطارئة". وأكد أن ضخ سيولة نقدية كافية بأيدي المواطنين ضروري في ظل توقف القنوات الرقمية، لتيسير دفع الالتزامات اليومية سواء للأفراد أو المؤسسات.
تمديد ساعات العمل.. مرونة في مواجهة الأزمة
ولم يقتصر التحرك على رفع حدود السحب فقط، بل شمل أيضًا تمديد ساعات العمل في بعض فروع البنوك حتى الخامسة مساءً، وهي خطوة وصفها الشامي بأنها "تعكس استجابة مرنة وسريعة لتداعيات الأزمة". كما شدد على ضرورة أن تكون هذه الإجراءات مؤقتة، يتم إيقافها فور عودة الأنظمة الرقمية للعمل الكامل.
قدرة القطاع المصرفي على إدارة الأزمات
أشاد الشامي كذلك بتمكن عدد من البنوك من استئناف العمل جزئيًا بخدمات الـATM والـPOS خلال ساعات من وقوع الحادث، مشيرًا إلى أن "هذا التحرك السريع يعكس تحسنًا كبيرًا في إدارة المخاطر، وقوة البنية التحتية المصرفية في البلاد". كما أثنى على البنوك التي واصلت العمل دون تعطيل، في دلالة على وجود خطط طوارئ فعالة لديها.
دروس مستفادة ونقاط قوة يجب البناء عليها
رغم صدمة الحريق وحدّته، إلا أن طريقة التعامل معه أظهرت جاهزية لدى القطاع المصرفي المصري، وقدرته على اتخاذ قرارات حاسمة تحت الضغط. هذه التجربة تُعد تذكيرًا بأهمية تحديث شبكات البنوك وتأمينها ضد الحوادث غير المتوقعة، مع تعزيز التنسيق بين المؤسسات المصرفية وهيئات الاتصالات والمعلومات لضمان الاستجابة السريعة في الأزمات.
الأزمة لم تنتهِ.. لكن الثقة تتعزز
بين أزمة الإنترنت وقرارات الطوارئ، يعيش الاقتصاد المصري لحظة اختبار حقيقية، لكنها أيضًا لحظة تكشف عن تطور ملحوظ في جاهزية المؤسسات وقدرتها على الصمود. وإذا كانت هذه الإجراءات مؤقتة، فإن تأثيرها قد يدوم في صورة دروس عملية واستراتيجيات جديدة لإدارة المخاطر مستقبلًا، بما يعزز ثقة المواطنين في قطاعهم المصرفي.