
وصف الخبير الاقتصادي هاني جنينة، قرار صندوق النقد الدولي بخفض توقعاته لنمو الاقتصاد المصري خلال عام 2025/2026 إلى 4.1% بدلًا من 4.3%، وفقًا لتقرير يوليو 2025، بأنه "مفاجئ وغير مبرر" في ضوء المؤشرات الإيجابية التي تُظهر تعافيًا واضحًا في عدة قطاعات داخل الاقتصاد المصري.
تراجع توقعات النمو
وقال الخبير، في مداخلة هاتفية مع برنامج "اقتصاد مصر" على قناة أزهري، أوضح جنينة، أن التراجع في توقعات النمو ربما يرجع بالأساس إلى استمرار تأثير أزمة الممرات الملاحية في قناة السويس، التي لم تستعد نشاطها الكامل بعد، مما أثر على الإيرادات المتوقعة من هذا المصدر الحيوي الذي يدر نحو 10 مليارات دولار سنويًا.
ورغم هذا العامل، أكد جنينة، أن باقي القطاعات الاقتصادية مثل السياحة، وتحويلات العاملين بالخارج، والقطاع البنكي، والاستثمار العقاري في مناطق مثل الساحل الشمالي، تشهد نموًا فعليًا يعكس تحسن الأداء الاقتصادي العام.
زيادة تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية
وأشار إلى أن مؤسسة فيتش سوليوشنز قامت مؤخرًا برفع تقديراتها للنمو في مصر إلى 4.6%، مدفوعة بتحسن مناخ الاستثمار وزيادة تدفقات رؤوس الأموال الأجنبية المباشرة، في دلالة على ثقة المؤسسات الدولية في الاقتصاد المصري.
ورجّح جنينة، أن يكون خفض التوقعات من قبل صندوق النقد جزءًا من رسالة ضغط موجهة للحكومة المصرية، لحثها على الإسراع في تنفيذ ما تبقى من برنامج الإصلاح الاقتصادي، وعلى رأسه برنامج الطروحات الحكومية وتوسيع الشراكات مع القطاع الخاص.
ثقة الأسواق تتفوق على التوقعات
وأضاف أن الأسواق المالية بما في ذلك أداء الأسهم وسندات اليوروبوند المصرية، وانخفاض هوامش التحوط ضد التخلف عن السداد تُعد مؤشرًا أكثر دقة على ثقة المستثمرين في الاقتصاد المصري، مقارنة بتقديرات المؤسسات الدولية.
وفي ختام تصريحاته، توقّع جنينة، أن يُعيد صندوق النقد الدولي النظر في توقعاته خلال مراجعة أكتوبر المقبلة، خاصة إذا أتمّت مصر المرحلتين الخامسة والسادسة من المراجعات المطلوبة، وهو ما قد يرفع تقديرات النمو إلى أكثر من 4.5%.
دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج القرض
وفي مطلع الشهر الجاري، كشفت المتحدثة باسم الصندوق جولي كوزاك عن قرار دمج المراجعتين الخامسة والسادسة لبرنامج القرض ليجري تنفيذهما معاً في الخريف المقبل، وهو ما عزاه مسؤولون مصريون في تصريحات لـ"الشرق" إلى بطء تنفيذ برنامج الطروحات الذي يهدف لتقليص ملكية الحكومة في الاقتصاد.
تقدم ملموس في استقرار الاقتصاد
كان الصندوق قال في بيان ختام مراجعة أجراها ضمن برنامج التمويل في مايو الماضي، إن البلاد حققت تقدماً ملموساً صوب تحقيق استقرار على صعيد الاقتصاد الكلي، متوقعاً أن يستمر النمو في التحسن.
وأضاف أنه "مع استقرار الاقتصاد الكلي حالياً، من المهم أن تنفذ مصر إصلاحات أعمق لإطلاق قدرات النمو للبلاد، وخلق وظائف عالية الجودة للسكان الآخذين في الزيادة، والحد بشكل مستدام من مواطن الضعف وزيادة قدرة الاقتصاد على مواجهة الصدمات"، بحسب البيان.
تقديرات صندوق النقد الدولي لنمو اقتصاد مصر
في يونيو الماضي، أبقت الحكومة المصرية على تقديرات النمو الاقتصادي عند 4.5% للسنة المالية 2025-2026 دون تغيير، لتعزو ذلك إلى تأثير محدود للحرب بين إسرائيل وإيران التي استمرت 12 يوماً على أسعار النفط. وتحولت مصر إلى مستورد صاف للطاقة في السنوات الأخيرة بعد أن كانت مُصدراً لها.
وفي سياق أشمل، رفع الصندوق توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي خلال العامين الحالي والمقبل، وعزا ذلك إلى تراجع المعدلات الفعلية للرسوم الجمركية الأميركية مقارنة بما سبق الإعلان عنه في أبريل، وتحسن الأوضاع المالية لبعض الدول نتيجة انخفاض الدولار.