
أظهر استطلاع أجرته وكالة "رويترز" بين محللي سوق العملات، أن الدولار الأمريكي مرشح لمواصلة التراجع التدريجي خلال الأشهر المقبلة، في ظل تصاعد القلق من الضغوط السياسية على مجلس الاحتياطي الفيدرالي، وتراجع الثقة في دقة البيانات الرسمية، إلى جانب ارتفاع مستويات الدين الفيدرالي وزيادة التوقعات بشأن خفض أسعار الفائدة.
تطورات مثيرة للجدل تهز سوق الدولار
وجاءت هذه التوقعات بعد أسبوع شهد تطورات مثيرة للجدل، من أبرزها إقالة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لمفوضة مكتب إحصاءات العمل، إريكا ماكنترفر، في أعقاب مراجعات هبوطية لأرقام الوظائف، اعتبرها البعض غير مبررة، وتسببت في تقويض المكاسب التي حققها الدولار في وقت سابق، عقب إعلان صفقة تجارية جديدة مع الاتحاد الأوروبي.
ورغم تباطؤ موجة البيع الكثيف على الدولار، إلا أن العملة الأمريكية لا تزال منخفضة بنحو 9% منذ بداية العام أمام سلة من العملات الرئيسية.
سياسات ترامب تضعف جاذبية الأصول الأمريكية
وأشار الاستطلاع، إلى أن نهج ترامب في التعامل مع السياسة النقدية والمالية – من فرض رسوم جمركية متقلبة إلى انتقاد علني لمجلس الاحتياطي الفيدرالي ورئيسه جيروم باول – ساهم في زعزعة ثقة المستثمرين بالأصول الأمريكية، كما أدى إلى ارتفاع العوائد على السندات طويلة الأجل، في ظل مطالبة الأسواق بعلاوة أعلى لتعويض مخاطر عدم الاستقرار.
ووفقًا لاستطلاع العملات الذي أُجري بين 1 و5 أغسطس الجاري، يتوقع المحللون ارتفاع اليورو إلى 1.17 دولار بنهاية أكتوبر، ثم إلى 1.18 دولار خلال ستة أشهر، مع وصوله إلى 1.20 دولار في غضون عام، وهي أعلى التوقعات منذ أكتوبر 2021.
وقال رئيس استراتيجية العملات في "ويلز فارجو"، إريك نيلسون: “اعتدنا على رؤية تفوق للاقتصاد الأمريكي، لكن الواقع تغير.. هناك مخاوف عميقة تتعلق بجودة البيانات واستقلالية الفيدرالي، ما يجعل الدولار عرضة للبيع في أي صعود مؤقت”.
مخاوف على استقلالية الفيدرالي
في استطلاع منفصل أجرته رويترز، أعرب 89 من أصل 100 خبير اقتصادي عن قلقهم من تراجع مصداقية البيانات الحكومية، وهو ما سبق قرار ترامب بإقالة مفوضة الإحصاءات.
كما أبدى المستثمرون توترًا متزايدًا من الضغوط التي يمارسها ترامب على مجلس الاحتياطي الفيدرالي، لخفض أسعار الفائدة بصورة أسرع، وتزيد استقالة عضو مجلس محافظي الفيدرالي، أدريانا كوجلر، من الغموض حول مستقبل القيادة النقدية، خاصة مع قرب انتهاء ولاية باول في مايو المقبل.
وقال استراتيجي العملات في ING، فرانشيسكو بيسولي: “إذا تمكن ترامب من تعيين أحد مرشحيه كمحافظ للفيدرالي، ما يمهد لاحقًا لتوليه رئاسة المجلس، فإن الأسواق قد تعتبر ذلك تقويضًا لاستقلالية السياسة النقدية، وهو ما سيشكل ضغطًا إضافيًا على الدولار”.