الأوبرا تعيد إنتاج "إيكاروس".. برؤية جديدة احتفالاً باليوبيل الفضى للرقص المسرحي

عقد الدكتور مجدى صابر رئيس دار الاوبرا المصرية مؤتمراً صحفياً للاحتفال بمرور 25 عام على تأسيس فرقة الرقص المسرحى الحديث والاعلان عن اعادة انتاج العرض الاول فى ريبرتوارها ايكاروس برؤية جديدة ويتم تقديمه فى الثامنة مساء يومى الثلاثاء والاربعاء 3 ، 4 ابريل المقبل على المسرح الكبير وذلك بحضور الفنان وليد عونى مخرج العرض ومؤسس الفرقة ومديرها الفني الاول ومناضل عنتر المدير الفني الحالي للفرقة ومحمد منير مدير عام الاعلام بالاوبرا .
بدأ المؤتمر بكلمة للدكتور مجدى صابر رئيس الاوبرا رحب فيها بالحضور واكد ان الفنان وليد عونى صاحب البصمة الاولى لفن الرقص الحديث فى مصر نجح فى تغيير العديد من المفاهيم الفنية من خلال تصميم عروض متميزة تناولت موضوعات متنوعة والقت الضوء على رموز مصرية بشكل مبتكر واشار الى انه تعاون مع وليد عونى فى اعمال سابقة منها ليالى ابو الهول وايقاع الاجيال وغيرها مضيفاً انه سيتم اعداد خطة لاعادة انتاج عدد من اهم الاعمال التى يضمها ريبرتوار فرقة الرقص المسرحى الحديث لتتمكن الاجيال الجديدة من متابعة تطور هذا الفن وضمها الى ذاكرة الفنون المصرية بالاضافة الى الاستعانة بخبرته فى مجموعة من الاعمال الفنية خلال الفترة القادمة .
وقال وليد عونى انه يفخر بمرور ربع قرن من الزمان على تأسيس فرقة الرقص المسرحى الحديث التى تعد الاولى من نوعها فى مصر والوطن العربى وظهر من خلالها جيل جديد من المبدعين يملكون افكار جديدة واشار ان عرض ايكاروس عند تقديمه لاول مرة لم يلقى قبولاً لعدم اعتياد الجمهور على هذا اللون من الفنون مما دفعه الى مغادرة مصر الى اوروبا وهناك وجهه استاذه الكبير موريس بيجار بالعودة للتعلم الحضارة والثقافة العربية خاصة انه كان يرغب فى الاستقرار بمصر فعاد وبدأ الغوص فى المجتمع والفنون المصرية وقدم مجموعة من العروض التى نجحت فى المزج بين الكلاسيكية والحداثة واستقبلها الجمهور بحفاوة مما شجعه على تنظيم مهرجان دولى للرقص الحديث وانشاء اول مدرسة متخصصة فى هذا الفن بمصر ، والمح انه ينتمى لمصر بشكل او باخر رغم عمله واقامته الطويلة بدول اخرى .. وعن عرض ايكاروس قال انه من انتاج دار الاوبرا المصرية ويتناول فكرة الطموح والصعود برؤية جديدة تختلف عن المعالجة السابقة وتوقع له النجاح .
كما قال مناضل عنتر ان وليد عونى هو الاب الروحى لفن الرقص المسرحى الحديث فى مصر مؤكداً فخره بانه احد تلاميذه مشيراً انه قام بتطوير ما تعملمه ووضع بصمة فى شكل العروض التى قام بتصميمها واخراجها عن طريق تطوير شكلها ومضمونها .
تخلل المؤتمر فيلم وثائقى ضم مشاهد من عروض ريبرتوار فرقة الرقص المسرحى الحديث منذ تأيسها عام 1993 وحتى عام 2012 كان منها ليالى ابو الهول ، سقوط ايكاروس ، حفريات اجاثا ، ثلاثية نجيب محفوظ ، تحية حليم ، كرسى توت عنخ امون ، الفلاح الفصيح اغنية الحيتان ، شهرزاد ، بنات بحرى ، بين الغسق والفجر ، رائحة الثلج وغيرها .
العرض مستلهم من الاسطورة اليونانية القديمة التى تحمل نفس الاسم وتدور حول ايكاروس ابن ديدالوس المحتجز مع أباه في متاهة جزيرة كريت كعقابا لهما من مينوس ملك الجزيرة فيحاولا الهرب من خلال الاستعانة بأجنحة ثبتاها على ظهريهما بالشمع واثناء هروبهما من المنفى حلق إيكاروس قريبا من الشمس متجاهلا نصيحة والده فسقط صريعا بعد ان أذابت أشعة الشمس الاجنحة .
يذكر ان فرقة الرقص المسرحي الحديث تاسست عام 1993 وتعد الاولي من نوعها في مصر والعالم العربي وتم تكليف الفنان وليد عوني من قبل وزارة الثقافة بالعمل كمخرج ومصمم ومديرا فنيا لها وانطلقت مسيرتها لتحقق خلالها نجاحاً كبير نتج عن الموضوعات التى تناولتها العروض فى الفنون والحضارة المصرية والعربية وغيرها من الافكار المبتكرة والمتجددة .
اما الفنان وليد عوني تتلمذ علي يد المخرج العالمي موريس بيجار وعمل معه في العديد من العروض الناجحة في بروكسل بعد دراسته لفن الجرافيك والفنون التشكيلية في الاكاديمية الملكية للفنون الجميلة في بروكسل ، وفي عام 1993 تم تكليفه بتاسيس اول فرقة للرقص لمسرحي الحديث بدار الاوبرا المصرية والتي تعد الاولي من نوعها في الوطن العربى وخلال الفترة من عام 1993 الي 2012 قام باخراج اكثر من ثلاثين عمل مع الفرقة بالاضافة الي العديد من الاحتفالات القومية ، ادرج اسمه فى موسوعة المسرح العربي وحصل علي عدة تكريمات واوسمة مصرية واجنبية عن مجمل اعماله ، عام 2009 اسندت اليه مهمة المدير الفنى لفرقة فرسان الشرق للتراث وقام باخرج عرض الشارع الاعظم الذي افتتح به الاحتفالات باختيار المنامه عاصمة ثقافية ، بعدها قام بتصميم عرض عصفور النار لفرقة باليه اوبرا القاهرة عام 2014 وعرض ابن بطوطة لفرقة باليه صوفيا سيتي بالاوبرا السلطانيه في مسقط ( عمان ) عام 2015 .
وقال الفنان وليد عوني في كلمته "خمسه وعشرون عاما مضت منذ عام 1993 نبحث في فضاء الحياة وكانها لحظات ، لم افكر بقيمة هذه البداية ولم اتخذ قرارا بتاسيس الرقص المسرحي الحديث في مصر حيث سمعت فجاءة بالحدث " لقد انشا في مصرالرقص الحديث " وحينها لم يكن عندي هذا الطموح العجيب وقد حملتني مصر هذه المسئولية وهذا العبء وهذا الفن ولكن بحكم الدم الشرقي الذي يسري في عروقي تركت اوروبا بعد 25 سنة نهلت خلالها من ثقافات متعددة ومتشعبة وعميقة وخضتها في طولها وعرضها واذا بمصر قد فتحت لي ابوابها واعادتني الي شرقيتي التي كادت ان تنتحر بداخلي .. مصر ام الدنيا ونحن الوطن العربي اولادها .
استقبلتني كما استقبلت قبلي الكثيرين الذين خاضوا في فنون عروبتهم وابداعهم وادبهم علي ارض الكنانة وشربوا من نيلها العتيق ولان مصر هي اكبر اختبار يمر به الفنان .. اما ان تنجح وتبقي او تفشل وترحل .
بعد ايكاروس احسست بالفشل لعدم تقبل الجمهور لهذا الفن ورجعت الي البلاد التي تمحو الذاكرة ولكني عدت الي مصر عندما وجهني استاذي الكبير موريس بيجار قائلا : عد وتعلم ثقافتك وثقافة وتاريخ وحضارة البلد الذي ستختار ان تعيش فيه فالشرق بين يديك لتصبح " انت " فحملت حقائبي وعدت الي مصر واستقبلني الوزير الفنان فاروق حسني وهكذا اصبحت ابنا لمصر أغوص في حضارتها ومجتمعها وفنونها وتاريخها .
شكرا لهذا الوطن الذي عشت فيه بالرغم من انني لم احصل علي الجنسية انما فى النهاية هو وطني وانا من الارض التي قالت لي اهلا بك و بفنك ولذلك اهدي هذا العرض اولا الي الجمهور المصري الذي استقبلني بترحاب لهذا الفن والي الكاتب العالمي نجيب محفوظ وايضا الي معلمي الكبير موريس بيجار .. الي شادي عبد السلام وتحية حليم ويوسف شاهين .. الي كبار النقاد سناء فتح الله ، نهاد صليحة ، رفيق الصبان ، امال شكري ، سمير فريد وعلي ابو شادي فان جميعهم ساهموا في تفهم مضمون وقراءة الرقص المسرحي الحديث ".
وتعد فرقة الرقص المسرحي الحديث الاولي من نوعها في الوطن العربي حيث تتابع الجديد في عالمي الرقص والمسرح في العالم .. وقد اصدر الدكتور ناصر الانصاري رئيس مجلس ادارة الهيئة العامة للمركز الثقافي القومي ( دار الاوبرا المصرية ) الاسبق قراراً بتاسيس فرقة الرقص المسرحي الحديث من شباب مصريين بعد موافقة الفنان فاروق حسني وزير الثقافة انذاك كما تم تعين الفنان وليد عوني مخرج ومصمم ومدير فني للفرقة نظرا لتخصصه وخبرته في هذا المجال لمدة 17 عاما حيث كان مدير لفرقة " التانيت للمسرح الراقص " في بلجيكا وعمل مع الفنان الكبير موريس بيجار لمدة ستة اعوام .
اخذت الفرقة علي عاتقها محاولة الخروج من الانماط المسرحية والاستعراضية السائدة واصبحت لافتة للانظار لاقتباساتها الموضوعية والجرأة في الاداء واسلوب معالجة الموضوعات بالرقص المسرحي الحديث ، وخلال حلقات العمل المتصلة تمت ترجمة افكار وليد عوني من حيث المضمون و السينوغرافيا والديكور والاضاءة والملابس والمكياج وبلورتها فى الاعمال التي يمتزج فيها المجتمع بالثقافة والفن والتاريخ والادب والسينما والفن التشكيلي لتبدو هذة الفنون وحدة واحدة تبرز فى عمل فني متكامل وتجسدت فى اعمال ريبرتوار الفرقة منها ايكاروس ، الثلاثية التى تضم ( حفريات اجاثا - الغيبوبة - المقابلة الاخيرة ) ، الافيال تختبئ لتموت ، صحراء شادي عبد السلام .
وما لبثت ان احرزت الفرقة نجاحات كبيرة من خلال اقبال الفنانين والادباء والكتاب والنقاد والسينمائيين وباتت محور تساؤلات عن اختلاف وجهتها عن الخط المسرحي العربي المعاصر في مصر وظهر ذلك فى المقالات الصحفية والنقدية خاصة ان موضوعات العروض حملت طابع مصري بحت وتناولت كبار الفنانين والادباء ورموز المجتمع منهم نجيب محفوظ ، تحية حليم ، شادي عبد السلام .
ثم جاء عرض الافيال تختبئ لتموت ونال اول جائزة تحصدها مصر من مهرجان المسرح التجريبي الدولي السابع عام 1995 وهى جائزة احسن عرض للسينوغرافيا ، بعدها مثل مصر في الورشة الخامسة لموسيقي المسرح بميونخ وتوالى النجاح ولاقت العروض في الخارج قبولاً رائعا وشاركت فى فعاليات مهرجان قرطاج الدولي ثم فايمر بالمانيا ، تشانج مو الدولى بسيول كوريا واستضافتها ميونخ علي اشهر مسارحها ( الموفتهالي ) وعادت الفرقة باكبر تقدير من نقاد المسرح والرقص لاهم الصحف والمجلات المتخصصة .
وقد انتهجت الفرقة منهجا عصريا حديثا برعايتها للبراعم الجديدة و تطبيق سياسة المزج بين العناصر القديمة ذات الخبرات العالية والعناصر المنضمة اليها حديثا ، ونظرا لانفراد الفرقة بعروض ابداعية خاصة بها فقد استعان المعهد العالي للبالية ببعض الاعمال لتدريسها ضمن منهجه التعليمي .