بالصور والمستندات.. بعد أن تصدعت جدرانه وتهشمت أسقُفه مأساة تعيشها 11 أسرة في عقار آيل للسقوط بدار السلام

مأساة جديدة يعيشها نحو 11 أسرة تقطن العقار رقم 1 شارع عاشور سكر بحي دار السلام، بعد أن صار هذا المنزل شبح يهددهم بفقدان حياتهم بين ليلة وضحاها، حيث تصدعت جدرانه وتهشمت أسقُفه وتهدمت نوافذه ولم يعد أمام السكان سوي انتظار لحظة السقوط لتنتهي المأساة بمشهد الانهيار الذي لن يتجاوز التعامل معه عنوان يتصدر الصفحات الأولي للصحف أو مشهد تعرضه قناة في السهرة وتبقي أزمة "عقارات الموت" قضية مفتوحة لا يمكن حلها بتصريح للاستهلاك الإعلامي من مسئول .

العقار صادر بشأنه قرار إزالة في أغسطس الماضي من لجنة المحافظة للمنشآت الآيلة للسقوط حيث لم يعد آمنا علي حياة السكان إلا أن أحدا لم يتحرك.

"الحصاد" انتقلت إلي المنزل لترصد من كلمات سكانه مشاهد الرعب والخوف التي تلاحقهم علي مدار الساعة، فقال "عم محمد" ذو الرأس المنحنية وعيون تشكو الفقر، وقلة ذات اليد أنه يعاني في كل لحظه تمر عليه وأسرته داخل المنزل خوفًا من سقوطه علي رءوسهم.

 قرار اللجنة المشكلة

وأشار إلي أن ظروف الحياة الصعبة حيث لا يملك سوي معاشه الشهري كمصدر الرزق الوحيد في قضاء حوائج أسرته ليضيف ابنه الشاب راتبه علي هذا المعاش تحسينا لمستوي المعيشة، فقال الوالد الستيني أنه لا يملك ثمن الإيجار الجديد وليس لديه مكان بديل لينتقل إليه وينجو بحياته وأفراد أسرته.

وتابع ذو الجلباب الرمادي والرعشة تسكن أطراف أصابع يده ولا أعلم ما إذا كانت الرعشة بسبب رهبة المشهد القاسي الذي يعيشه هذا الرجل وأسرته في كل دقيقة لهم داخل المنزل أم أنها بسبب تقدم السن حيث تخطي الستين عاما فقال إنه محب لهذا الوطن وترابه وشارك في حرب 73 ويريد أن ينظر له الوطن بعين الرحمة مشيرا الي رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسي قائلا: "الريس بيحب الفقرا ومش هيرضيه اللي احنا فيه ده ".

المنزل المتهالك

يقتطع ابنه الشاب الحديث ليشير لكاميرا "الحصاد" علي غرفة نومه التي تذكره بالموت في كل مرة يأوي فيها إلي فراشة حيث يحيط بالسرير 4  أعمدة من الخشب تم تثبيتها في أرضية الحجرة وحتي السقف لتثبيت توازنه قدر الإمكان فيقول " ترضي مين العيشة دي " متابعا وطموح الشباب قد هجر عينيه " بحلم اشوف ابويا نايم مطمن أن سقف البيت مش هيقع عليه ينهي حياته".

تقول شيرين إنها تعاني القلق الدائم حيث تترقب سقوط المنزل عليها وأسرتها في كل لحظة تمر عليها داخله فعبرت بصرخة حادة عن معاناة الحياة تحت سقف الموت قائلة: "انجدونا انا حامل ومعايا طفلة صغيرة".

بدموع الشباب حيث لم يتجاوز عمرها الـ 27 عاما، قالت إن آثاث منزلها تضرر بسبب تشقق جدران الشقة واصطحبت "الحصاد" إلي حجرة نومها التي تضيئها أشعة الشمس من بين شقوق حوائطها، لتشير إلى "الشروخ" وتقول أن الوضع لم يعد آمنًا على أرواحهم .

المنزل المتهالك

وتابعت وهي تلتقط أنفاسا متقطعة، وتمسك بيديها الاثنتان بطنها التي تحمل بداخلها روحا صغيرة تستعد للخروج إلي الحياة قائلة إن حياتها باتت مهددة وغير مستقرة بسبب تصدع المنزل، وانفصال أساسه عن بعضه، وأن شبح الموت يطاردها وأسرتها الصغيرة كلما آوت إلى فراشها ليلا، لتحتضن طفلتها ذات الـ 4 أعوام وتتوجه بالدعاء إلى الله أن يرون شمس الغد.

يضم هذا العقار و7 أطفال و16 شابًا تتراوح أعمارهم مابين 15 و30 عاما، و12 فردًا تتراوح أعمارهم مابين 45 و 70 عاما، يلوذ كل هؤلاء بالمسئولين لإنقاذ أرواحهم المهددة بسبب بقائهم داخل هذا المنزل، المجبرين على البقاء داخله بسبب قلة ذات اليد، فهم لا يملكون أماكن بديله ولا يستطيعون تحمل الإيجار الجديد.

تقول سميرة (63عامًا) إنها لم تعد تشعر بالحياة داخل سكنها بسبب تصدعه التام وانشقاق جدرانه، لكن الظروف الاقتصادية تضطرها البقاء.

 المنزل المتهالك

وتضيف: "لا مؤنس لي سوي الخوف والقلق من نهاية مؤلمة قد تصيبني في أي لحظة"، واصطحبت "الحصاد" إلى المطبخ لتصف لحظات الرعب عند تشغيل موقد الغاز الذي قد ينفجر في أي لحظة جراء سقوط أجزاء من السقف على الأنبوبة.

أم هيثم  (61 عامًا) عبرت عن حالة الرعب منذ أن تشققت أساسات المنزل وأثرت علي الطوابق الـ 4  قائلة إن أحد أبنائها ظل يوفر ما يستطيع من راتبه على مدار 4 سنوات من أجل تجهيز شقته في المنزل للزواج، إلا أن ما حدث من تصدع أثر على شقته التي أصبحت نهاية محتومة لحياة القائمين فيها وليست بداية، فخسر ما أنفقه علي تجهيزها وكذلك خطيبته بعد أن طلب والدها تغيير السكن وتوفير مكان آخر آمنا علي حياة ابنته، الأمر الذي عجز عن الوفاء به.

حكايات مؤلمة تحت سقف كل شقة بهذا العقار الذي يهدد حياة قاطنية في كل لحظة تمر عليهم داخله، وكأن الموت يرافقهم كل جلسه يتجمعون فيها ليفرض نفسه على طاولة الحديث كمحورا أساسيا لا يمكن تغافله فتقول "أم تامر" التي تبيع الدجاج في أحد المحال الموجودة بالطابق الأرضي للعقار المنتظر سقوطه أنها تعمل منذ الصباح في كل يوم وهي تعلم جيدا أن اليوم قد لا يصل بها الي نهايته متوقعة سقوط العقار علي رأسها.

وتتابع السيدة الخمسينية في ألم من خشية فوات الرزق فتقول إن "الزبائن" باتت تتجنب الذهاب إليها خوفا من سقوط العقار عليهم في أي لحظة، قائلة: "حالنا واقف والزبون بيخاف يجي احسن يقع عليه البيت".

برج مخالف

التقت "الحصاد" بجيران سكان العقار المتهالك ليُجمِع الكثير منهم علي أن أحد المقاولين قام ببناء برجا مجاورا لهذا العقار يتكون من 14 طابقا تسبب في أضرار بالغة للعقار المجاور له.

وتوجهت "الحصاد" إلى البرج المذكور لترصد ميلا في أساسه يظهر بوضوح في الطابق الأرضي.

مخاوف أهالي المنطقة

وعبر سكان المنطقة عن قلقهم الشديد من سقوط هذا البرج علي عقاراتهم ومحلاتهم فتقول "أم عمرو" إنها غير مطمئنة علي حياتها حيث تضطر لبيع "لحمة راس" أمام البرج رغم تحذيرات الجيران سقوط المبنى في أي لحظة.

وتتابع في استفهام قائلة: "فين الحي يكشف علي البرج ده ويقولنا حالته.

يمين الصفحة
شمال الصفحة