السيسي يقطع السبيل على مؤججي أزمة سد النهضة.. بداية مبشرة وقيادة واعية.. وبنود الوثيقة تضمن حل الأزمة

النيل العظيم هو شريان الحياة، والذي قال عنه رسول الله صلي الله عليه وسلم؛ إنه نهر من أنهار الجنة، مثل تحديات عظيمة للمصريين على مختلف العصور ومنذ بدأت الحياة في مصر القديمة.

وفي جولة جديدة للعظمة المصررية وقع وزراء الخارجية والرى ورؤساء أجهزة المخابرات بكل من القاهرة والخرطوم وأديس ابابا، على وثيقة مخرجات الاجتماع حول سد النهضة الأثيوبي.

وصرح وزير الخارجية سامح شكرى، على هامش جولة المباحثات التى استمرت أكثر من 12 ساعة واختتمت قبل قليل، إن الاجتماع ممتد فى القاهرة في جولة جديدة يومي 18 و19 فى سياق استمرار المشاورات تنفيذا لما تم الاتفاق عليه اليوم، مؤكداً ان الاتفاق الحالي بين الدول الثلاث كان الإيجابى.

وأشار شكرى ، إلى أنه تم الاتفاق على تعظيم أوجه التعاون الثلاثى بما يعود بالمنافع على الدول الثلاث مع الالتزام بمبدأ عدم الإضرار بمصالح أى طرف من الأطراف.

ونصت الوثيقة التي تضمن 5 بنود إلى:

1-   دورية انعقاد القمة الثلاثية لكل من مصر وإثيوبيا والسودان

2-   إنشاء صندوق للبنية التحتية بين الدول الثلاث

3-   مشروع التقرير الاستهلالي للمكتب الاستشاري

4- قيام المكتب الاستشاري بالرد كتابة خلال 3 أسابيع على الاستفسارات والملاحظات المشار إليها وذلك وفقا للاتفاق المبرم مع المكتب واتفاق الخدمات الاستشارية معه.

5-   إنشاء مجموعة علمية بحثية وطنية مستقلة

ليشهد بذلك نهر النيل على صفحة جديدة من صفحات التاريخ ؛ بعد سلسلة الأزمات المتتالية التي مرت علي مصر إثر إعلان أثيوبيا تدشينها لهيكل السد، والذي كان مع مرور الزمن وسير عجلة التاريخ عنصر رئيس في إقامة الحضارات المصرية في مختلف العصور منذ مصر الفرعونية، وحتي مصر الحديثة والتي توجت بجهود الزعيم جمال عبد الناصر ببناء السد العالي؛ والذي مثل نقطة تحول جديدة في خطة التنمية المصرية، غير ان العبث بأمن مصر المائي من قبل المعزول محمد مرسي، وإهمال الملف أثناء حكم الرئيس الأسبق حسني مبارك أثرت علي هذا الملف الخطير والذي تصدي له الرئيس عبد الفتاح السيسي بصدر مفتوح وعزيمة لا تلين للحفاظ علي حق مصر المائي  .

رحلة النيل

ومع ذكر نهر مصر العظيم نتذكر الرحلة الملحمية للنيل الخالد والذي مثل قلب الحضارة المصرية، من منبعة حت يتدفق شمالا ويمر خلال إحدى عشرة دولة.

وتمثل روافد النيل منبع لحياة الكائنات في القارة الأفريقية، وحبى الله نهر النيل برافدان اساسييان، هما "النيل الأزرق، النيل الأبيض"، حيث إن النيل الأبيض هو الأطول ومصدره بحيرة فيكتوريا في جينغا في أوغندا، التي يتم تغذيتها من قبل العديد من الأنهار، وأطولها أكاجيرا الذي ينبع من بوروندي، أما مصدر النيل الأزرق فهو بحيرة تانا في إثيوبيا وهذا هو بيت القصيد في الأزمة بين القاهرة اديس أبابا.

فيما تستغرق رحلة نهر النيل كاملة ثلاثة أشهر، تنتهي عندما يصب في البحر الأبيض المتوسط، ويبلغ حجم المياه التي تفرغ منه نحو 79.2 مليار جالون ماء يوميا، التي تصرف في نحو 1.293.000 ميل مربع من الأراضي، ويبلغ طول نهر النيل من بحيرة فيكتوريا إلى البحر المتوسط 5646 كيلومترا، وعلي الرغم من كل تلك الأرقام الضخمة التي تعبر عن عظمة الخالق في سن قوانين الطبيعة في مشكلة التبخر نظراً لحرارة الأراضي الأفريقية تمثل كارثة علي دول المصب وخاصة مصر بحسب الخبراء.

جولة في جوف المخاطر

وفي ذلك الصدد أكد الخبراء أن السد الإثيوبي سيقوم بتخزين 74 مليار متر مياه، بالإضافة إلى 25 مليارا لملء الخزان الجوفي لمنطقة السد، مما سيسبب مخاطر رهيبة بالنسبة لمصر، وهو ما يعني أنه سيصل إلينا نحو 30 مليارا فقط من حصتنا من المياه البالغة 55 مليارا.

ومن شأن هذه المخاطر ان تجعلنا نعاني بشدة خلال تلك الفترة، بداية من تبوير مساحات هائلة من الأراضي الزراعية تزيد على 2 مليون فدان، لتصل إلى 4 ملايين فدان في السنتين الرابعة والخامسة".

كما أكد الخبراء أن منسوب المياه الجوفية في الصعيد سينخفض قرابة 3 أمتار، وتزداد ملوحة الخزان الجوفي في الدلتا بسبب تغول مياه البحر عليه، ويزيد معدل التآكل في السواحل الشمالية، لافتين إلي معانة مصر من العجز الدائم في حصة المياه بمقدار 15 مليار متر مياه، في فترة التخزين وما بعد التخزين، كما سيؤدي إلى تفريغ المياه من السد العالي، ليصل إلى حد الجفاف تمامًا، في السنة الثالثة لبدء التخزين، فتتوقف توربينات السد العالي وخزان أسوان، وهو ما ينتج عنه خفض كميات الطاقة الكهربية المنتجة، ويحدُث تدهور شديد بالمزارع السمكية بين 50% إلى 75% منها.

الثورة والسد

ومع بذوغ فجر ثورة الـ25 من يناير اتخذت أثيوبيا قرارها بتدشين السد مستغلة الوضع السياسي والاقتصادي المتردي في مصر، وأيضاء إهمال الرئيس الأسبق حسني مبارك وحكومته لهذا الملف الخطير أكثر من 17 عاماً؛ عقب محاولت أغتيال مبارك الفاشلة في العاصمة الأثيوبية أديس أبابا.

الإخوان والسد

غير ان القدر شاء ان تدخل مصر في حقبة مظلمة نالت من أمن مصر القومي، ففي 3 يونيو 2013 وأثناء مناقشة تقرير الفريق الدولي من الخبراء مع الرئيس المصري السابق محمد مرسي، اقترحت القيادات السياسية في مصر طرق لتدمير السد، بما في ذلك دعم المتمردين المناهضين للحكومة؛ دون علم هؤلاء في الاجتماع، نقل المناقشة على الهواء مباشرة .

أثيوبيا تستغل الفرصة

وعلى الفور استغل الجانب الإثيوبي تلك التراهات التي لم تعبر عن شيء سوى الغباء السياسي، وطلبت من السفير المصري شرح الاجتماع.

وبدوره اعتذر كبير مساعدي مرسي لما وصفه بـ"الإحراج غير المقصود" وأخرجت حكومته بيانا شجعت فيه على حسن الجوار والاحترام المتبادل والسعي لتحقيق المصالح المشتركة دون إيذاء أي من الطرفين الآخرين.

و صرح مساعد لرئيس الوزراء الإثيوبي أن مصر هي من تسعي للدمار والخراج وضرب القارة السمراء ، واستشهد بمحاولة مصر زعزعة استقرار إثيوبيا، ورد مرسي بدوره بالقول بأنه يعتقد أنه من الأفضل للدخول إثيوبيا بدلا من محاولة لإجبارهم.

الرئيس البطل

وعقب تولي الرئيس عبد الفتاح السيسي زمام الأمور، عقب ثورة 30 يونيو المجيدة، أولي بنفسة ملف نهر النيل أهمية خاصة، حيث خاض سلسلة من المباحثات المضنية مع الجانب الأثيوبي وكذا خاض صراع الحياة المصري في المحافل الدولية إلي ان وصل إلى نص ملزم لوثيقة الاجتماع التساعى بين مصر وإثيوبيا والسودان بشأن سد النهضة، بحضور رؤساء المخابرات في الدول الثلاث؛ ليقطع السبيل علي كل من يحاول ان يؤجج النيران في المنطقة عن طريق شريان الحياة المصري نهر النيل.

يمين الصفحة
شمال الصفحة