التوحد المطلوب في 2020

 

يلفظ عام 2019 أنفاثه بحلوه ومره، وهو يستحق أن نلقي وراءه "قلة" أو "زير"، لأنه كان أشد الأعوام إيلامًا وبؤسًا للعالم العربي.. الخريطة من المحيط إلي الخليج تتمزق وتتمرغ تحت أقدام التدخلات الأجنبية والطامعين.. حقيقي أنه لا جديد في ذلك فلطالما تتعرض هذه المنطقة الموبوءة للغزو والتدمير بأيدي أبنائها والأغراب علي مدي القرون والسنوات الماضية، لكن الأمر هذه المرة خطير، فمن ربيع عربي لاح في 2011 اختلطت فيه الأحلام وعانقت السماء من أجل مطالب مشروعة للشعوب في الحرية والعدالة والمساواة انتهي بشكل مذري ومأساوي في كل الدول تقريبًا بسبب الأجندات الحارجية او أطماع جماعات الإسلام السياسي، إلي خريف ملتهب ضرب عدة دول في 2019 بدأ من السودان والجزائر واستوطن في العراق ووصل إلي لبنان الوادعة، ومعه زادت مساحة الحرائق والحروب والالتهابات بالعالم العربي لتنضم هذه الدول إلي سوريا وليبيا واليمن، بالطبع هناك مسار سياسي وضع فيه السودانيون أحلامهم وآمالهم في الخلاص والدولة الحديثة عقب سنوات فساد وديكتاتورية البشير والأمل أن تكتب له نهاية سعيدة فاستقرار السودان استقرار للعمق المصري في أفريقيا، وصمام أمان لشريان الماء والحياة بالنسبة لنا والمار بأراضيها، لكن لا تزال الجزائر تترنح تحت وطأة الإحتجاجات المستمرة، ولا يزال الدم يجري في ساحات العراق بفعل الأطماع الإيرانية، ولا يزال الغضب يكتم علي أنفاس بيروت بفعل ألاعيب السياسيين.

 

زادت إذًا خطوط النار في المنطقة العربية، لكن الأخطر هو الوجه القبيح الذي ظهر بوقاحة من الأعداء خاصة إيران وتركيا، فجزأ كبير من الفوضي والفساد والإقتتال والدم في العراق وسوريا ولبنان وراءه ميلشيات الحرس الثوري الإيراني، وهي تغذي الصراع والإنقسام لتحفظ مصالحها عبر توابعها الحوثيين في حالة اليمن أو حزب الله في لبنان أو الحشد الشعبي في العراق.. ومأساة سوريا تفاقمت بوحشية جراء التدخل العسكري التركي في الشمال السوري تحت ذرائع واهية، والآن يصل اللهب إلي حدودنا الغربية من الطامع التركي الذي يحاول أن يقلب المائدة في ليبيا طمعًا في البترول وفي غاز البحر المتوسط.

 

ما يهمني التدخل التركي في ليبيا، ويستفزني التأييد السافر لأبناء التيار الإسلامي لتحركات تركيا دونما وطنية ولا إيمان بالمصالح الوطنية المصرية التي تعلو علي كل خلاف وعلي كل غضب.. يظن هؤلاء الأوغاد أن دخول قوات تركية في ليبيا فرصة للنكاية في الحكم بمصر، فرصة للمعايرة، فرصة لشق الصف، لكنهم لا يعرفون أن المصريين علي قلب رجل واحد في هذا الأمر، فلا نقاش في الأرض ولا الماء ولا الحدود التي ترسم معالم وهوية الدول المصرية، قد نختلف كمصريين علي أولويات الحكم، ونتعارك علي جدوي قرار، وقد ننقسم إلي موالاة ومعارضين، لكننا نضع اليد باليد والقلب علي القلب صفًا واحدًا خلف قواتنا المسلحة والقيادة في أي مخاطر تهدد الأمن القومي المصري، فقضايا المياه والأرض والحدود لا فصال فيها، ولا إختلاف عليها.

 

يلفظ عام 2019 أنفاسه وما أحوجنا للتوحد في 2020 لإنهاء وإنجاز قضايانا الأساسية التي هي قضايا وجود وحياة في أزمة السد الأثيوبي، والتدخل التركي السافر في ليبيا.