عبدالناصر قطب
•أكاديمية البحث العلمي تصدر أول موسوعة متكاملة للنباتات الطبية البرية
•هيئة الدواء: مونوجراف النباتات الطبية البرية يفتح مجالات جديدة للاستثمار الدوائي والتصدير
•خبير أعشاب: النباتات الطبية ثروة منسية لا تقدر بثمن
تتزايد أهمية إنتاج وتصنيع النباتات الطبية والعطرية على مستوى العالم، ليس فقط لكونها مصدرًا أساسيًا للعملة الأجنبية، لكن لأنها أيضًا تدخل فى كثير من الصناعات الغذائية والدوائية ومستحضرات التجميل فى عديد من الدول التى تستورد المادة الخام من مصر، لذا يزداد الطلب على زراعتها وإنتاجها ليتم تصديرها للخارج خصوصًا الدول الغربية، مما يجعلها واحدة من أكبر المحاصيل التصديرية التى تدر عائدًا ضخمًا من العملة الأجنبية، خاصة مع تزايد الاهتمام بالتوسع فى زراعتها فى الأراضى الجديدة بجانب أماكن التركيز فى الأراضى القديمة.
وفي مصر ..كنوز تنتشر فى الصحراء المصرية تنتظر من يستثمرها .. ثروة هائلة من النباتات الطبية والعطرية.. آلاف الأنواع التي حبانا الله بها..سواء المزروع منها أو البرى الذي ينمو تلقائياً في سيناء والصحراء الشرقية والغربية.. وتشكل هذه الثروة فى مجملها قيمة اقتصادية كبيرة.. حيث يزداد الطلب عليها محلياً وعالمياً.. لما تتميز به من استخدامات متعددة وفي الكثير من المجالات .. مما أدى إلى ارتفاع أسعارها وزيادة عوائد تصديرها..يضاف إلى ذلك أن هذا الكنز الاستراتيجى المصري يمكنه المساهمة فى الوصول إلى اكتفاء ذاتي وإلى إنتاج دواء مصرى بنسبة 100%.
وفى الوقت الذى تتحرك فيه مصر نحو بناء اقتصاد قوى ، يستثمر كل إمكاناته بفكر متطور وخلاق ، كان لابد من النظر إلى هذا المورد الهام برؤية جديدة ، حيث لا تتوقف القيمة الاقتصادية للنباتات الطبية والعطرية على كونها محصولاً تصديرياً داعماً للدخل القومى ، بل هى مشروع اقتصادى متكامل يفتح المجال لإقامة العديد من الصناعات التى ترتبط بهذه المنتجات الزراعية ، مما يساهم فى توفير فرص عمل كبيرة للشباب ، خاصة وأن مصر تمتلك مقومات التوسع فى هذا المجال. وقام بالفعل العديد من المراكز البحثية المتخصصة بوضع مشروع قومي للنهوض بزراعة النباتات العطرية والطبية، من أجل التوسع في المساحات المزروعة بمصر ، لتصبح 250 ألف فدان بحلول عام 2030.
هيئة الدواء
النباتات الطبية والعطرية :
تعتبر النباتات الطبية والعطرية من أقدم المجموعات النباتية التى عرفها واستخدمها الإنسان على مر العصور فى أغراض شتى ، فكانت تارة تستخدم كغذاء وتارة أخرى كدواء . وفى العصور الوسطى و الحديثة ظهر جلياً للعيان مدى أهمية هذه النباتات ، وتعددت استخداماتها ومجالات الاستفادة منها،لذلك أصبحت أهميتها الاقتصادية فى تزايد مستمر.
ويعرف النبات الطبى بأنه النبات الذى له أو لجزء من أجزائه تأثير طبى على الإنسان ، ويميزه عن النباتات الأخرى وجود مواد فعالة ذات تأثير فسيولوجى على الكائنات الحية .أما النبات العطرى فهو النبات الذى يحتوى فى جزء من أجزائه على زيت عطرى.
ثروة من النباتات الطبية البرية فى مصر
النباتات البرية هى النباتات التى تنمو فى الصحاري المصرية بصورة طبيعية، دون تدخل الإنسان مكونة ما يعرف بالفلورا المصرية ، وهناك الكثير من الوصفات التراثية التي مازالت تستعمل إلى يومنا هذا من قبل البدو ، وتعتبر بمثابة بارقة أمل للكثير من الأبحاث ، ويبلغ إجمالى عددها 342 نوعاً نباتياً مقسماً إلى 91 نوعاً واسع الانتشار ، و86 نوعاً شائعاً، و95 نوعاً نادراً، و70 نوعاً شديد الندرة، ويبلغ حجم سوق تلك النباتات في مصر ما يقرب من 50 مليون جنيه سنوياً.
أول دراسة للنباتات الطبية البرية في مصر
العام الماضي ، أعلنت هيئة الدواء المصرية، إطلاق أول دراسة للنباتات الطبية البرية في مصر، والذي يعد أحد اللبنات والركائز الأساسية والمهمة التي تساهم في إعداد دستور الدواء المصري، الذي تسعى هيئة الدواء المصرية إلى إعداده وصياغته في الفترة الحالية.
النباتات الطبية البرية
ويأتي ذلك في إطار حرص هيئة الدواء المصرية على النهوض بصناعة الدواء، وتسليط الضوء على الأهمية الدوائية والاقتصادية الناجمة عن الاستغلال الأمثل للنباتات الطبية البرية في مصر، ودعم وتشجيع الهيئة للاستثمار في هذا القطاع الدوائي؛ لما تمثلة من أهمية كبري تساهم في سد فجوة الاحتياجات المحلية من النباتات الطبية المصرية لتصبح مصدراً دائماً لإنتاج المستحضرات الدوائية العشبية مع إمكانية التصدير وإمكانية إنشاء صناعات صغيرة نتيجة لزيادة إنتاج النباتات البرية الطبية.
موسوعة النباتات الطبية
الأمر لم يتوقف عند هذا الحد ، بل أصدرت أكاديمية البحث العلمي والتكنولوجيا المصرية "الموسوعة المصرية للنباتات الطبية البرية" بالتعاون مع المركز القومي للبحوث، وهي أول عمل متكامل ومنظم من نوعه لتوثيق كل ما يتعلق بالنباتات الطبية البرية في الفلورا المصرية.
وجاء هذا العمل كأحد مخرجات مبادرة الأكاديمية بهدف الحفاظ على ثروة مصر الطبيعية من النباتات الطبية البرية، وصرح الدكتور محمود صقر، رئيس الأكاديمية أن الموسوعة أتت على غرار موسوعات النباتات الطبية العالمية مثل موسوعة النباتات الطبية البريطانية، وموسوعة النباتات الطبية الهندية.
وتأتي الموسوعة في عشرة أجزاء من القطع الكبير تضم 435 نباتا طبيا بريا، ومثل قاعدة بيانات للنباتات الطبية البرية في مصر، وتساعد على توثيق وحماية الابتكارات والممارسات التقليدية القائمة على النباتات الطبية والمعارف المتصلة لدعم المجتمعات المعنية بذلك، وبالتالي المساهمة في حفظ الأصول الوراثية لها، وتشجيع الاهتمام بالأدوية العشبية بشكل عام، وكذلك حقوق الملكية للمعارف التراثية لتلك النباتات الطبية.
وتشمل الموسوعة دراسة كل نوع نباتي على حدة، مع ذكر قائمة المراجع الخاصة به، كما يحتوي كل كتاب بالموسوعة على جميع المعلومات المتاحة والنتائج العلمية على الأنواع المختارة من الأنواع النباتية وتشمل، تسمية النبات، والوصف النباتي، والجزء المستخدم، والتوزيع الجغرافي لها، والبيئة، ودرجة تعرضها لأخطار تهدد وجودها، والمكونات الكيميائية الأساسية والفعالة بها، والاستخدامات الطبية الشعبية المتعارف عليها، والنشاط الدوائي لها، وسمية تلك النباتات إن وجدت، بالإضافة إلى طرق إكثارها وزراعتها.
وتم تحديد واختيار النباتات الطبية البرية المصرية بمعرفة هيئة تحرير الموسوعة، وجاءت على صورة "مونوجراف" (دراسة مكتوبة مفصلة عن موضوع متخصص واحد أو جانب منه) خاص بكل نبات، ويغطى كل منها كل ما يتعلق بالنباتات الطبية البرية في مصر من حيث أسماء النباتات العلمية والأسماء الشائعة، والوصف الظاهري للنبات والجزء المستخدم، والتوزيع الجغرافي له، والبيئة، والوضع من حيث تعرضه لأخطار تهدد وجوده، وطرق الزراعة والحصاد والتخزين، والمكونات الكيميائية الأساسية والفعالة به، والاستخدامات الطبية الشعبية والمعارف التقليدية عنه، والمصادر والأصول الوراثية للنبات، والنشاط الفارماكولوجى (الدوائي) والسمية لكل نبات، وكذلك التحضيرات الصيدلية للنبات إن وجدت، والمعلومات المسجلة عن النبات إقليميا، وكذلك اقتصاديات النبات.
كما استخدمت أحدث التقنيات في ترميز الأحماض النووية لتلك النباتات والكشف عن بصمتها الوراثية ممثلة في "الباركود " (DNA Barcoding)، وهي شفرة الحمض النووي "دي إن إيه" الخيطية أو الرمز الشريطي للحمض النووي، وهو أسلوب تصنيف يستخدم علامة جينية قصيرة في الحمض النووي للكائن الحي للتعرف على نوعه، ويستخدم في توثيق النباتات البرية المصرية.
وستوفر تلك الموسوعة معلومات عملية ونظرية حول النباتات الطبية في مصر، حيث سيتم توضيح كل النباتات الطبية في الموسوعة بالصور الملونة، مع ذكر ملخص لها باللغة العربية في نهاية كل فصل وذلك لإتاحة الاطلاع عليها من قبل المهتمين الغير متخصصين.
وبحسب رئيس فريق إعداد الموسوعة فإن نشر هذه الموسوعة من شأنه أن يشجّع الاهتمام بالأدوية العشبية بشكل عام، وستزود العاملين في مجال البحوث بمصدر للمعلومات العلمية في الكيمياء والنشاط البيولوجي للنباتات الطبية. كما تهدف الموسوعة إلى تشجيع ودفع أنشطة صون النباتات الطبية البرية سواء من قبل المؤسسات الحكومية أو المنظمات غير الحكومية والدولية والمشاركين والمهتمين بالنباتات الطبية البرية، كما تتيح للعاملين في مجال البحوث مصدراً للمعلومات العلمية في كل ما يتصل بالنباتات الطبية في الفلورا المصرية.
أشرف على الفريق البحثي للموسوعة الدكتور السيد أبوالفتوح عمر، أستاذ النباتات الطبية بالمركز القومي للبحوث والباحث الرئيسي للمشروع، والدكتورة نهلة سيد عبد العظيم، أستاذ كيمياء النباتات الطبية والباحث المناوب للمشروع، وقد ضم الفريق العديد من أعضاء هيئة البحوث وأساتذة الجامعات في كافة تخصصات علوم النباتات الطبية والبصمات الوراثية الذين قاموا بتجميع كل الدراسات والمعلومات المتاحة عن النباتات الطبية البرية المصرية. وأشاد رئيس الأكاديمية بجهود الدكتور محمد عطية، الأستاذ بمركز بحوث الهندسة الوراثية الزراعية بمركز البحوث الزراعية وفريقه البحثي على التميز والدقة في عمل البصمات الوراثية.
علم الفلورا المصرية
علم الفلورا المصرية هو العلم الذي يهتم بدراسة جميع النباتات الموجودة في البيئة المصرية وتصنيفها، وأشارت الدراسات إلى وجود 2672 نوعاً من النباتات البرية (900 نوعا في البحر المتوسط – 765 نوعا في الصحراء – 534 نوعا في النيل – 527 نوعا في سيناء – 335نوعا في الواحات – 323 نوعاً في جبال علبه – 13نوعاً في البحر الأحمر)، حيث تصل نسبة الأنواع النادرة جدا إلى نحو 850 نوعا، أما الأنواع النادرة فهي حوالي 567 نوعا وهي الأنواع المهددة بالانقراض كما تصل الأنواع شائعة الوجود في كل أو معظم المناطق الجغرافية سالفة الذكر.
وقد وضعت ?ي?ى تاكهولم، موسوعة مستفيضة عن نباتات مصر، نشرتها في أجزاء متعاقبة ضمن مطبوعات جامعة القاهرة تحت اسم "نباتات مصر". ظهر الجزء الأول منها عام 1941، وشاركها في تأليفه كل من زوجها البروفسور جونار تاكهولم و محمد درار من معشبة المتحف الزراعي. أما الجزئين الثاني والثالث فظهرا عامي 1950 و1954، بالإضافة إلى كتاب تدريسي عن الحياة النباتية المصرية لطلاب مرحلة البكالوريوس.
وموسوعة "فلورا مصر "(Flora of Egypt)، هي موسوعة للنباتات الطبيعية في مصر، أنجزها الرَّاحل الدكتور لطفي بولس، والتي استحق بها أن يُخلِّد اسمه كعالِم مصري فذّ، ضمن عشرين عالِماً فقط على مستوى العالم صنعوا صنيعته، واستطاع أن يثبت كمواطن مصري قبل أن يكون عالِماً، أنَّه يتحدَّى المستحيل لأن يفعل مثلهم، لذا استطاع العالِم الرَّاحل دون غيره في مصر والوطن العربي، أن يرصد بالقلم والرِّيشة والكاميرا نباتات بلاده المحروسة، ويُنجز ما لا يمكن أن تُنجزه سوى مؤسسات علمية ضخمة.
النباتات الطبية البرية
النباتات الطبية ثروة منسية
من جانبه، قال الدكتور حسام محيسن الأستاذ بقسم بحوث النباتات الطبية والعطرية بمعهد بحوث البساتين بمركز البحوث الزراعية ومستشار الأعشاب والتوابل بمنظمة التعاون الأمريكية ، أن زراعة النباتات الطبية عانت فى بدايتها من العشوائية فى جميع مراحلها من زراعة وجمع وتسويق، ولذلك لا بد من وضع الخريطة الخاصة بأسواق التصدير، وأوقات وشهور الفرص الذهبية لتواجد هذه النباتات فى الأسواق العالمية المتعطشة لها، وتكوين اتحادات وروابط ترعى المزارعين والفلاحين والمنتجين العاملين فى زراعة وإنتاج وتسويق وتصدير هذه الثروات النباتية والتى بدأت مساحة زراعتها قليلة من 10 إلى 20 ألف فدان حتى وصلت لعشرات الآلاف من الأفدنة.
وأشار إلى أن هناك أكثر من 2100 نوع من النباتات البرية، بما فيها 350 نوعا لها استخدامات طبية، وتأتى محافظة المنيا على رأس المحافظات التى تزرع النباتات الطبية والعطرية بنسبة 34 % تليها محافظة الفيوم بنسبة 20 % ثم بنى سويف بنسبة 17 % فمحافظة أسيوط بنسبة 10 % وتتوزع نسبة 19 % على باقى المحافظات وبالرغم من أهمية هذه النباتات إلا أن المساحة المنزرعة لدينا مازالت تمثل نسبة ضئيلة حيث تصل إلى 76 ألف فدان وتمثل أقل من 0.8 ? من إجمالى المساحة المنزرعة وعلى الرغم من ذلك تأتى صادرات الأعشاب والنباتات الطبية والعطرية فى المرتبة الخامسة من الصادرات الزراعية المصرية ويتم تصدير 90 % من إنتاجها بما يمثل حوالى 50 ألف طن سنوياً تسوق إلى 40 سوقاً دولية، وتحتل الصادرات المصرية من النباتات العطرية والطبية المركز الـ 11 ضمن الدول المصدرة بحوالى 2.23% من حجم السوق العالمية.
ولفت إلى أن صادرات مصر من النباتات الطبية والعطرية، وصلت لما يقرب من 40 سوقًا دولية بشكل جيد، وتعتبر فرنسا أكبر سوق للمنتجات المصرية تليها الولايات المتحدة الأمريكية خاصة الياسمين والورد والبنفسج، وأنه من أهم النباتات المطلوبة للتصدير الريحان لأسواق ألمانيا وأسبانيا والولايات المتحدة وفرنسا، والنعناع لأسواق المملكة المتحدة والولايات المتحدة وفرنسا، والشمر لأسواق الولايات المتحدة وبلغاريا وألمانيا وإيطاليا والكراوية لأسواق كندا والولايات المتحدة وتركيا وفرنسا، والكسبرة لأسواق السعودية والمملكة المتحدة وليبيا والأردن، والبابونج لأسواق ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا والولايات المتحدة.
معوقات إنتاج النباتات الطبية
وعن أهم المعوقات التى تواجه إنتاج النباتات الطبية والعطرية، قال مستشار الأعشاب والتوابل بمنظمة التعاون الأمريكية، إن هناك مجموعة المشاكل الفنية وهى تضم نقص الأصناف المتميزة عالية المحصول كما ونوعا والمقاومة للإجهادات وهناك النقص فى برامج حفظ الأصول الوراثية المصرية (البرية والمنزرعة)، وتسجيل هذه المصادر الوراثية لحمايتها والاستفادة منها فى برامج التربية، وأن هناك عدم التزام بالتطبيق الجيد للممارسات الزراعية الجيدة "جاب" مما يؤدى لانخفاض إنتاجية المحاصيل كما ونوعا وبالتالى انخفاض العائد من وحدة المساحة وارتفاع تكلفة الإنتاج وصعوبة التسويق، وعدم الالتزام بتطبيق المكافحة المتكاملة للآفات والأمراض، واستخدام بدائل آمنة للمبيدات وهذا يؤدى لارتفاع مستوى التلوث بمتبقيات المبيدات بما يخالف الشروط ومواصفات الجودة وتقليل فرص التسويق ورفض المنتج عند التصدير والضرر البالغ على الصحة العامة وكذلك الإضرار بالبيئة وعدم الالتزام بتطبيق الممارسات الجيدة للتصنيع (معاملات ما بعد الحصاد)، مما يؤدى لزيادة الفاقد وانخفاض الجودة وزيادة الحمل الميكروبى عن الحدود المسموح بها عالميا، وعدم وجود جهة مسئولة عن مراقبة الجودة ونقص الخبرة بين المهندسين والفنيين بالمحافظات، مما يشكل عائقا خطيرا امام برنامج متكامل ومستدام للإرشاد الزراعى سواء فى مجال الزراعة والخدمة والإنتاج أو المكافحة المتكاملة للآفات والأمراض مع استخدام البدائل الآمنة للمبيدات، وكذلك معاملات ما بعد الحصاد مما ينعكس أثره سلبا على الإنتاج كما ونوعا، وعدم تطوير وتحديث المواصفات المصرية للنباتات الطبية والعطرية ومنتجاتها لتطابق المواصفات العالمية وعدم وجود جهة متخصصة مسئولة عن إنتاج التقاوى المسجلة و المعتمدة للنباتات الطبية والعطرية والاقتصار على قائمة النباتات التى تزرع منذ أمد بعيد وعدم التوسع فى زراعة النباتات الواعدة سواء كانت (برية أو مزروعة).
وأضاف أنه هناك ما يسمى بالمشاكل التى تتعلق بالتسويق، وهذه المشكلة ترتبط بما استعرضناه فى المشاكل الفنية وغيرها فمثلا انخفاض الإنتاجية يزيد من تكلفة الإنتاج، وبالتالى يصبح السعر غير منافس وكذلك انخفاض الجودة وارتفاع مستويات التلوث الميكروبى والكيماوى، يؤدى الى انخفاض السعر أو رفض المنتج.
فضلا عن ارتفاع نسب الضرائب والرسوم وطول السلسلة التسويقية من المزارع للمصدر يجعل المزارع هو أقل المستفيدين، رغم أنه أكثر جهدا ونفقة مما يؤدى به للعزوف عن الزراعة، وتلك المشكلة تعود لتفتيت المساحة وصغرها وأن معظم المزارعين صغار مما أدى لاختلاف الإنتاج والجودة التى تؤثر على مزايا المنافسة التصديرية، وعدم وجود جمعيات تعاونية أهلية وتجمعات تعاونية نوعية للمزارعين، والاعتماد على تصدير النباتات الطبية الخام، وعدم الاستفادة من القيمة المضافة لتصنيعها، حيث أن تصدير المنتج المصنع يؤدى لاستيعاب قدر كبير من العمالة وتوفر أفضلية الأسعار للمواد المصنعة عن المواد الخام وأفضلية فى التسويق.
وأكد الدكتور حسام محيسن أن هناك ما يسمى بالمشاكل التى تتعلق بالدعم الحكومي، ومنها عدم اعتماد الدولة لسياسات تؤدى لدعم زراعة وإنتاج وتصدير هذه النباتات وعدم موافقة الدولة على تخصيص أراضى لإنشاء مناشر وغيرها وتفتيت الملكية وصغر مساحة الحيازات، مما يشكل عائق أمام وصول آليات الإرشاد الزراعى والمعلومات والتقنيات الحديثة، وكذلك إمكانية تكوين حزم تكنولوجية كاملة لزراعة وخدمة وحصاد النباتات الطبية، فضلا عن صعوبة التسويق وعدم وجود قاعدة بيانات سليمة يعتمد عليها وعدم وجود إحصاءات أدت إلى عدم وجود تخطيط للتصدير فى المستقبل، ومن اجل القضاء على المعوقات التى سبق ذكرها ووضع رؤية تحقق التقدم والازدهار فى مجال النباتات الطبية والعطرية فى مصر لا بد من تخصيص جزء من أرض المزارع بتصريح من وزارة الزراعة لإنشاء منشر نموذجي، لتقليل نسبة التلوث وزيادة الجودة وتخصيص حصة من الأسمدة لزراعة النباتات الطبية أسوة بالمحاصيل الأخرى وعدم فرض سماد اليوريا واستبداله بالنترات أو السلفات وتذليل العقبات لإنشاء جمعيات أهلية متخصصة لكل قرية وتفعيل مشروع الزراعة التعاقدية المقترح من قبل الوزارة، وإلى أن يتم المشروع يكون ذلك من خلال الجمعيات الأهلية وتكون مسئولة عن التسويق، وبعد ذلك يكون التعاقد مع الوزارة من خلال هذه الجمعيات الأهلية وإعادة تطبيق الدورة الزراعية، وذلك لحل بعض المشاكل قبل ظهورها مثل العفن الأبيض فى الأقحوان والعائلة المركبة، وذلك لمنع زراعة أى من هذه النباتات فى المناطق المصابة وتفعيل دور جهاز تحسين الأراضى مثل تسوية الأراضى وحرث الأرض وتطهير المصارف وإضافة الجبس الزراعي، مع الأخذ فى الاعتبار عدم تجاهل المزارع الصغير، وضرورة تفعيل دورة الجمعيات الزراعية وإحكام رقابة وزارة الزراعة على تداول واستخدام المبيدات ويكون مصدرها جهات موثوق فيها، ومنع تلوث مياه الرى فى الترع والمراوى بالتعاون مع وزارة البيئة.
ويرى مستشار الأعشاب الطبية والتوابل بمنظمة التعاون الأمريكية، أنه لابد من وضع إستراتيجية عامة تنطلق بمستقبل زراعة النباتات الطبية والعطرية للأمام وتحقق لمصر مستقبل أفضل وتوفير مزيد من العملة الصعبة، وهذا الأمر لابد من تحقيق أن يتوفر عمل دراسة آليات التوسع فى زراعة النباتات الطبية والعطرية فى الأراضى الجديدة لكونها محاصيل تصديرية يقام عليها صناعات صغيرة ومتناهية الصغر تدر عائد نقدى، وتطوير آليات ومعاملات زراعة النباتات الطبية فى مناطق الانتاج الكثيفة بما يتوافق مع متطلبات الدول المستوردة وتطوير آليات معاملات ما بعد الحصاد، وإضافة قيمة للمنتج، وتنظيم حملات قومية تهتم بإستراتيجية اللجنة وتكامل المراكز البحثية فى تنفيذ استراتيجية اللجنة.
وطالب بالعمل على ربط مراكز الإنتاج بمراكز البحوث مع التأكيد على أن هناك خطط قريبة وبعيدة المدى، من خلالها يكون توجه المشاريع القائمة والحملات هو ضرورة استبدال المبيدات المستخدمة حاليا، بمبيدات آمنة مع حظر استخدام أى مبيدات كيماوية فى أماكن الزراعة الجديدة مع ضرورة إنشاء خريطة لأماكن التوسع المستقبلى فى زراعة النباتات الطبية والعطرية، ووضع ذلك التصور أمام المصدرين والمستثمرين وذلك لتحديد ما يتراءى لهم، تماشيا مع سياسة الدولة فى التوسع فى إنتاج وزراعة النباتات الطبية والعطرية، ونشر زراعة الأصناف والأنواع الجديدة من النباتات الطبية والعطرية عالية الإنتاجية، وذات محتوى من المواد الفعالة بالنسب المطلوبة عالميا مع نشر هذه الأنواع والأصناف فى أماكن الزراعة الجديدة بما يتناسب مع متطلبات السوق العالمية، وضرورة النهوض بعملية استزراع ونشر زراعة النباتات الطبية البرية المحلية والتى عليها طلب عالمى مثل الحبق والحرجل والاليج والاكشيا والمورينجا والجاتروفا والفيتيفير واللور.
وطالب بالاهتمام بتنمية النباتات الطبية المزروعة والبرية فى المحميات الطبيعية، مثل محمية علبة ومحمية وادى الجمال وحلايب وشلاتين وغيرها من المناطق الواعدة بالتنسيق مع جهاز شئون البيئة والعمل على نشر زراعة بعض النباتات الطبية والعطرية ذات الأهمية الاقتصادية والتصديرية، والتى تتناسب مع ظروف كل منطقة فى مصر والنهوض بمعاملات ما بعد الحصاد، حيث يجب الاهتمام بنشر استخدام الطاقة المتجددة مثل التجفيف الشمسى وذلك بغرض تحسين جودة المنتج من النباتات الطبية والعطرية من حيث اللون والمادة الفعالة ونسبة الزيت وتطوير وتنمية الطرق التقليدية فى الجمع والنقل والتداول والتجفيف والتخزين والتعبئة، عن طريق زيادة الوعى التصديري، وإقامة الدورات التدريبية لبيان أهمية الاهتمام بالمنتج المرشح للتصدير حتى لا يتم رفضه من قبل الدول المستوردة، وإقامة ورشة عمل بصورة عاجلة لدراسة التغيرات المناخية على أن يحاضر فيها متخصصين فى النباتات الطبية والعطرية والمكافحة والرى والتسميد وعلماء من جهاز شئون البيئة والمناخ، وتوصية وتوجيه الجهات المانحة للمشاريع البحثية والتنموية للاهتمام بإدراج خطة تتضمن تطوير الأصناف وإدخال أنواع جيدة بما يتناسب مع متطلبات السوق العالمية ودراسة المقننات المائية والسمادية طبقا لنوع المحصول ونوع الأرض والمناخ السائد فى ظل التغيرات المناخية وتأثيرها على زراعة وجودة النباتات الطبية والعطرية وإدخال برامج مكافحة متكاملة للوقاية النباتات لاستبدال المبيدات المستخدمة حاليا بمبيدات آمنة مع حظر إستخدام أى مبيدات كيماوية وإدخال برامج لنشر استخدام للتسميد الحيوى للخفض من استهلاك التسميد المعدنى الضار بالبيئة والمؤثر على صحة الإنسان.
مونوجراف النباتات الطبية البرية
من جانبها، أكدت هيئة الدواء المصرية، أن مونوجراف النباتات الطبية البرية المذكورة في دستور الدواء المصري، يمثل إحدى الخطوات الهامة للمساهمة في إدراج استخدام النباتات البرية المصرية التي تم زراعتها محليا في صناعة المستحضرات الطبية، كما أنه يفتح الباب أمام الاستثمار في المجال الدوائي من خلال استخدام تلك النباتات في صناعة الأدوية والمستحضرات الطبية، وكذلك التصدير للخارج، من خلال "توفير المعلومات العلمية حول سلامة وفاعلية وجودة النباتات الطبية البرية، وتسهيل الاستخدام المناسب لها، وتسهيل تبادل المعلومات وإجراءات التسجيل".
وأشارت الهيئة إلى الأهمية القصوى التي تمثلها النباتات العشبية الطبية من خلال الحفاظ على التنوع البيولوجي للنباتات الطبية البرية، وحماية البيئة، وتعظيم الزراعة العضوية المحلية للنباتات الطبية لأهميتها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال الاستغلال الأمثل للأراضي الصحراوية والمستصلحة، بالإضافة إلى المحافظة على مصادر المياه، حيث أن النباتات الصحراوية ذات استهلاك منخفض للمياه، وقادرة على تحمل عدم توافر إمدادات المياه الخارجية المستمرة لفترات طويلة.
وأوضحت أن الدراسة العشبية "المونوجراف" للنباتات الطبية البرية في مصر، تأتي انطلاقا من اهتمام الدولة بتطوير المنظومة الصحية وتحقيق التنمية المستدامة 2030 وتماشيا مع خطط مصر لجذب استثمارات جديدة وتعزيز روح تنمية الأراضي المصرية بزراعة النباتات الطبية مما قد يفتح مجالات جديدة للتصدير، وفي إطار خطة الدولة لدعم صناعة الدواء المصرية والحفاظ على موارد الدولة البيئية والموروثات الطبيعية لنباتاتها الطبية واستعمالها في التداوي بالأعشاب من خلال الاستخدام الأمثل وتناولها بطرق علمية منضبطة ومعايير جودة تتيح دمجها في المنظومة الصحية الوطنية.
وأضافت أن الدراسات الخاصة بالنباتات الطبية البرية في مصر تعد مرجعية علمية شاملة لكل من السلطات المختصة بتسجيل الأدوية والمصنعين علي حد سواء، نظراً لأنها تشمل جميع البيانات العلمية المتوفرة والمحدثة عن النباتات المختارة، كما تم مراعاة تصميم تلك الدراسات لتسهيل الاستخدام المناسب لتلك النباتات ومساعدة القائمين على صناعة الأدوية العشبية في إعداد ملفات التسجيل لمنتجاتهم، وذلك من خلال توفير المعلومات العلمية حول سلامة وفاعلية وجودة النباتات الطبية البرية.
جدير بالذكر أن مونوجراف الأدوية العشبية يعد أحد اللبنات والركائز الأساسية والمهمة التي تساهم في إعداد دستور الدواء المصري، الذي تسعى هيئة الدواء المصرية إلى إعداده وصياغته في الفترة الحالية.
والسؤال هنا هو.. متي تدخل ثروة النباتات الطبية إلي دائرة صناع القرار في مصر ؟