خصص مطعم لتقديم الأكلات الشعبية في مدينة السويس، في لافتة إنسانية تنم عن الخير والعطاء والشعور بالآخر، لوحة لوضع الكوبونات مسبقة الدفع من قِبل الزبائن؛ رغبة منهم في مساعدة الفقراء دون أي حرجٍ، إذ يتاح لأي شخص لا يملك المال أن يأخذ كوبونًا ليحصل على الطعام مجانًا.
يحكي رمضان زكريا، مالك المطعم، أن هذه الفكرة بدأت منذ 4 سنوات عن طريق اقتراح قدمه إليه شباب من جمعية رسالة الخيرية، ووافقوا عليه لتظل الفكرة مُستمرة تؤتي ثمارها إلى اليوم؛ إذ لاقت الفكرة ترحيبا واسعا بين الزبائن الذين أسرعوا بالمشاركة: «في ناس بتيجي تقطع بونات بـ 200 جنيه وتمشي.. وفعلا بتعدي علينا فترات بنبقى مش عارفين نعلق البونات فين من كترها، ولما البونات بتخلص بنلاقي خير تاني جه».
أكثر ما يميز هذه المُبادرة أن تبادل الأخذ والعطاء يتم فيها بدون معرفة أي من الطرفين للآخر؛ مما يحمي العاطي من الرياء والمديح والفقير من الإحراج، كما تطوَّع أحد الأفراد لصرف كل البونات وتوزيعها على المشردين في الشوارع إلا أنهم ألغوا الفكرة؛ رغبة في أن يصل الأكل لمستحقيه: «معظم اللي في الشوارع بيكونوا عايزين يجمَّعوا فلوس مش أكل فممكن ياخدوا الأكل ويرموه، بعكس الناس اللي بتيجي المطعم ومحتاجة تاكل وتشبع».
لا تقتصر فكرة المُبادرة على تقديم بعض البونات لغير القادرين، لكنها ترغب في إيصالهم إلى مرحلة الشبع، مما يجعلها تحقق سعادة الفقراء التي قد توصلهم حد البكاء، بعد أن يُخبرهم أصحاب المطعم أن أناس من فاعلي الخير هم من وفروا لهم هذه البونات.
لم يتوقف الناس عند قبول الفكرة والترحيب بها والمشاركة من وقت لآخر بل هناك من يذهب بشكل دوري إلى المطعم؛ فقط ليصرف بونات ويخصصها للفقراء، وهناك من يتبرع بنفس نوعية وكمية «أكله» للفقراء من بعده: «واحدة كانت بتاكل ساندوتشات بيض وبسطرمة، ولما سألت عن الفكرة وحيكينا لها قالت لي إقطع بون زي اللي أنا كلته بالظبط.. ولما قلنا لها الفقير مش محتاج غير أنه يسد جوعه حتى لو بفول وطعمية مش لازم بيض وبسطرمة، قالت لأ، زي ما أنا أكلت هو ياكل».
على الرغم من أن هذه الفكرة انتشرت بعدها وسط محلات العصير والقهاوي والكافيهات، إلا أن المطعم يظل هو الأساس لتطبيق الفكرة؛ إذ أن سد الجوع أكثر ما يبحث عنه الفقراء: «في ناس ممعهاش تجيب فطار.. محلات العصير والقهاوي والكافيهات عملت نفس الموضوع وخصصت مشروبات للغلابة، بس إحنا بندعي المطاعم أن هي اللي لازم تعمل كده لأن الفقير أول حاجة بيدور عليها أنه يسد جوعه».