كلمة وزير الأوقاف في مؤتمر «تغير المناخ.. التحديات والمواجهة» وفيها يؤكد :
رأي الدين في القضايا العلمية طبية كانت أو بيئية يتبع رأي العلم ويبنى عليه
وديننا غني بالإشارات الواضحة في الحفاظ على البيئة وحمايتها من كل أنواع التلوث
وكل ما فيه مفسدة فدفعه ودرؤه واجب
والدولة المصرية تقوم بدور رائد في مجال حماية البيئة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر وتبذل جهودًا كبيرة مع الشركاء الدوليين في هذا المجال
وهذا نص كلمته:
الحمد لله رب العالمين , والصلاة والسلام على خاتم أنبيائه ورسله سيدنا محمد بن عبد الله (صلى الله عليه وسلم) , وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين.
وبعد :
فإننا أمام قضية في غاية الأهمية ، لا تهدد بلدًا دون آخر ، إنما هي خطر داهم على البشرية جمعاء ، وعلى كل منا أن يقوم بدوره في التوعية ، وبما أن دور علماء الدين توعوي في المقام الأول فإنني أؤكد أن رأي الدين في القضايا العلمية طبية كانت أو بيئية يتبع رأي العلم ويبنى عليه ، فكل ما يحقق مصالح البلاد والعباد فهو مصلحة معتبرة شرعًا ، وكل ما يؤدي إلى ضرر أو مفسدة فدفعه واجب شرعًا.
يقول الإمام الشاطبي (رحمه الله) : المعلوم من الشريعة أنها شرعت لمصالح العباد، فالتكليف كله إما لدرء مفسدة ، وإما لجلب مصلحة ، أو لهما معًا ، والمحظور إنما هو الإتيان بخلاف مقاصد الشرع .
ويقول ابن القيم (رحمه الله) : إن الشريعة مبناها وأساسها مصالح العباد في المعاش والمعاد, وهي عدل كلها, ورحمة كلها, ومصالح كلها, وحكمة كلها, فكل مسألة خرجت عن العدل إلى الجور, وعن الرحمة إلى ضدها, وعن المصلحة إلى المفسدة, وعن الحكمة إلى العبث, فليست من الشريعة وإن أدخلت فيها بالتأويل, فالشريعة عدل الله تعالى بين عباده, ورحمته بين خلقه, وظله في أرضه, وحكمته الدالة عليه وعلى صدق رسوله (صلى الله عليه وسلم).
ويقول العز بن عبد السلام (رحمه الله) : لا يخفى على عاقل أن تحصيل المصالح المحضة، ودرء المفاسد المحضة عن نفس الإنسان وعن غيره محمود حسن، وأن تقديم أرجح المصالح فأرجحِها محمود حسن، وأن درء أفسد المفاسد فأفسدِها محمود حسن، وأن تقديم المصالح الراجحة على المرجوحة محمود حسن، وأن درء المفاسد الراجحة على المصالح المرجوحة محمود حسن .
وعليه فإن كل ما يؤكد عليه أهل العلم والاختصاص أنه مفسدة فدرؤه وتجنبه واجب شرعي ووطني .
وفي الحديث عن التفاصيل نجد كثيرًا من الإشارات الدينية الواضحة في الحفاظ على البيئة ، حيث كان نبينا (صلى الله عليه وسلم) ينهى أصحابه وقواد جيوشه أن يحرقوا زرعًا أو أن يقطعوا شجرًا أو نخلًا ، كما نهى (صلى الله عليه وسلم) عن تلويث البيئة بصفة عامة والماء بصفة خاصة ، حيث يقول (صلى الله عليه وسلم) : "اتَّقوا اللَّاعِنَينِ ، قالوا: وما اللَّاعنانِ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ الَّذي يتخلَّى في طريقِ النَّاسِ أو ظلِّهِم" ، ويقول (صلى الله عليه وسلم) : "اتَّقوا الملاعنَ الثَّلاثَ البَرازَ في المواردِ وقارعةِ الطَّريقِ والظِّلِّ" .
وينهى القرآن الكريم نهيًا صريحًا عن الضجيج الصوتي متضمنًا النهيَ عن ما يعرف في عالمنا المعاصر بالتلوث السمعي ، حيث يقول الحق سبحانه على لسان لقمان (عليه السلام) في وصيته لابنه : "وَاقْصِدْ فِي مَشْيِكَ وَاغْضُضْ مِنْ صَوْتِكَ إِنَّ أَنْكَرَ الْأَصْوَاتِ لَصَوْتُ الْحَمِيرِ".
والخلاصة : أن كل ما يقرر أهل العلم أنه ضار بحياة العباد ومصالح البلاد ففعله مفسدة ، ودرؤه مصلحة واجبة بل محتمة ، وعلى كل منا أن يؤدي دوره وواجبه تجاه وطنه والإنسانية في سائر القضايا المتعلقة بحياة الناس وتحقيق أمنهم وأمانهم في مختلف المجالات وفي مقدمتها بالطبع قضية تغير المناخ وتحدياتها.
وجدير بالذكر أننا نؤكد أن الدولة المصرية تقوم بدور رائد في مجال حماية البيئة والتحول نحو الاقتصاد الأخضر ووضع التغيرات المناخية في الاعتبار في جميع خططها المستقبلية ، وتبذل جهودًا كبيرة مع الشركاء الدوليين في هذا المجال .