جانب من اللقاء
استقبل الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر الشريف، اليوم الاثنين، دينيس بشيروفيتش رئيس البوسنة والهرسك؛ لمناقشة أبرز التَّحديات التي تواجه عالمنا الإسلامي.
وأكد شيخ الأزهر، أن هذه الزيارة عزيزة على قلوبنا، ولها انطباع خاص في نفوسنا؛ حيث تأتي بالتزامن مع الإبادة الجماعية التي يرتكبها الصهاينة في حق إخواننا في غزة، والتي تُعدُّ وصمة عار على جبين الإنسانية، لتذكِّرنا بما تعرض له مسلمو البوشناق في البوسنة والهرسك من جرائم إبادة جماعية، وتذكرنا نحن المسلمون بضرورة اتحادنا، وأنه هو السبيل الأوحد للخروج بالأمة من الأزمات المتلاحقة.
وقال "الطيب"، إن المشكلة الحقيقيَّة لكل ما يحدث لنا تكمن في ضعف ردة الفعل الإسلامي والعربي، وأساس المشكلة هو حالة الضعف الناتج من التفرق والتشرذم التي حذرنا القرآن الكريم منها في قوله تعالى: {ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم} أي تضعفوا وتتبدَّد قواكم.
وذكر: "يزداد الأسى حينما ندرك أننا شعوب تملك من مصادر القوة والعزة الكثير والكثير، ويتضاعف الأسى حينما نعلم أن مصانع أمريكا والغرب تدور تروسها على مقدرات شعوبنا وخيراته"، معربًا عن استعداد الأزهر لإنشاء مركزٍ لتعليم اللغة العربية في العاصمة البوسنية سراييفو؛ لتعليم أبناء المسلمين في البوسنة لغة القرآن ومساعدتهم في التمسك بهويتهم الإسلامية.
وأكد شيخ الأزهر، استعداد الأزهر لتوفير منح دراسية لا محدودة لأبناء البوسنة والهرسك للالتحاق بجامعة الأزهر، واستقدام أئمة البوسنة والهرسك واستضافتهم للتدريب في أكاديميَّة الأزهر العالمية لتدريب الأئمة والوعاظ، ورفع مهاراتهم وقدرتهم في التعامل مع القضايا المعاصرة، وفي مقدمتها قضايا الاندماج والتعايش المشترك، فضلًا عن افتتاح مكتبٍ إقليميٍّ لمجلس حكماء المسلمين في سراييفو؛ لخدمة أبناء المسلمين في وتقديم الدعم اللازم لمسلمي أوروبا.
من جانبه، أكد الرئيس البوسني، سعادته بالتواجد في الأزهر الشريف، ولقائه الإمام الأكبر، مؤكدًا: "نفخر بالعلاقة التاريخية التي تربط بلادنا بالأزهر الشريف، هذا الصرح الإسلامي الكبير، ومنذ بدايات القرن 18 وحتى يومنا هذا؛ تخرَّج أكثر من ٣٠٠ عالم جليل من علمائنا في جامعة الأزهر؛ ليصبحوا علماء أجلاء في بلادنا، وشاركوا في صناعة نهضة بلادنا، ولهم أثر عميق في تاريخ أمَّتنا".
وأشار إلى أن خريجي الأزهر يحظون بتقدير كبير ومكانة عالية لدينا، ويتواجدون في مختلف المناصب القيادية والعلمية والأكاديمية في البلاد، مؤكدًا أن ما يحدث في غزة هو وصمة عار على جبين الإنسانية، وهي أزمة أخلاقية في المقام الأول.
ولفت الرئيس البوسني، إلى أهمية وثيقة الأخوة الإنسانية، التي وقعها فضيل الإمام الأكبر وقداسة البابا فرنسيس، وأنها باعتبارها أهم وثيقة أخلاقية تم توقيعها في العصر الحديث، فيجب علينا الاحتكام لمبادئها، وتعميم بنودها، لا سيما في تلك الأوقات التي تشهد أزمات إنسانية واقتصادية واجتماعية حول العالم.
ورحب بإنشاء مركزٍ لتعليم اللغة العربية في العاصمة سراييفو، موضحًا أنه سيتابع الأمر بشكل شخصي فور عودته إلى البلاد، مشيرًا إلى اعتزاز بلاده بهويتها الإسلامية، كما أنها تؤمن بالتعددية والتنوع، وتوفِّر المناخ العام المناسب لاحتواء الجميع وتمتعهم بكامل حقوقهم.
ودعا الرئيس البوسني، شيخ الأزهر لزيارة بلاده، مصرحًا: "بصفتي رئيسًا للمجلس الرئاسي للبوسنة والهرسك، أود أن أدعو فضيلتكم لزيارة بلادنا، وسوف نسعد كثيرًا، ويسعد شعبنا بهذه الزيارة التاريخية".
ورحب "الطيب"، بالدعوة الكريمة، مؤكدًا أنه سيقوم بتلبيتها في أقرب وقت.