نجحت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، في ظل حكم الرئيس عبد الفتاح السيسي، في جذب استثمارات هائلة بقطاعات متعددة، إلا أن مشروعات الوقود الأخضر استحوذت على حصة كبيرة وكانت على رأس أولوياتها تطبيقا لرؤية مصر 2030 وبعدها البيئي الهادف للتحول التدريجي نحو الاقتصاد الأخضر، وتقليل الانبعاثات الكربونية الضارة للحد من التأثير المتزايد للتغيرات المناخية عالميا.
والمنطقة الاقتصادية لقناة السويس، تعكس نجاح الحكومة خلال السنوات العشر الماضية في تطوير البنية التحتية واستغلال موقعها الاستراتيجي الذي يربط بين قارتي آسيا وأفريقيا، واستغلال تلك الميزة في جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وتوطين الصناعة، وتشجيع عمليات التصدير من المنطقة باعتبارها مركزًا لوجيستيا عالميا لمختلف دول العالم.
وتستحوذ المنطقة على العديد من الاستثمارات الهندية، والتركية والأوروبية ، بالإضافة إلى التعاون مع كبرى التحالفات العالمية في مجالات النقل البحري واللوجستيات والوقود الأخضر إضافة إلى منطقة صناعية صينية .
وتستهدف المنطقة الاقتصادية التي تحظى باهتمام حكومي كبير أن تصبح مركزا إقليميا للطاقة الخضراء بحلول 2030؛ وتركز على مشروعات توطين صناعات الطاقة النظيفة وفي مقدمتها الهيدروجين الأخضر والأمونيا.
وتركز المنطقة على جلب الشركات من جميع أنحاء المنطقة، مع توفير وصول سهل لهم إلى أسواق المنطقة و الكوادر وتم تخصيص المنطقة الاقتصادية لتزويد المستثمرين بمجمعات صناعية لسلسلة التوريد ذات القيمة المضافة ذات المستوى العالمي.
وأصبحت المنطقة الاقتصادية نموذجا للتعاون الاقتصادي الدولي من خلال ثقة العديد من الاستثمارات الدولية التي اختارتها لتكون مركزاً لتوسعاتها في مختلف الأسواق، نظراً لموقعها الاستراتيجي المميز والعمالة الفنية المدربة ذات التكلفة التنافسية، بخلاف توفر مختلف مصادر الطاقة.
وتخطط المنطقة الاقتصادية لقناة السويس تحويل موانئها التابعة لمركز إقليمي لتموين السفن بالوقود التقليدي (الأحفوري) أو الأخضر وسط سعيها لتوطين صناعة الوقود الأخضر والصناعات المغذية والمكملة له لتحقيق القيمة المضافة لموقعها الجغرافي الفريد ضمن المناطق الاقتصادية المنافسة.
وخصصت المنطقة مساحات للهيدروجين الأخضر والصناعات المكملة والمغذية له بمنطقتي شرق بورسعيد والسخنة المتكاملتين؛ وذلك للاستفادة مما تمتلكه المنطقة الاقتصادية من مقومات لإنتاج الهيدروجين ومشتقاته لتكامل موانئها مع مناطقها الصناعية بخلاف ما تمتلكه مصر من إمكانات كبرى لإنتاج الطاقة المتجدد سواء طاقة الرياح أو الطاقة الشمسية، بأسعار تنافسية.
وتنفذ المنطقة الاقتصادية استراتيجية نحو التحول للاقتصاد المستدام لحماية البيئة من خلال عدد من الممارسات والأنشطة الصناعية واللوجستية أهمها تقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري وهذا التوجه يدعم تواجد الصناعات التي يجري إنتاجها داخل المنطقة الاقتصادية بالأسواق العالمية، خاصةً في ظل القيود التي يجري تطبيقها عالميا على استخدام مصادر الطاقة التقليدية في الصناعة مثل "آلية تعديل الحدود الكربونية " التي بدأ الاتحاد الأوروبي في تنفيذها والتي تقضي بفرض بعض الرسوم الإضافية على المنتجات والبضائع ذات البصمة الكربونية المرتفعة.
وفي مايو الماضي، تم تدشين محطة طاقة شمسية بمركز سيمنز للطاقة داخل منطقة السخنة المتكامل ،قدرتها 1.9 ميجاوات، بعدد 3280 لوح شمسي، تغطي مساحة 8,500 متر مربع، وينتج هذا النظام سنويًا ما يقرب من 3 جيجاوات/ ساعة من الكهرباء النظيفة.
وفي أغسطس الماضي نجحت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في أول عملية تموين سفينة حاويات بالوقود الأخضر الميثانول بميناء شرق بورسعيد، في 6 ساعات؛ لتعد هذه العملية هي الأولى من نوعها في مصر وإفريقيا والشرق الأوسط، ضمن استراتيجية الدولة المصرية في استعادة دورها لتقديم خدمات تموين السفن سواء بالوقود التقليدي أو الأخضر، ومن ثم تعظيم الاستفادة من موقع موانئها البحرية على البحرين الأحمر والمتوسط.
وفق بيانات حديثة للمنطقة الاقتصادية، فقد نجحت خلال العام المالي 2023 - 2024 وحتى نهاية مارس 2024، في جذب 144 مشروعًا مختلفًا ما بين الشركات الحاصلة على موافقات نهائية أو مبدئية باستثمارات إجمالية قدرها 3,226 مليار دولار،
وبلغ معدل تنفيذ المشروعات الاستثمارية التي تقوم المنطقة الاقتصادية لقناة السويس في الموانئ نحو 71%، بينما بلغت معدلات التنفيذ بمشروعات المناطق الصناعية 77%.
وخلال الفترة من الأول من يناير وحتى 30 أبريل 2024 تم توقيع 12 اتفاقية إطارية، و6 مذكرات تفاهم، إلى جانب مذكرات تفاهم أخرى سيتم توقيعها قريباً في مشاريع الهيدروجين الأخضر وفق ما أعلنت المنطقة الاقتصادية.
وقال رئيس المنطقة الاقتصادية لقناة السويس وليد جمال الدين، في تصريحات سابقة، إن نسبة التنفيذ الخاصة بأعمال التطوير بموانئ المنطقة بلغت 94% بميناء السخنة، و86% بميناء شرق بورسعيد، و93.8% بميناء غرب بورسعيد، و73.7% بميناء العريش، و75% بالمنطقة الصناعية بالقنطرة غرب، فضلا عن البدء في تطوير ورفع كفاءة الأرصفة بميناء الأدبية، فيما بلغت نسبة تنفيذ بعض الأعمال في تطوير المنطقة الصناعية بشرق الإسماعيلية (وادى التكنولوجيا) بها 100%.
(شهادة دولية)
نظرا لهذه الإنجازات حصلت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس على شهادة شراكة نموذج أهداف التنمية المستدامة للمناطق الاقتصادية من التحالف العالمي للمناطق الاقتصادية الخاصة ضمن قائمة لـ50 منطقة اقتصادية على مستوى العالم تم اختيارها من 7000 منطقة اقتصادية خاصة يمثلها التحالف.
وتم اختيار المرشحين للمناطق النموذجية لأهداف التنمية المستدامة من خلال تقرير الاستثمار العالمي لعام 2019 الصادر عن الأونكتاد وفقاً لعدد من المعايير من أهمها الالتزام بالتنمية المستدامة، وتشجيع الاستثمار في أهداف التنمية المستدامة، ومدى مستويات المعايير الاجتماعية والبيئية والإدارية والامتثال لها.
جاء هذا الاستحقاق كاعتراف بالجهود الرائدة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في هذا المجال، وبداية لمزيد التعاون في الفترة المقبلة والوصول لأفضل الممارسات التي تتبعها المناطق الاقتصادية والتي يمكن أن تكون قابلة للتطبيق من قبل الآخرين.
(استثمارات متعددة)
في الوقت نفسه تلقت المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، استثمارات في قطاعات أخرى، فقد تم خلال النصف الأول للعام المالي الجاري حسب بيانات رسمية حصول 48 مشروعًا على موافقة نهائية بإجمالي استثمارات 991 مليون دولار، تنوعت ما بين قطاعات الملابس الجاهزة والصناعات النسيجية والأجهزة الكهربائية والصناعات الكيماوية والمناطق اللوجستية وغيرها.
وخلال النصف الأول من العام المالي 2023-2024؛ حققت المنطقة الاقتصادية إجمالي إيرادات بلغت 4,3 مليار جنيه، وذلك عن الفترة من 1 يوليو لـ 31 ديسمبر 2023 (النصف الأول من العام المالي 23-24) مقارنة بمبلغ 2,6 مليار جنيه خلال نفس الفترة من عام 2022 (النصف الأول للعام المالي 22-23) بزيادة قدرها 70% ، كما وافق المجلس على مشروع موازنة الهيئة التقديرية للعام المالي 24-25 بقيمة إجمالية 37,3 مليار جنيه، متضمنة موازنة استثمارية بقيمة 28,6 مليار جنيه، وموازنة جارية بقيمة 8,6 مليار جنيه.