تتجه الأنظار نحو العاصمة المالية للهند مومباي، التي تقيم احتفالات ما قبل زفاف نجل أغنى رجل في آسيا، موكيش أمباني.
يحضر هذه الحفلات من نجوم بوليوود أميتاب باتشان، شاروخان إلى ديبيكا بادوكون، ولاعبي الكريكيت المشهورين إلى مليارديري وادي السيليكون بيل غيتس ومارك زوكربيرج والنجوم العالميين مثل جاستن بيبر وريهانا - ظهر الجميع في هذه الاحتفالات وامتلأت وسائل التواصل الاجتماعي بالصور البراقة للحاضرين في أزياء مبهجة، وملابس ومجوهرات براقة.
وأمس الجمعة احتفل الجميع بعقد قران أنانت أمباني، الابن الأصغر لرئيس شركة ريلاينس إندستريز، موكيش أمباني، على راديكا ميرشانت، ابنة قطبي صناعة الأدوية فيرين وشيلا ميرشانت.
زفاف أمبانى .. حفل أسطورى وتكاليف باهظة
ومع وجود هذه الإمبراطورية التجارية المترامية الأطراف - التي تتراوح بين النفط والاتصالات والمواد الكيميائية والتكنولوجيا والإعلام والأزياء والغذاء - تتمتع عائلة أمباني بحضور واسع النطاق في الهند، بل إن حياتهم أضحت موضع اهتمام عام.
وتقدر مجلة فوربس ثروة أمباني الشخصية بنحو 124 مليار دولار، ويشغل العريس أنانت، البالغ من العمر 29 عاما، منصبا في مجلس إدارة شركة ريلاينس إندستريز Reliance Industries.
وتفيد التقارير بأن أمباني، إلى جانب زميله رجل الأعمال الهندي جوتام أداني، قريبان من حكومة رئيس الوزراء ناريندرا مودي، حيث تتهم أحزاب المعارضة السلطات بتفضيل الشركتين بشكل غير مبرر - وهي الاتهامات التي تنفيها الحكومة ورجلي الأعمال.
وفي حين أن ثروة عائلة أمباني الهائلة ونفوذها معروفان جيداً في الهند، إلا أن الكثيرين خارج البلاد ربما لم يدركوا مدى ثرائهم حتى الآن.
لكن ذلك تغيّر في شهر مارس، عندما استضاف أمباني حفلا لمدة ثلاثة أيام قبل زفاف ابنه.
وانتشرت التكهنات حول تكلفة الزواج الأخير، لكن الأسر الهندية من مختلف الأديان والطوائف والثقافات غالبا ما تستغل هذه المناسبة للتباهي بالثروة والمكانة والنفوذ الاجتماعي.
وفي كثير من الحالات ينتهي بهم الأمر إلى ديون ضخمة.
حفلات زواج بمليارات الدولارات
قال تقرير حديث صادر عن شركة جيفريز للخدمات المصرفية الاستثمارية وأسواق رأس المال إن صناعة حفلات الزفاف الهندية، التي تقدر قيمتها بـ 130 مليار دولار، تقود نشاطا اقتصاديا هائلا، حيث ينفق المواطن الهندي في المتوسط ضعف ما ينفقه على التعليم خلال حفلات الزفاف.
وتُعد حفلات الزفاف الهندية ثاني أكبر سوق استهلاكي بعد تجارة المواد الغذائية والبقالة في البلاد والتي تبلغ قيمتها 681 مليار دولار.
وتبلغ قيمة سوق حفلات الزفاف في الهند ضعف قيمتها في الولايات المتحدة التي تقدر بـ 70 مليار دولار، وأقل من الصين التي تقدر بـ 170 مليار دولار.
ويقام نحو ثمانية إلى 10 ملايين حفل زفاف سنويا في الهند، مقارنة بسبعة إلى ثمانية ملايين في الصين ومن 2 إلى 2.5 مليون حفل في الولايات المتحدة.
وقال مانيميكالاي، مدير مركز دراسات تنمية المرأة في دلهي: «خلال حفلات الزفاف، تتحمل أسرة العروس النفقات، وشراء سلع تتنوع بين المجوهرات والأواني إلى الأجهزة الكهربائية والسلع المنزلية».
وأضاف أن الزيجات في الهند هي «مهرجانات عائلية» تعني الطقوس والإسراف، وتستغل العائلات الهندية هذه المناسبة لعرض ثروتها والتباهي بمكانتها وإظهار تأثيرها على المجتمع ككل.
ووفقا لمانيميكالاي فإن «العائلات الهندية تأخذ قروضا من أجل حفلات الزفاف الباهظة التي تسهم في خلق ضغط مالي داخل المجتمع، ويشعر الكثيرون بأنهم مجبرون على إقامة حفلة الزواج، حتى لو كان ذلك يعني اقتراض المال».
ويسعى جيل الشباب، الذي يتأثر بثقافة الاستهلاك، إلى عيش حياة مليئة بالمتعة.
ومن الواضح أن حفلات الزفاف الفخمة تضع عبئا كبيرا على أسر الطبقة المتوسطة ذات الدخل المنخفض.
محاصرون بالديون
وأقامت شابة هندية، واسمها المستعار (كارثيكا)، عمرها 32 عاما، من مدينة تشيناي في جنوب الهند، حفل زفاف فخم منذ ما يقرب من عقد من الزمن، وبالكاد تمكن والداها وزوجها في الأيام الماضية من سداد القرض الذي حصلت عليه حينها لإقامة حفل زفافها.
وقالت: «أنفقت حوالي مليون روبية (12 ألف دولار) على قاعة العرس والطعام وحدهما»
وبسبب الصعوبات التي مرت بها، تريد أن يكون الأمر أسهل بالنسبة لابنتيها.
لكن الشاب دينيش من نفس المدينة ليس لديه أي مخاوف بشأن إنفاق 70 في المائة من مدخراته على زفافه.
ويقول: «تتطلب عاداتنا إجراء عدة طقوس قبل الزواج، لقد فعلنا كل شيء ببذخ – الخطبة والزواج وحفل الاستقبال».
وأنفق دينيش، الذي يعمل منظما ومتعهدا للمناسبات، ما يصل إلى 36 ألف دولار على المجوهرات وقاعة الزواج والديكور و1800 دولار على جلسة التصوير.
وعلى الرغم من النجاح الاقتصادي الأخير، تظل الهند دولة فقيرة إلى حد كبير، ووفقا لتاريخ البنك الدولي، بلغ دخل الفرد في البلاد 2484 دولارا في عام 2023.
المجوهرات تستهلك ميزانية الزواج
كتب الكثير وتكهن حول تكلفة المجوهرات التي يرتديها أفراد عائلة أمباني خلال احتفالات ما قبل الزفاف.
ويقول تقرير جيفريز إن الهند تنفق ما بين 35 مليار دولار إلى 40 مليار دولار على المجوهرات فقط في حالات الزواج.
وفي حين أن الألماس هو السائد في حفلات الزفاف الفاخرة، فإن الذهب يحتل مكانة بارزة في طقوس الزواج العائلي من الطبقة الفقيرة أو المتوسطة.
وعلى الرغم من ارتفاع الأسعار، إلا أنه من المتوقع أن يرتفع الطلب السنوي على الذهب في الهند التي تعتبر ثاني أكبر مستهلك للذهب في العالم.
ووفقا لمجلس الذهب العالمي فإن «حفلات الزفاف تساهم في ما يقرب من 50 في المائة من الطلب السنوي على الذهب في الهند».
وتستهلك المجوهرات المصنوعة من الذهب، والتي تقدمها عائلة العروس للعريس، الجزء الأكبر من ميزانية الزواج، يلي ذلك الإنفاق على الغذاء بما يتراوح سنوياً بين 24 إلى 26 مليار دولار، إضافة إلى تكبد مصاريف الملابس والزينة والتصوير الفوتوغرافي وغيرها.
في العام الماضي، طلب رئيس الوزراء مودي من العائلات الثرية تنظيم حفلات الزفاف في الهند لتعزيز الاقتصاد المحلي بدلا من نقل إنفاقهم إلى خارج الحدود.
وقد أقام الملياردير أمباني وزوجته أيضا مراسم ما قبل زفاف ابنهما على متن سفينة سياحية غادرت إيطاليا ومرّت بروما وكان وبورتوفينو.
وفي الهند، تعد القصور والفنادق في المدن التاريخية مثل جايبور وأودايبور في ولاية راجاستان وشواطئ جوا الخلابة من أماكن الزفاف المفضلة للأثرياء ومشاهير بوليوود.
وقال براديب تشاندر، المدير الإبداعي لفيلم ألوان الزواج Marriage Colours: "يفضل ممثلو بوليوود الآن إقامة حفلات الزفاف على الشاطئ، وأصبحت موضوعات الزفاف الفريدة المستوحاة من الأفلام الناجحة شائعة".
ولا تختار جميع العائلات الغنية إقامة احتفالات باهظة، إذ يتزوج العديد من أبناء الطبقة المتوسطة في المعابد أو في منازل عائلاتهم.
يقول مانوج، من أبناء منطقة مادوراي في ولاية تاميل نادو جنوب الهند، وهو من بين أولئك الذين عقدوا العزم على خفض الإنفاق على حفلات الزواج: «لقد تزوجت بحضور أصدقائي وعدد قليل من الأقارب».
وأقام حفل زفافه بحضور العائلة والأصدقاء، وكلفه حوالي 50 ألف روبية (598 دولارا).وقال مانوج: «بدلاً من اقتراض المال للإنفاق على الزواج، استخدمنا المبلغ الذي كنا سننفقه على العرس الباهظ لشراء الأدوات المنزلية».
المصدر:بى بى سى