يشهد العالم لحظة تاريخية فاصلة بسقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد، بعد أكثر من 13 عامًا من الحرب الأهلية التي أودت بحياة مئات الآلاف وشردت الملايين. إعلان المعارضة السورية المسلحة سيطرتها على دمشق ورحيل الأسد أثار موجة واسعة من ردود الفعل في العالم العربي وأوروبا وأمريكا ودول أخرى.
ردود الفعل العربية: دعم وحدة سوريا والتحذير من الفوضى
أكدت الأردن التزامها بوحدة الأراضي السورية ودعت إلى تجنب الفوضى، فقد صرح وزير الخارجية الأردني أيمن الصفدي بأن الأردن "سيقدم كل إسناد ممكن للشعب السوري لإعادة بناء وطنه ومؤسساته". وشدد على أهمية حماية سوريا من الانزلاق إلى الصراعات.
كما أكدت مصر دعمها لسيادة سوريا ووحدتها، ودعت الأطراف السورية إلى تغليب المصلحة الوطنية. أوضحت وزارة الخارجية المصرية أن "العملية السياسية الشاملة هي السبيل الوحيد لتحقيق السلام والتوافق الداخلي".
قطر دعت من جهتها إلى الحفاظ على المؤسسات الوطنية السورية ومنع البلاد من الانزلاق إلى الفوضى. أكدت وزارة الخارجية القطرية أن إنهاء الأزمة يجب أن يتم وفقًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2254. كما أعلنت السعودية أنها على تواصل مع جميع الأطراف الإقليمية لضمان تجنب الفوضى في سوريا. أكد مسؤول سعودي على أهمية العمل الجماعي لتحقيق الاستقرار في المنطقة، مشيرًا إلى ضرورة الحفاظ على سيادة الدولة السورية.
ردود الفعل الألمانية: بين الأمل والحذروصف المستشار الألماني أولاف شولتس سقوط الأسد بأنه "نبأ سار"، مؤكدًا أن النظام السابق تسبب بمعاناة هائلة للشعب السوري. ودعا إلى "استعادة القانون والنظام سريعًا" مع ضمان حماية جميع الأقليات.
في حين أشارت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى أن نهاية الأسد تمثل "تنفسًا للصعداء" لملايين السوريين. شددت بيربوك على أهمية حماية الأقليات مثل الأكراد والمسيحيين، ودعت إلى تجنب تسليم البلاد إلى أي جماعات متطرفة.
بدورها أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية الأوروبية، اعتبرت سقوط الأسد "لحظة تاريخية" وفرصة لإعادة بناء سوريا على أسس تحمي الأقليات وتضمن الوحدة الوطنية.
في ذات السياق أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بشجاعة الشعب السوري في التغلب على "الدولة الوحشية"، معربًا عن أمله في أن تتمكن سوريا من تحقيق السلام والحرية.
شدد وزير الخارجية التركي هاكان فيدان على أهمية تشكيل إدارة شاملة تضمن سلامة الأراضي السورية وتمنع التصعيد.
بدورها أكدت وزارة الخارجية الإيرانية احترامها لوحدة سوريا ودعت إلى بدء حوار وطني شامل. وأعربت عن التزامها بمواصلة العلاقات "الودية" مع الشعب السوري.
روسيا تستقبل بشار الأسدكما اعترفت روسيا برحيل الأسد ودعت إلى انتقال سلمي للسلطة. أكدت وزارة الخارجية الروسية أنها على اتصال مع جميع الأطراف السورية لضمان استقرار القاعدتين العسكريتين الروسيتين في البلاد.
قال الرئيس الأمريكي جو بايدن، اليوم الأحد، إن الشعب السوري أمام فرصة تاريخية لبناء السلام في بلده، مؤكدًا أن الولايات المتحدة ستعمل مع الأطراف السورية لتأسيس مرحلة انتقالية.
أكد بايدن في بيان من البيت الأبيض أن الولايات المتحدة ستقدم دعمها للدول المجاورة لسوريا خلال الفترة الانتقالية، مشيرًا إلى أن الهدف هو ضمان الاستقرار وتعزيز الأمن الإقليمي في ظل التغيرات المستمرة التي تشهدها سوريا.
بايدن: محادثات مع قادة المنطقة وإشراف على الفصائل المتمردة
وأوضح بايدن أنه سيجري محادثات مع زعماء المنطقة في الأيام المقبلة، بالإضافة إلى إرسال مسؤولين من إدارته للمتابعة. كما أكد أن هناك فحصًا دقيقًا لما تقوله وتفعله الفصائل المتمردة، لضمان أنها تعمل من أجل السلام والعملية الديمقراطية.
وأضاف بايدن أن "روسيا وإيران وحزب الله فشلوا في الدفاع عن النظام السوري"، متعهدًا بأن الولايات المتحدة لن تسمح لتنظيم داعش بإعادة بناء قدراته في المنطقة.
ومن جانبه، علق بنيامين نتنياهو على الأحداث، وقال أصدرت تعليمات للجيش بالاستيلاء على المنطقة العازلة مع سوريا والمواقع القيادية المجاورة لها
وأضاف: "لن نسمح لأي قوة معـ ـادية بالتمركز على حدودنا، اتفاقية فض الاشتـ باك لعام 1974 انهـ ـارت وتخلي الجنود السوريون عن مواقعهم".
وأصدرت وزارة الخارجية الإيرانية، بيانًا حول الأحداث، وقالت من خلاله: "نظرا للتطورات الأخيرة في سوريا، تذكّر بموقف إيران المبدئي المتمثل في احترام وحدة سوريا وسيادتها الوطنية وسلامة أراضيها، وتؤكد أن تحديد مصير سوريا واتخاذ القرار بشأن مستقبل سوريا هو مسؤولية شعب هذا البلد وحده، دون تدخل مدمر أو فرض خارجي".
وأضافت الوزارة: "تحقيق هذا الهدف يتطلب إنهاء الاشتباكات العسكرية في أسرع وقت ممكن، ومنع الأعمال الإرهابية، والبدء بحوارات وطنية بمشاركة كافة أطياف المجتمع السوري من أجل تشكيل حكومة شاملة تمثل كافة أبناء الشعب السوري، إيران تدعم الآليات الدولية المستندة إلى قرار الأمم المتحدة رقم 2254 لمتابعة العملية السياسية في سوريا كما في الماضي، وتواصل العمل بشكل بناء مع الأمم المتحدة في هذا الصدد".
وقالت الخارجية الإيرانية: «في هذا الوضع، حيث تمر سوريا بفترة حرجة من تاريخها، من الضروري جدا ضمان أمن جميع المواطنين السوريين ورعايا الدول الأخرى، وكذلك الحفاظ على حرمة الأماكن الدينية المقدسة، وكذلك حماية الأماكن الدبلوماسية والقنصلية وفقا لمعايير القانون الدولي».
وأوضحت: "العلاقات بين إيران وسوريا لها تاريخ طويل وكانت دائما ودية، ومن المتوقع أن تستمر هذه العلاقات بالنهج الحكيم وبعيد النظر للبلدين القائم على المصالح المشتركة والالتزام بالالتزامات القانونية الدولية، تؤكد إيران على مكانة سوريا كدولة مهمة ومؤثرة في منطقة غرب آسيا، لن تدخر جهدا للمساعدة في إرساء الأمن والاستقرار في سوريا، ولهذا الغرض، ستواصل مشاوراتها مع كافة الأطراف المؤثرة، خاصة في المنطقة».