الأمواال الساخنة
أظهرت بيانات البنك المركزي المصري الصادرة اليوم، قفزة بنسبة 13% في رصيد الأوراق المالية والاستثمارات في أذون الخزانة، لتصل إلى 5.92 تريليون جنيه، بنهاية سبتمبر الماضي، مقارنة بنحو 5.23 تريليون جنيه في يونيو الماضي، بقيمة زيادة نحو 700 مليار جنيه في 3 أشهر، لارتفاع تدفق الأموال الساخنة إلى السوق المصرية بقوة خلال هذه الفترة.
تدفق الأموال الساخنة
تُعد الأموال الساخنة، عبارة عن استثمار الأجانب في أدوات الدين الحكومية (أذون الخزانة والسندات)، أو شراء أسهم الشركات المدرجة في البورصة أو شراء شهادات الادخار التي تطرحها البنوك، لكن أغلبها يكون في أذون الخزانة، لا سيما أنها تكون قصيرة الأجل، والتي تتراوح بين 3 أشهر وعام، إذ تسعى وراء سعر الفائدة المرتفع في مختلف دول العالم وسعر الصرف المنخفض.
ورفعت وزارة المالية مؤخرًا سعر العائد على أذون الخزانة ليتجاوز 31 %، وهو أعلى مستوى بعد تحرير سعر الصرف في مارس، وسط ضغوط لزيادة عبء الفائدة المرتفعة على خدمة الدين، ورفض المستثمرين شراء أذون الخزانة بأسعار فائدة منخفضة.
وكانت لجنة السياسة النقدية في مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، قد قررت الأربعاء الماضي، خفض أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، لتصل إلى 4.25 و4.5%، وذلك خلال آخر اجتماع له في 2024، حيث يأتي القرار ضمن سلسلة خطوات للتيسير النقدي بدأت في سبتمبر، بعد فترة طويلة من رفع الفائدة المتواصل منذ مارس 2022 وحتى يوليو 2023، حيث بلغت آنذاك أعلى مستوى لها خلال 23 عامًا.
تقرير وكالة فيتش
في 22 نوفمبر الماضي رفعت وكالة فيتش للتصنيف الائتماني، اليوم الثلاثاء، برفع التصنيف الائتماني لـ4 بنوك مصرية من "B-" إلى “B” وهي البنك الأهلي المصري، بنك مصر، بنك القاهرة، والبنك التجاري الدولي – مصر، وفي بداية الشهر نفسه رفعت الوكالة التصنيف الائتماني لمصر على المدى الطويل بالعملة الأجنبية إلى B من (B-)، للمرة الأولى منذ العام 2019،
وأوضحت الوكالة في تقريره لها، إن رفع التصنيف الائتماني لمصر يأتي بفعل عدد من العوامل والتي تتمثل في تراجع المخاطر المالية، مدفوعًا بمرونة سعر الصرف وتشديد السياسة النقدية وصفقة رأس الحكمة وبرنامج الإصلاح الاقتصادي المتفق عليه مع صندوق النقد، وجميعها عوامل ساهمت في تراجع المخاطر وتعزيز الأوضاع المالية الخارجية للدولة من خلال تعافي احتياطي النقد الأجنبي وجذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية لأدوات الدين المحلية واستقطاب تمويلات من المؤسسات المالية الدولية.
مؤسسات دولية
في 12 ديسمبر الجاري، توقعت وكالة التصنيف الائتماني “فيتش”، في تقرير حديث لها، أن تستفيد مصر من تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر خلال 2025، بالتزامن مع تراجع ضغوط التمويل الخارجي بصفة عامة بالنسبة للدول غير المصدرة للنفط في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحسن التصنيف الائتماني لمصر.
وأوضح تقرير وكالة "فيتش"، أن التزام مصر بالإصلاحات الاقتصادية والهيكلية سيسهم في جذب المزيد من تدفقات المحافظ والتدفقات متعددة الأطراف، لكنه حذّر من تهاوي إيرادات قناة السويس وتراجع إنتاج البلاد من الغاز إلى جانب استمرار العجز الكبير في الحساب الجاري، وإن كانت الاستثمارات الأجنبية المباشرة ستُغطيه إلى حد بعيد.
من جانبه أكد الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى "جولدمان ساكس"، فاروق سوسة ، في تصريح لوكالة أنباء بلومبرج، أن المستثمرين في أدوات الدين المصرية يميلون بنهاية العام إلى جني الأرباح لذا يحدث إغلاق للمراكز وتخارج دون ضخ تدفقات جديدة، أي معاودة شراء أذون خزانة جديدة بعد انتهاء آجال تلك التي حل موعد استحقاقها، خاصة وأن وزارة المالية المصرية قاومت حتى وقت قريب رفع العائد في عطاءات الأذون.
وتابع: “من المتوقع أن يتجه البنك المركزي المصري خلال الربع الأول من العام 2025 لخفض أسعار الفائدة من مستوياتها القياسية الحالية، لذا الأرجح أن تميل وزارة المالية لإصدارات أكبر من أذون الخزانة عبر كافة الآجال، بما في ذلك سندات الخزانة طويلة الأجل، الأمر الذي سيمنح المستثمرين فرصة للعودة إلى سوق أدوات الدين المصرية، ما سيعزز قيمة الجنيه مقابل الدولار، ليعاود الارتفاع”.