تدفق الأموال الساخنة.. قفزة كبيرة في رصيد الأوراق المالية والاستثمارات في أذون الخزانة
تدفق الأموال الساخنة إلى مصر يشير إلى حركة رؤوس الأموال الأجنبية قصيرة الأجل التي تدخل البلاد بغرض تحقيق عوائد مالية مرتفعة في الأسواق المحلية. وغالبًا ما تكون هذه الأموال مرتبطة بالاستثمار في أدوات مالية مثل الأسهم والسندات الحكومية وأسواق النقد.
أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، تسجيل قفزة كبيرة في رصيد الأوراق المالية والاستثمارات في أذون الخزانة، حيث بلغت 38.171 مليار دولار بنهاية أكتوبر الماضي، مقارنة بـ13.617 مليار دولار في فبراير، بزيادة بلغت 24.55 مليار دولار خلال 8 أشهر.
أسباب تدفق الأموال الساخنة إلى مصر:
وتُعد الأموال الساخنة، عبارة عن استثمار الأجانب في أدوات الدين الحكومية (أذون الخزانة والسندات)، أو شراء أسهم الشركات المدرجة في البورصة أو شراء شهادات الادخار التي تطرحها البنوك، لكن أغلبها يكون في أذون الخزانة، لا سيما أنها تكون قصيرة الأجل، والتي تتراوح بين 3 أشهر وعام، إذ تسعى وراء سعر الفائدة المرتفع في مختلف دول العالم وسعر الصرف المنخفض.
ارتفاع أسعار الفائدة:
عندما تكون أسعار الفائدة في مصر مرتفعة مقارنة بالدول الأخرى، تصبح أدوات الدين الحكومية (مثل أذون وسندات الخزانة) جذابة للمستثمرين الأجانب.
استقرار سعر الصرف:
استقرار الجنيه المصري أو حتى توقع ارتفاع قيمته يجعل الاستثمار أكثر أمانًا بالنسبة للمستثمرين الأجانب.
سياسات جذب الاستثمار:
قيام الحكومة والبنك المركزي بتطبيق إصلاحات اقتصادية، مثل تحرير سعر الصرف وتحسين مناخ الاستثمار.
أداء الأسواق المالية:
نمو البورصة المصرية أو عوائد عالية على الأسهم يُحفز تدفق هذه الأموال.
كيفية التعامل مع الأموال الساخنة:
تنويع مصادر التمويل:
تعزيز الاستثمارات طويلة الأجل مثل الاستثمار المباشر الأجنبي (FDI) بدلاً من الاعتماد على الأموال الساخنة.
ضبط السياسات النقدية:
استخدام أدوات السياسة النقدية لضبط حركة الأموال الساخنة ومنع آثارها السلبية.
تعزيز استقرار الاقتصاد:
تحسين الاستقرار الاقتصادي والسياسي لزيادة ثقة المستثمرين وتقليل المخاطر.
الوضع الحالي (2025):
قد تختلف معدلات تدفق الأموال الساخنة تبعًا للسياسات الاقتصادية العالمية والمحلية، خاصة في ظل التغيرات في أسعار الفائدة العالمية وتوجهات المستثمرين نحو الأسواق الناشئة مثل مصر.
تتوقع مؤسسات وبنوك استثمارية عالمية، منها مورجان ستانلي وجولدمان ساكس وكابيتال إيكونوميكس، أن يبدأ البنك المركزي خفض أسعار الفائدة خلال الربع الأول من 2025، وتوقع مورجان ستانلي أن يُعلن أول خفض في اجتماع فبراير المقبل، بينما أشار بنك الكويت الوطني، إلى احتمالية بدء المركزي المصري خفض الفائدة قريبًا، استنادًا إلى التباطؤ الاقتصادي الذي شهدته البلاد خلال العام المالي الماضي، متوقعًا أن يصل إجمالي الخفض إلى 10% بنهاية 2025.
تدفق الأموال الساخنة نحو مصر
وتوقعت وكالة التصنيف الائتماني "فيتش"، في تقرير حديث صدر في 12 ديسمبر الماضي، أن تشهد مصر تدفقات قوية من الاستثمار الأجنبي المباشر خلال عام 2025، إذ يأتي ذلك مع تراجع الضغوط المرتبطة بالتمويل الخارجي في الدول غير المصدرة للنفط بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وتحسن التصنيف الائتماني للبلاد.
وأكد تقرير "فيتش" أن التزام مصر بالإصلاحات الاقتصادية والهيكلية سيكون عاملًا أساسيًا في جذب تدفقات استثمارية متعددة الأطراف، إلى جانب الاستثمارات الأجنبية المباشرة. ومع ذلك، حذرت الوكالة من بعض التحديات، مثل انخفاض إيرادات قناة السويس وتراجع إنتاج الغاز، واستمرار العجز الكبير في الحساب الجاري، رغم التوقعات بأن تغطي الاستثمارات الأجنبية جزءًا كبيرًا من هذا العجز.
في سياق متصل، قال فاروق سوسة، الخبير الاقتصادي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لدى "جولدمان ساكس"، إن البنك المركزي المصري من المتوقع أن يبدأ دورة خفض أسعار الفائدة خلال الربع الأول من 2025، ما سيحفز وزارة المالية على زيادة الإصدارات عبر مختلف الآجال، بما في ذلك سندات الخزانة طويلة الأجل.
وأشار إلى أن هذا التوجه قد يجذب المستثمرين للعودة بقوة إلى سوق أدوات الدين المصرية، ما يعزز التدفقات الأجنبية ويخفف الضغط على الجنيه المصري، ليشهد تعافيًا محتملًا أمام الدولار.