يواصل سياسة التشديد النقدي لاستهداف التضخم..

"المركزي" يختتم 2024 بالإبقاء علي أسعار الفائدة بدون تغيير للمرة السادسة على التوالي

لجنة السياسات النقدية تؤكد أن تثبيت الفائدة يعد مناسبا بالفترة الحالية إلى أن ينخفض معدل التضخم على نحو ملحوظ ومستدام .. وخبراء : قرار يخدم الاقتصاد الكلي

 في آخر اجتماعاتها بالعام 2024 ، قررت  لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي  الإبقاء  للمرة السادسة على التوالي، على سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر العملية الرئيسية للبنك المركزي عند 27.25% و28.25% و27.75% على الترتيب ،  كما قررت الإبقاء على سعر الائتمان والخصم عند 27.75% .

وقالت اللجنة في بيان   إن هذا القرار يأتي انعكاسًا لآخر المستجدات والتوقعات على المستويين العالمي والمحلي منذ الاجتماع السابق للجنة السياسة النقدية.

وتقرر خلال اجتماع اللجنة، تمديد الأفق الزمني لمعدلات التضخم المستهدفة إلى الربع الرابع من عام 2026 والربع الرابع من عام 2028 عند 7% (± 2 نقطة مئوية) و5% (± 2 نقطة مئوية) في المتوسط على الترتيب، ومن ثم إتاحة مجال لاستيعاب صدمات الأسعار دون الحاجة للمزيد من التشديد النقدي، وبالتالي تجنب حدوث تباطؤ حاد في النشاط الاقتصادي، وذلك اتساقا مع التقدم التدريجي للبنك المركزي نحو اعتماد إطار متكامل لاستهداف التضخم.

وترى لجنة السياسة النقدية، أن الإبقاء على أسعار العائد الأساسية للبنك المركزي دون تغيير يعد ملائما حتى يتحقق انخفاض ملحوظ ومستدام في معدل التضخم، ما يؤدي إلى ترسيخ التوقعات وتحقيق معدلات التضخم المستهدفة.

وأشارت  اللجنة إلى أنها سوف تتخذ قراراتها بشأن مدة التشديد النقدي ومدى حدته على أساس كل اجتماع على حدة، مع التأكيد على أن هذه القرارات تعتمد على التوقعات والمخاطر المحيطة بها وما يستجد من بيانات.

وأكدت أنها سوف تواصل مراقبة التطورات الاقتصادية والمالية عن كثب وتقييم آثارها المحتملة على المؤشرات الاقتصادية، ولن تتردد في استخدام كل الأدوات المتاحة للوصول بالتضخم إلى معدلاته المستهدفة من خلال الحد من الضغوط التضخمية من جانب الطلب واحتواء الآثار الثانوية لصدمات العرض.

 وأوضح بيان البنك المركزي  أن المؤشرات الأولية للربعين الثالث والرابع من عام 2024 تفيد باستمرارية تعافي النشاط الاقتصادي، مع تسارع وتيرة نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي مقارنة بالربع الثاني من عام 2024.

وتابع البيان :"يظل الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي أقل من طاقته القصوى، مما يدعم الانخفاض المتوقع في التضخم خلال عام 2025، ومن المتوقع أن يحقق طاقته القصوى بنهاية السنة المالية 2025/2026. وفيما يتعلق بالأجور، لا تزال الضغوط التضخمية الناجمة عنها محدودة في ظل ضعف معدل النمو الحقيقي للأجور" .

وذكرت اللجنة، أنه على الرغم من أن المعدل السنوي للتضخم العام شهد استقرارا خلال الثلاثة أشهر الماضية، فقد تراجع في نوفمبر 2024 إلى 25.5% نتيجة انخفاض أسعار المواد الغذائية، إذ سجلت أسعار المواد الغذائية الأساسية والخضروات الطازجة أدنى معدل تضخم سنوي لها فيما يقرب من عامين عند 24.6% خلال نوفمبر 2024.

وقال البيان : "بينما ارتفعت الأسعار المحددة إداريا للسلع غير الغذائية، بما في ذلك منتجات الوقود والنقل البري ومنتجات التبغ، بما يتسق مع إستراتيجية زيادة الإيرادات الرامية إلى الحد من العجز المالي. وعليه، انخفض المعدل السنوي للتضخم الأساسي إلى 23.7% في نوفمبر 2024 مقابل 24.4% في أكتوبر 2024. وتشير هذه النتائج، جنبا إلى جنب مع تحسن توقعات التضخم وعودة معدلات التضخم الشهرية إلى نمطها المعتاد، إلى أن التضخم سوف يواصل مساره النزولي .

وأفادت لجنة السياسة النقدية، أنه بعد عامين من الارتفاع الحاد في معدلات التضخم عالميا، بدأ التضخم في الاقتصادات المتقدمة والناشئة في التراجع، وإن كان لا يزال أعلى من معدلاته المستهدفة.

ووفقا للبيان " بدأ معدل التضخم العام في مصر في التراجع خلال الآونة الأخيرة، ومن المتوقع أن يسجل حوالي 26% في الربع الرابع من عام 2024 في المتوسط، متخطيا بذلك المعدل المستهدف للبنك المركزي البالغ 7% (± 2 نقطة مئوية). ويرجع ذلك إلى مجموعة من العوامل الاقتصادية المحلية والعالمية خلال الفترة 2022-2024، من أهمها: (1) تراكم الاختلالات الخارجية نتيجة ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الغذائية خلال عام 2021، والتضخم المستورد، وتخارج استثمارات حافظة الأوراق المالية عقب اندلاع الصراع الروسي الأوكراني، (2) وصدمات العرض المحلية وعدم ترسيخ توقعات التضخم، وأخيرا (3) إجراءات ضبط أوضاع المالية العامة بهدف التشديد المالي ووضع الدين على مسار نزولي. وقد أدت هذه التطورات مع تحركات سعر الصرف إلى تخطي التضخم معدله المستهدف، إذ بلغ المعدل السنوي للتضخم العام ذروته عند 38.0% في سبتمبر 2023 قبل انخفاضه إلى 25.5% في نوفمبر 2024"،  .

وبينت اللجنة، أن البنك المركزي المصري بدءا من مارس 2024، اتخذ عددا من الإجراءات التصحيحية بهدف استعادة استقرار الاقتصاد الكلي، مما أدى إلى احتواء الضغوط التضخمية وخفض التضخم العام. ومن أبرز هذه الإجراءات السياسة النقدية التقييدية التي اتبعها البنك المركزي، وتوحيد سوق الصرف الأجنبي مما ساعد على ترسيخ توقعات التضخم، وجذب المزيد من تدفقات النقد الأجنبي. ورغم ذلك، تتضمن المخاطر المحيطة بالتضخم احتمالات تفاقم التوترات الجيوسياسية وعودة السياسات الحمائية وزيادة تأثير إجراءات ضبط المالية العامة. وتشير التوقعات إلى أن التضخم سيتراجع بشكل ملحوظ بدءا من الربع الأول من عام 2025 مع تحقق الأثر التراكمي لقرارات التشديد النقدي والأثر الإيجابي لفترة الأساس، وسوف يقترب من تسجيل أرقام أحادية بحلول النصف الثاني من عام 2026.

وذكرت اللجنة أنه على الصعيد العالمي، فقد واصلت البنوك المركزية في الاقتصادات المتقدمة والناشئة خفض أسعار العائد تدريجيا في ضوء استمرار تراجع معدلات التضخم، مع الإبقاء على سياسات التشديد النقدي، إذ إن معدلات التضخم المحققة لا تزال تتجاوز المستويات المستهدفة. ويتسم معدل النمو الاقتصادي باستقراره إلى حد كبير وتشير التوقعات إلى أنه سوف يستمر عند مستوياته الحالية، وإن كان لا يزال أقل من مستويات ما قبل جائحة كورونا. ومع ذلك، تظل توقعات النمو عُرضة لبعض المخاطر ومنها التأثير السلبي للتشديد النقدي على النشاط الاقتصادي، والتوترات الجيوسياسية، واحتمالية عودة السياسات التجارية الحمائية. وبالنسبة للأسعار العالمية للسلع الأساسية، فقد شهدت تقلبات طفيفة في الآونة الأخيرة، وتشير التوقعات بانخفاض محتمل في أسعارها، وخاصة منتجات الطاقة. ومع ذلك، لا تزال المخاطر الصعودية تحيط بمسار التضخم، بما في ذلك اضطرابات التجارة العالمية والتأثير السلبي لأحوال الطقس على الإنتاج الزراعي.

 استهداف التضخم

في آخر 5 اجتماعات أبقت لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزي على سعر الفائدة دون تغيير عند مستوياتها المرتفعة 27.25% للإيداع و28.25% للإقراض.

وقال محمد عبد العال الخبير المصرفي، إن الإبقاء على سعر الفائدة  يتماشى مع أهداف لجنة السياسة النقدية في البنك المركزي في استهداف خفض التضخم وامتصاص الضغوط التضخمية.

وأوضح عبد العال أن تثبيت سعر الفائدة سيكون أكثر تحفيزا للاستثمار الأجنبي في أذون وسندات الخزانة لوجود عائد مرتفع على استثمارهم في الجنيه ويزيد من قوة الجنيه مقابل الدولار.

وأوضح أن  تثبيت سعر الفائدة يتماشى مع توجيهات صندوق النقد الدولي الذي يدعم برنامج الإصلاح الاقتصادي الذي يدعو المركزي بتماشى سعر الفائدة مع التضخم.

ورأي  عبد العال  أنه من الأفضل أن  يبدأ المركزي في خفض سعر الفائدة 2%   لتمهيد السوق بالاتجاه إلى سياسة نقدية مرنة داعمة لتوسع القطاع الخاص ، موضحا  أن خفض الفائدة سينعكس بشكل إيجابي في زيادة معدلات الاقتراض بين الشركات وتوسع الإنتاج وتقليل تكلفة المنتج النهائي الذي بدوره سيؤدي إلى تراجع التضخم.

كان صندوق النقد الدولي ذكر في تقرير له حول اعتماد المراجعة الرابعة لمصر على مستوى الخبراء، أن المركزي التزم بالحفاظ على ظروف نقدية متشددة لمزيد من خفض الضغوط التضخمية، ومواصلة تحديث عملياته بهدف الانتقال تدريجيا نحو استهداف التضخم بشكل كامل.

وقالت سهر الدماطي الخبيرة المصرفية، إن الإبقاء على سعر الفائدة  يؤدي إلى استمرار التكلفة المرتفعة على القطاع الخاص ولكن من ناحية أخرى سيساهم في خفض التضخم.

وقال محمد الإتربي الرئيس التنفيذي للبنك الأهلي المصري ورئيس مجلس اتحاد بنوك مصر إن سعر الفائدة يرتبط بالتضخم الذي يعد أخطر من رفع الفائدة لتأكل العائد الحقيقي على مدخرات العملاء.

وأِشار إلى أن عام 2013 شهد ارتفاعا في معدل التضخم والفائدة التي قفزت إلى 20% ثم تراجعت مجددا إلى 6% و7% لكن الظروف حاليا اختلفت تأثرا بجاحة كوفيد 19 والحرب الروسية الأوكرانية.

ويرى محمود نجلة المدير التنفيذي لأسواق النقد والدخل الثابت في شركة الأهلي للاستثمارات المالية، أن تثبيت سعر الفائدة يصب في صالح الاقتصاد الكلي بشكل أكبر بسبب ارتفاع معدل التضخم الذي يحتم على المركزي الإبقاء على سعر الفائدة مرتفع.

وأوضح أن الحفاظ على أسعار الفائدة المرتفع يعزز من وجود عائد حقيقي على مدخرات العملاء بالقطاع المصرفي المصري ولا يجوز أن تظل فجوة العائد بالسالب متسعة لمدة أطول.

 وأشار  د نجلة   إلى أن أسعار الفائدة المرتفعة تكون مرهقة على الشركات ولكن تتعارض مع مصلحة الاقتصاد الكلي ، موضحا  أن مصلحة الاقتصاد الكلي تجب مصلحة الاقتصاد الجزئي المتمثل في الشركات ورجال الأعمال حيث معاناة ارتفاع التضخم أكثر من ضغوط زيادة أسعار الفائدة بما يحتم عدم إجراء أي خفض في اجتماع اليوم.

وأوضح نجلة  أن خفض الفائدة  يؤدي للحد من قوة الجنيه حيث أي خفض للفائدة يعني تراجع الإقبال للاستثمار في العملة المحلية.

يمين الصفحة
شمال الصفحة