مع اقتراب العام الجديد، هناك الكثير من العوامل المتناقضة التي تؤثر على سوق النفط، والتي تبدأ بآثار ولاية دونالد ترامب الجديدة على السوق، ولا تنتهي بالطلب الصيني الضعيف.
قرارات تحالف أوبك
سياسة خفض الإنتاج كانت عنوان عام 2024، إذ قام تحالف أوبك+، للمرة الثالثة، بتأجيل زيادة الإمدادات، على أن يعيد بعض الإنتاج إلى السوق اعتباراً من نهاية مارس.
لكن تدفق المعروض يواجه في المقابل تداعيات مرتقبة لتنصيب الرئيس دونالد ترامب في العشرين من شهر يناير، مع احتمال محاصرته للنفط الإيراني كما فعل خلال رئاسته الأولى، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى خلق فجوة في المعروض، والرسوم الجمركية التي تعهد بفرضها على الصين، ما قد يعيق قدرة ثاني أكبر اقتصاد في العالم على الخروج من أزمته.
يرى فيكتور كاتونا، رئيس محللي النفط في "كبلر" (Kpler)، أن "ترامب قد يرفع الأسعار أكثر مما هي عليه الآن"، وأضاف: "حالياً الأسعار في مستوى 73 أو 74 دولاراً لبرنت، لكن بعد تنصيب ترمب سنشهد عالماً مختلفاً تماماً، وهذا سيتجلى في وتيرة تحرك الرئيس المنتخب على سبيل المثال في فرض العقوبات على إيران، لأن ذلك هو ما سيحدد أسعار المستقبل".
أسعار النفط
حتى قبل وصوله إلى البيت الأبيض، زادت كمية النفط الإيراني المخزنة على متن ناقلات بالبحر إلى أعلى مستوياتها منذ أواخر يوليو، بعدما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على مزيد من الناقلات والشركات بزعم تورطها في تجارة النفط الإيراني.
وصول أسعار النفط إلى مستوى 100 دولار للبرميل أمر قد لا يتحقق، إذ يربط كوتانا هذا السيناريو بنشوب حرب عالمية ثالثة. وأضاف: "لكن يمكن لأسعار النفط على الأقل أن تصل إلى 80 دولاراً للبرميل، عندما ترى الأسواق أن المعروض الإيراني يتم خفضه".
فرصة للسعودية في الصين
يواجه الاقتصاد الصيني مطبات، ما دفع البلاد إلى إطلاق حزم تحفيز، ولكنها جاءت مخيبة لآمال السوق. ولمحت السلطات في الصين التي تعتبر أكبر مستورد للخام في العالم، إلى حزم تحفيز أكبر خلال العام المقبل، وهو ما قد ينجح في وضع الاقتصاد على المسار الصحيح، بالتالي عودة الطلب على النفط إلى مستوياته السابقة.
خفّضت منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك) توقعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط بمقدار 107 ألف برميل يومياً ليصل إلى 1.4 مليون برميل يومياً في 2025. حيث تترقب تراجع نمو الطلب على الخام بنحو 103 آلاف برميل ليصل إلى 1.5 مليون برميل يومياً.
بالنسبة لعام 2025، قدّر تقرير المنظمة الصادر في ديسمبر، أن يستقر نمو المعروض النفطي من خارج التحالف عند 1.1 مليون برميل في اليوم، وذلك دون تغيير عن تقديرات الأشهر الستة الماضية من العام 2024.
ونظراً لأن آسيا تعتبر واحدة من أكبر الشركاء التجاريين للسعودية، فإن انتعاش الطلب في الصين قد يعني فرصة للدولة الخليجية لاستعادة حصتها السوقية. قال فيكتور كاتونا إن "حصة المملكة السوقية في هذا البلد تقلصت على مدار السنوات الثلاث الماضية، بسبب الأسعار التنافسية"، مضيفاً أن "الزيادة في معروض 2025 ستأتي حصرياً من دول مثل البرازيل والولايات المتحدة وهي كلها بعيدة عن الصين، ولذلك ستكون السعودية هي الرابحة" من هذه المعادلة.
أشار المتحدث إلى أن آسيا هي ساحة النزاع والمنافسة ومركز النمو العالمي، وهذا يفتح، بحسب كاتونا، فرصاً أمام عدة دول أخرى مثل الكويت والإمارات والبرازيل. ونوه قائلاً: "إنها المنطقة الوحيدة التي تنمو، لذلك الكل يريد أن يبقى في آسيا، لأن هناك ارتفاعاً في الأسعار، ولا أحد يريد أن يكون في أوروبا".