
قررت مصر اتخاذ إجراءات استباقية في التعامل مع الحرب التجارية العالمية، من خلال التحوط في شراء بعض السلع الاستراتيجية، بحسب مصطفى مدبولي رئيس الوزراء المصري، الذي أشار إلى أن حكومته بدأت بسلعة القمح التي تم رفع سعرها محلياً لضمان أكبر نسبة توريد.
سعر توريد أردب القمح
ورفعت الحكومة المصرية نهاية العام الماضي سعر توريد أردب القمح المحلي لموسم 2025 إلى 2200 جنيه بتكلفة إضافية 6 مليارات جنيه.
توقع مدبولي، خلال مؤتمر صحفي عقد اليوم في القاهرة، أن يشهد العالم موجة تضخم كبيرة، يصحبها ركود اقتصادي، بضغط الحرب التجارية التي تسببت فيها رسوم ترمب.
تفاقمت الحرب التجارية اليوم، بعد أن أعلنت وزارة المالية الصينية عن فرض رسوم إضافية بـ 84% على السلع الأميركية ابتداءً من الغد، وذلك ردا على البيت الأبيض الذي رفع التعريفات الجمركية على الصين لتصل إلى 104%.
تأثير الحرب التجارية على مصر
شهدت مصر على مدار يومي الأحد والاثنين الماضيين موجات خروج للأموال الساخنة من السوق المحلي، متأثرة بالحرب التجارية كباقي الدول، بحسب رئيس الوزراء، الذي أشار إلى وتيرة خروجهم أمس واليوم تراجعت.
كان الرئيس الأميركي، دونالد ترمب، أقر الأسبوع الماضي فرض رسوم جمركية على 185 دولة بحد أقصى 50% وبحد أدنى 10%، شملت نحو 125 دولة. وطالت الرسوم كلاً من مصر والسعودية والإمارات والمغرب بنسبة 10%، والأردن بنسبة 20%، كما قرر فرض رسوم بنسبة 41% على سوريا، وبنسبة 31% على ليبيا، وعلى العراق بنسبة 39%.
رئيس الوزراء المصري قال خلال المؤتمر الصحافي: "استوعبنا ما تم في الأسواق على مدار اليومين الماضيين"، مشيراً إلى أن التأثر بما يحدث عالمياً يؤثر على مصر وجميع بلدان العالم.
تابع مدبولي: "ما يحدث هو حرب تجارية واقتصادية عالمية شاملة، وقرارات الرئيس الأميركي ترمب أثرت على كافة دول العالم، والآن يتم تدمير ما تم بنائه خلال الثلاثين سنة الماضية، ومن الوارد جداً حدوث تضخم وركود عالمي مثلما حذر خبراء الاقتصاد والمؤسسات الدولية".
الأوضاع مستقرة في مصر رغم الحرب التجارية
قال مدبولي إنه وجه المجموعة الاقتصادية بالحكومة بالتعامل مع مايحدث ووضع سيناريوهات مختلفة للتعامل مع الأوضاع الراهنة، لكنه أكد أنه "رغم ما يحدث فأوضاعنا الاقتصادية مستقرة ونعمل على توفير كافة احتياجات الدولة من السلع وبخاصة الطاقة لتأمين الكهرباء في الصيف المقبل".
تعاقدت مصر مع مكاتب استشارية لطرح 5 شركات تابعة للقوات المسلحة المصرية، ومن المرتقب أن يتم خلال يونيو المقبل طرح منطقة مربع الوزارات بوسط البلد، دون الاخلال بالطابع الحضاري للمنطقة لزيادة عدد الغرف الفندقية لاستعباب السياحة الوافدة إليها، بحسب تصريحات مدبولي.
وعن الاستثمار في قطاع الطاقة، أشار مدبولي أن "هناك خطة واضحة لشركة إيني الايطالية لزيادة استكشافاتها من الغاز الطبيعي خلال الفترة المقبلة".
مكاسب محتملة لمصر
كشفت وكالة رويترز عن مكاسب محتملة ربما تجنيها دولاً من بينها مصر وتركيا وسنغافورة من وراء الرسوم الجمركية الأخيرة التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب علي العديد من دول العالم والتي كان نصيب مصر منها 10%.
وفي تقرير للوكالة الثلاثاء، تحدث خبراء عن المكاسب المحتملة، موضحاً أن دول مثل مصر يمكن أن تجني استثمارات إضافية مع سعي العديد من دول العالم إلى تنويع المصنعين واتساع وتنوع في دوائر الواردات.
وذكر التقرير أن أزمات دول مثل بنجلاديش وفيتنام، اللتين تُحققان فوائض كبيرة وتضررتا بشدة من سياسات ترامب، يمكن أن تشكل فرصاً لدول مثل مصر وتركيا.
ونقلت الوكالة عن مجدي طلبة رئيس مجلس إدارة شركة T&C Garments المصرية التركية المشتركة: "لم تفرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية على مصر وحدها، بل فرضت رسومًا جمركية أعلى بكثير على دول أخرى. وهذا يمنح مصر فرصة واعدة جدًا للنمو"، مشيراً إلى الصين وبنجلاديش وفيتنام منافسين رئيسيين لمصر في مجال المنسوجات.
وتابع: "الفرصة واضحة، علينا فقط اغتنامها".
وبموجب التقرير فإن رسوم ترامب الجمركية تشكل فرصة نادرة لمصر لجذب استثمارات من الدول التي يفرض عليها الرئيس الأمريكي رسومًا جمركية مرتفعة، ومن جهة أخري فإن الرسوم ستشكل دفعة محتملة للمستوردين الأمريكيين لطلب المزيد من السلع المصرية، ما يعطي تلك السلع ميزة تنافسية في السوق الأمريكية.
الرسوم الجمركية تدخل حيز التنفيذ الأربعاء
ومن المقرر أن تدخل أحدث موجة من الرسوم الجمركية الأمريكية حيز التنفيذ غدًا الأربعاء التاسع من أبريل.
وتجسد البرازيل، بصفتها مستوردًا صافيًا للسلع من الولايات المتحدة، كيف يمكن لبعض الدول استغلال حرب تجارية يشنها ترامب بالأساس ضد الصين وغيرها من كبار المصدرين الذين يحققون فوائض في التبادل التجاري مع الولايات المتحدة.
ويمكن لدول مثل المغرب ومصر وتركيا وسنغافورة، وجميعها لديها عجز تجاري مع الولايات المتحدة، أن تحصل على فرصة في ظل معاناة دول مثل بنجلادش وفيتنام اللتين تحققان فوائض كبيرة وتضررتا بشدة من سياسات ترامب.
وتواجه بنجلادش وفيتنام رسومًا جمركية بنسبة 37% و46% على الترتيب بينما تواجه الدول الأخرى المذكورة سلفًا رسومًا بنسبة 10%، وهو ما يعد تأثيرًا هينًا في ظل نظام عالمي جديد يعمل ترامب على تشكيله.
المنسوجات المصرية
وقال مجدي طلبة، رئيس مجلس إدارة "تي آند سي للملابس الجاهزة"، وهي شركة مصرية تركية: "لم تفرض الولايات المتحدة رسومًا جمركية على مصر وحدها.. فقد فرضت رسومًا أعلى بكثير على دول أخرى، ويمنح ذلك مصر فرصة واعدة للنمو".
وأشار طلبة إلى الصين وبنجلادش وفيتنام باعتبارهم منافسين رئيسيين لمصر في مجال المنسوجات، وقال: "الفرصة سانحة أمامنا.. علينا فقط اغتنامها".
ويمكن لتركيا التي تضررت صادراتها من الحديد والصلب والألومنيوم جراء رسوم أميركية سابقة أن تستفيد حاليًا من فرض رسوم أكبر على أسواق أخرى.
ووصف وزير التجارة التركي عمر بولات، الرسوم الجمركية المفروضة على بلاده بأنها "أفضل ما يكون" مقارنة بالعديد من الدول الأخرى.