
جرمين عامر عضو اتحاد الاعلاميين العرب
آه يا زمن ..
فجأة .. وبدون سابق إنذار.
انتهت .. صلاحية الصورة السيلفي.
لتحل .. تقنية "الديب فيك" Deep Fake
تريند المائة وش، والألف لسان، والتحدث ب 7 آلاف لغة.
فتقدر .. يوم الاثنين، تلبس وش الطبيب وتصف العلاج بدقة لملايين المتابعين.
وتعيش.. يوم الثلاثاء، دور المغني، وصوتك يطرب المستمعين.
وتستحضر .. يوم الخميس، شخصية السياسي، الملهم للعامة، بآراءه وأفكاره.
وتتقمص .. يوم الجمعة، دور الرياضي، فتتوج بالبطولات والميداليات العالمية.
وأما يوم الأحد، فتظهر .. كشجيع السيما، بكل الإعلانات، وصاحب أعلى إيرادات وملايين المشاهدات.
زلزال .. يهز عرش الحقيقة،
بحمى تقنية الذكاء الاصطناعي، فانفجرت السوشيال ميديا بمقاطع وفيديوهات بالصوت والصورة، لمشاهير الفن والسياسة والكرة. أصحاب النفوذ والتأثير الضخم علي القاعدة العريضة من المتابعين، يلهبون مشاعرهم برسائلهم الاستهلاكية، التي تحرك وجدان الجماهير في ثواني معدودة.
إنه الجنون، وقدرة الذكاء الإصطناعي علي بيع الوهم وتزييف الواقع لملايين البشر.
فها هو !! الرئيس الامريكي "دونالد ترامب"، يدعو لتجربة "كشري أبو طارق". ليأتي بعده الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وهو جالس مستمتع بالشيشة علي قهوة بخان الخليلي. وها هي الفنانة "مي عمر" تظهر كراقصة محترفة.
حتي نجوم الزمن الجميل، لم يفلتوا من حمى الذكاء الاصطناعي. فظهرت السيدة أم كلثوم تصنع الكحك وهي تغني أغنيتها الشهيرة "يا ليلة العيد". لنتفاجئ بنجوم كرة القدم، محمد صلاح ورونالدو وكريستيانو يشاركون أم كلثوم البطولة في نفس فيديو الأغنية. و ليخرج علينا فيديو أخر بعنوان "لمة زمان" يضم نجوم الفن الذين رحلوا عن دنيانا مثل: عمر الشريف وسعاد حسني وفاتن حمامة ومحمود عبد العزيز ونور الشريف .. وغيرهم.
لغاية كدة ..
تنوع ثقافي جميل !! وجسر زمني يربط بين القديم والحديث.
إنما الزحف التقني !! لم يتوقف عند هذا الحد.
يبدو الذكاء الاصطناعي يخرج عن النص. ليتخطى حدود المتعة والترفية ليضرب الثوابت الدينية.
كابوس مرعب بطله جهاز كمبيوتر بتطبيقات الذكاء الاصطناعي.
في دراما "منتهي الصلاحية" رمضان 2025. حينما تناولت أحداث المسلسل استخدم تقنية الاحتيال الشخصي، لأحد الرموز الدينية، في بث رسائل إعلامية واستشارات فقهية خادعة تجيز المراهنات الإلكترونية.
تعتمد جريمة الاحتيال الشخصي باستخدام الذكاء الاصطناعي (AI Impersonation Fraud) علي التزييف العميق (Deepfake) بإنشاء مقاطع فيديو مزيفة يظهر فيها الشخص مخالفًا لطبيعة سلوكه أو مهنته. مع تقليد صوته(Voice Cloning) باستخدام تسجيلات قصيرة للشخص نفسه. ثم إنشاء تسجيلات صوتية مزيفة، تبدو وكأنها صوته الحقيقي. ثم يأتي دور روبوتات الدردشة الذكية (AI Chatbots): والتي ترسل الرسائل المقنعة على وسائل التواصل الاجتماعي أو البريد الإلكتروني لخداع الأشخاص وإقناعهم بهدف الابتزاز أو السرقة أو الخداع.
بالرغم من عدم وجود قوانين بعينها لمخالفات برامج قرصنة الذكاء الاصطناعي في العالم، إلا أن الجهود الدولية مستمرة لوضع أطر قانونية وتنظيمية تعالج التحديات الناشئة عن استخدام الذكاء الاصطناعي في الاحتيال وانتحال الهوية.
تصدرت مصر والاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الامريكية، الدول التي سعت لتنظيم هذا المجال. ففي 23 ابريل 2023 صدر الميثاق المصري للذكاء الاصطناعي، والذي تناول المبادئ التوجيهية المتعلقة بالاستخدام الأخلاقي والمسؤول لهذه التقنيات. كما تعمل الحكومة المصرية علي اعداد مشروع قانون الذكاء الاصطناعي. بهدف وضع إطار قانوني شامل للتعامل مع هذه التقنية وتطبيقاتها المختلفة والحد من المخاطر.
علي الرغم .. من الابداع الكبير للذكاء الاصطناعي في استحضار الشخصيات وممارساتها، إلا أن التساؤلات الأخلاقية والقانونية تتزايد مثل: حقوق الملكية الفكرية، والخصوصية الشخصية، والتلاعب بالرسائل، وتشوية بعض الرموز الثقافية والسياسية والاجتماعية والدينية.
فهل يستطيع !!؟ صاحب الملكية الفكرية .. والتي قدرت بـ 50 عام للأعمال الفنية والموسيقية و70 عاماً للأعمال الأدبية وفقاً لقانون حماية حقوق الملكية الفكرية المصري .. حماية حقه المشروع !!
ومن سيكون الخصم أمامه في التقاضي ضد القرصنة التقنية !! هل سيكون الشخص الذي قاد عملية القرصنة؟ ام انه سيقاضي الآلة!!