دراسة رائدة لباحثين من الجامعة الأمريكية بالقاهرة تكشف ارتباط ارتفاع درجات الحرارة بالسرطان

كشفت دراسة جديدة أجراها معهد الصحة العالمية والبيئة البشرية بالجامعة الأمريكية بالقاهرة عن وجود علاقة وثيقة بين ارتفاع درجات الحرارة وزيادة معدلات الوفاة الناتجة عن سرطانات النساء في منطقة الشرق الأوسط.

قادت الدراسة وفاء أبو الخير مطرية، الزميلة الباحثة الأولى بالمعهد، الحاصلة على ماجستير الإدارة العامة عام 2018 والدكتوراه عام 2023 من الجامعة الأمريكية بالقاهرة، بالتعاون مع سونغسو تشون، الأستاذ بالمعهد، الذي أجرى الدراسة الرصدية.

تحليل بيانات تمتد لعقود من 17 دولة عربية

حللت الدراسة بيانات تمتد لأكثر من عشرين عاماً من سبعة عشر دولة في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وهي: مصر، الجزائر، البحرين، إيران، العراق، الأردن، الكويت، لبنان، ليبيا، المغرب، عمان، قطر، المملكة العربية السعودية، سوريا، تونس، الإمارات العربية المتحدة، وفلسطين.

ركز فريق البحث على بيانات الوفيات الناتجة عن أربعة أنواع من سرطانات النساء: سرطان الثدي، وسرطان الرحم، وسرطان المبيض، وسرطان عنق الرحم.

وقد كشفت النتائج عن وجود ارتباط واضح بين هذه الأنواع من السرطان وارتفاع درجات الحرارة.

العوامل المساهمة في العلاقة بين الحرارة والسرطان

أوضحت مطرية بعض العوامل التي تسهم في هذا الارتباط، مشيرة إلى أن درجات الحرارة المرتفعة تؤدي إلى زيادة التعرض للملوثات، وتؤثر على كفاءة الأنظمة الصحية، مما يؤدي إلى تأخير في التشخيص والعلاج.

كما أضافت أن الحرارة قد تؤثر على بنية الخلايا.

وأشارت إلى أن النساء أكثر عرضة لهذه التأثيرات نتيجة محدودية الوصول إلى الخدمات الصحية، والقيود الثقافية المتعلقة بسرطاني الثدي وعنق الرحم.

وأكدت أن هذه النتائج تشكل جرس إنذار لابد من أخذه بعين الاعتبار عند وضع السياسات الصحية.

دعوة إلى دمج السياسات المناخية ضمن الخطط الصحية

أبرزت نتائج الدراسة الحاجة الملحة لدمج استراتيجيات التكيف مع تغير المناخ ضمن السياسات الصحية العامة، للحد من انتشار السرطان ومعدلات الوفيات الناتجة عنه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

من جانبه، شدّد تشون على أهمية السياسات المناخية الدولية، مشيراً إلى أن اتفاق باريس يعد من أكثر الأطر وضوحاً في مواجهة ظاهرة ارتفاع درجات الحرارة.

وقال: إن تطبيق التوصيات الواردة في الاتفاق بما يتماشى مع ظروف كل دولة يعد أمراً أساسياً للحد من التغير المناخي، إلا أن العديد من الدول لا تلتزم بتنفيذ هذه التوصيات.

الفئات الهشة في قلب العاصفة المناخية

سلّطت الدراسة الضوء أيضاً على التأثيرات الأوسع لتغير المناخ على الفئات الأكثر هشاشة.

ووفقاً لتشون، يواجه كبار السن والأطفال والنساء تحديات خاصة في مراحل معينة، مثل فترات الحمل والولادة.

وأضاف أن من الضروري وضع برامج وسياسات واضحة تستهدف دعم هذه الفئات، لا سيما من خلال تعزيز نظام الرعاية الصحية.

خطوة أولى نحو أبحاث أعمق في المستقبل

أشار الباحثان إلى أن هذه الدراسة تعد نقطة انطلاق لأبحاث مستقبلية. وأوضحت مطرية أن هذه الدراسة لا تزال أولية، لكنها تمثل بداية جيدة.

بينما قال تشون: هناك العديد من العوامل التي تساهم في الإصابة بالسرطان، ونحن بحاجة إلى تصميم دراسات تجريبية أخرى تأخذ في الاعتبار ليس فقط البيئة المحيطة، بل أيضًا المستويات المجتمعية.

اهتمام عالمي متزايد وتوقعات بتمويل إضافي

مع تزايد الاهتمام الذي تحظى به نتائج الدراسة في وسائل الإعلام العالمية، وإمكانية الحصول على تمويل إضافي، يأمل كل من مطرية و تشون أن يسهم عملهما في تحفيز المزيد من الأبحاث الدولية التي تستكشف العلاقة بين تغير المناخ والصحة والنوع الاجتماعي.

يمين الصفحة
شمال الصفحة