
كشف تقرير رسمي عن تفاصيل غير مسبوقة بشأن وضع الإيجارات القديمة في مصر، ويُعيد فتح الملف الشائك الذي ظلّ حبيس الأدراج لعقود، وسط مطالب متصاعدة بوضع نهاية عادلة لنظام أثار انقسامات قانونية واجتماعية واقتصادية واسعة.
وأظهر تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء التفاصيل الكاملة بشأن إجمالي وحدات الإيجار القديم في المدن والقرى بجميع أنحاء الجمهورية، حيث بلغ عددها 3 ملايين و19 ألفًا و662 وحدة، تنوعت بين الاستخدام السكني والإداري.
شقق الإيجار القديم في مختلف أنحاء الجمهورية
التقرير الذي يستند إلى بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء، يظهر أن عدد الوحدات المؤجرة في مصر بنظام الإيجار القديم بلغ 3.019.662 وحدة على مستوى الجمهورية، تتركّز غالبيتها في القاهرة والجيزة والقليوبية والإسكندرية.
ووفق بيانات حكومية رسمية، فإن نحو 45.6% من هذه الوحدات مغلقة وغير مستغلة فعليًا، ما يُمثل إهدارًا صريحًا للثروة العقارية في وقت تشهد البلاد أزمة سكن بالنسبة إلى بعض الفئات.
2.8 مليون وحدة إيجار قديم في الحضر
وأوضح التقرير أن عدد وحدات الإيجار القديم في الحضر (المدن والمراكز والأحياء) بلغ 2 مليون و792 ألفًا و224 وحدة، مقابل 227 ألفًا و438 وحدة في الريف.
ذكر التقرير تصنيف الوحدات من حيث أغراض الاستخدام، ما بين وحدات سكنية ووحدات إدارية، وقد تم حصرهم على النحو التالي:
القاهرة 1099426 شقة
الأسكندرية 433761 شقة
بورسعيد 21949 شقة
السويس 29704 شقة
دمياط 25524 شقة
الدقهلية 80591 شقة
الشرقية 59503 شقة
القليوبية 269403 شقة
كفر الشيخ 25365 شقة
الغربية 72158 شقة
المنوفية 25800 شقة
البحيرة 56641 شقة
الإسماعيلية 18845 شقة
الجيزة 562135 شقة
بني سويف 23628 شقة
الفيوم 23234 شقة
المنيا 31428 شقة
أسيوط 40519 شقة
سوهاج 49235 شقة
قنا 26613 شقة
أسوان 14927 شقة
الأقصر 15417 شقة
البحر الأحمر 3122 شقة
الوادي الجديد 3084 شقة
مطروح 3723 شقة
شمال سيناء 2077 شقة
جنوب سيناء 1850 شقة
قوانين الإيجار القديم
وكشف التقرير ، عن أرقام دقيقة حول واقع الوحدات المؤجرة وفق قوانين الإيجار القديم في مصر، سواء لأغراض السكن أو غير السكن، كما استعرضت متوسطات الأجرة القانونية لتلك الوحدات، التي لا تزال منخفضة بصورة كبيرة مقارنة بالقيمة السوقية الحالية.
ووفقًا للتقرير، فإن عدد الوحدات المشغولة فعليًا سواء لأغراض سكنية أو تجارية – يبلغ نحو 1.6 مليون وحدة، تمثل نسبة 54.4% من إجمالي الوحدات المؤجرة بنظام الإيجار القديم، فيما يبلغ عدد الوحدات المغلقة نحو 1.3 مليون وحدة بنسبة 45.6%، ما يُشير إلى أن قرابة نصف هذه الوحدات غير مستغلة رغم أزمة السكن القائمة.
وأوضح التقرير أن متوسط القيمة الإيجارية الشهرية للوحدات المؤجرة وفق قانون الإيجار القديم متدنٍ بشكل كبير، ولا يعكس مطلقًا القيمة الفعلية للخدمة العقارية المقدمة، سواء في الاستخدام السكني أو لغير أغراض السكن (التجاري).
الوحدات السكنية المؤجرة للأشخاص الطبيعيين
وجاءت تقديرات متوسط الأجرة القانونية وفقًا لفترة إنشاء العقار كما يلي:
-قبل 5 يناير 1944: متوسط الأجرة حوالي 2 جنيه.
-من 5 يناير 1944 حتى 4 نوفمبر 1961: حوالي 5 جنيهات.
-من 5 نوفمبر 1961 حتى 6 أكتوبر 1973: حوالي 10 جنيهات.
-من 7 أكتوبر 1973 حتى 8 سبتمبر 1977: حوالي 20 جنيهًا.
-من 9 سبتمبر 1977 حتى 30 يوليو 1981: حوالي 30 جنيهًا.
-من 1 يوليو 1981 حتى 31 ديسمبر 1989: حوالي 50 جنيهًا.
-من 1 يناير 1990 حتى 30 يناير 1996: تصل إلى 150 جنيهًا في المتوسط.
العقارات المؤجرة لغير أغراض السكن
أما بالنسبة إلى العقارات المؤجرة لغير أغراض السكن، فقد جاءت متوسطات الأجرة القانونية كما يلي:
-قبل 5 يناير 1944: متوسط الأجرة حوالي 20 جنيهًا.
-من 5 يناير 1944 حتى 4 نوفمبر 1961: حوالي 30 جنيهًا.
-من 5 نوفمبر 1961 حتى 6 أكتوبر 1973: حوالي 50 جنيهًا.
-من 7 أكتوبر 1973 حتى 9 سبتمبر 1977: حوالي 70 جنيهًا.
-من 10 سبتمبر 1977 حتى 30 يوليو 1981: حوالي 80 جنيهًا.
-من 31 يوليو 1981 حتى 31 ديسمبر 1989: حوالي 100 جنيه.
-من 1 يناير 1990 حتى 30 يناير 1996: تصل إلى 200 جنيه شهريًا في المتوسط.
فجوة ضخمة في القيمة الإيجارية
وتؤكد هذه البيانات وجود فجوة ضخمة بين القيمة الإيجارية الحالية لتلك الوحدات وقيمتها السوقية الفعلية، ما يطرح تساؤلات واسعة حول جدوى استمرار العمل بقوانين الإيجار القديم في صورتها الحالية، خاصة في ظل التغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي طرأت منذ صدور هذه التشريعات قبل عقود.
ويرى خبراء في المجال العقاري، وفق ما ورد في التقرير، أن هذه الفجوة لا تؤثر فقط على الملاك، بل تُهدّد الاستثمار العقاري في مصر وتعوق تطوير الثروة العقارية، خصوصًا في ظل امتناع الملاك عن صيانة أو تجديد العقارات المؤجرة، نتيجة ضعف العائد.
علاقة مجمدة منذ عقود
ورغم صدور القانون رقم 4 لسنة 1996 لإنهاء العمل بالقوانين الاستثنائية وتطبيق القانون المدني على العقود الجديدة، لا تزال هناك ملايين العقود القديمة التي تخضع لنظام الامتداد القانوني، خاصة في الحالات السكنية، ما يُبقي العلاقة الإيجارية مجمّدة منذ عقود.
وتكشف التقارير أن متوسط القيمة الإيجارية الشهرية للوحدات القديمة لا يتناسب نهائيًا مع القيمة السوقية أو حتى التكاليف البسيطة للصيانة، وهو ما أدى إلى عزوف الملاك عن الترميم أو التجديد، ونتج عنه تدهور آلاف العقارات القديمة، بعضها يمثل تراثًا معماريًا نادرًا.
ويؤكد التقرير أن النظام القائم أفرز اختلالًا واضحًا في العلاقة بين المالك والمستأجر؛ ففي الوقت الذي يحصل المستأجر على وحدة بسعر لا يتجاوز بضعة جنيهات، يُحرم المالك من حق الانتفاع أو البيع، بل أحيانًا لا يستطيع السكن في عقاره.
كما رصد التقرير حالات تلاعب قانوني من الطرفين، تشمل دعاوى طرد صورية، وإخفاء أسباب انتهاء العلاقة الإيجارية، أو حتى تأجير الوحدات من الباطن بمبالغ خيالية دون علم المالك.