"ومن الفسيخ ماقتل ".. 5000 سنة والمصريون يأكلونه في "شم النسيم".. الفراعنة يؤكدون: يُزيد من الخصوبة.. والأطباء:يؤدي للشلل ويعجل بالوفاة
ينتظر المصريون "شم النسيم"في نفس الوقت من كل عام، كونه هو الوقت الذي ينتهي فيه فصل الشتاء ويحل أفضل فصول السنة "الربيع"، وتهتم فيه الأسر المصرية بإقامة كل أنواع الترفيه التي تبعث البهجة والسرور لنفوسهم، من تلوين للبيض والرسم عليه بأشكال مختلفة، وإحضار "الفسيخ" -وهو الطعام الرسمي لهذا اليوم- وجميع مشتملاته، وتتحول المنازل والحدائق والأسواق العامة إلى بانوراما متكاملة من الفرح والسعادة ليكون هذا اليوم الى عيد .
الفراعنة يرسمون خارطة الطريق
ومارس المصريون خلال الاحتفال بأعياد الربيع طقوسا احتفالية وعادات وتقاليد توارثوها منذ أواخر الأسرة الفرعونية الثالثة عام 2700 قبل الميلاد.. ويعد "شم النسيم" من أقدم الأعياد الشعبية في التاريخ فالاحتفال به لدى المصريين يعود لنحو خمسة آلاف سنة.
ثقافات مختلفة
وتتعدد روافد وجذور ثقافة المصريين القديمة، قبل الإسلام، فهي مزيح من ثقافات مختلفة منها الفرعوني والقبطي واليوناني والروماني، وهذا هو سر تمسك المصريين دائما بأعياد القدماء، حيث كان الاحتفال بهذا العيد مع بداية فصل الربيع وجني المحاصيل وما يصاحبها من الفرحة التي تملأ البيوت بالحصاد.
أطعمة مصرية
ويتحول الاحتفال بعيد “شم النسيم” - مع أشراقة شمس اليوم الجديد - إلى مهرجان وفولكلور شعبي، تشترك فيه طوائف الشعب المختلفة، فيخرج الناس إلى الحدائق والحقول والمتنزهات، حاملين معهم أنواعا معينة من الأطعمة التي يتناولونها في ذلك اليوم، مثل: البيض، والفسيخ (السمك المملح)، والخس، والبصل، والحمص الأخضر وهو ما يعرف بالملانة وقد جعلوا من نضوج هذه الثمرة مؤشرا على بداية وقدوم الربيع.
وكلها أطعمة مصرية ذات طابع خاص ارتبطت بمدلول الاحتفال بذلك اليوم عند الفراعنة بما يمثله عندهم من ثقافة حب الجمال والإبداع والطبيعة والحياة.
عيد للتعايش بين أقطاب الأمة
ويحتفل المصريون، كعادتهم كل عام في نفس الميعاد بعيد "شم النسيم" بالخروج إلى الحدائق والمنتزهات استقبالا للربيع، ويصطحبون أطفالهم حاملين معهم الأطعمة المعتادة منذ عصور الفراعنة، ومنها البيض الذي يهتمون بتلوينه والنقش عليه بألوان ورسوم كرنفالية جميلة ذات طابع مبهج تبعث الفرح في نفوس الجميع.
ويتشارك المسلمون والمسيحيون في مصر الاحتفال بهذا العيد الذي يكون دائما يوم الاثنين التالي مباشرة ليوم الأحد الموافق عيد القيامة المجيد.
البرديات القديمة
وشعبيا ، تعود المصرى القديم أن يبدأ صباح هذا اليوم – كما جاء فى البرديات القديمة – بإهداء زوجته زهرة من اللوتس وكان القدماء يطلقون على هذا اليوم عيد الربيع ،وكان قدماء المصريين يحتفلون بذلك اليوم احتفالا رسميا كبيرا حيث يجتمعون أمام الواجهة الشمالية للهرم قبل الغروب ليشهدوا غروب الشمس ، فيظهر قرص الشمس وهو يميل للغروب مقتربا تدريجيا من قمة الهرم حتى يبدو للناظرين وكأنه يجلس فوق قمة الهرم وتخترق أشعة الشمس قمة الهرم، فتبدو واجهة الهرم أمام أعين المشاهدين وقد انشطرت إلى قسمين .
عادة تلوين البيض
أما عادة تلوين البيض بمختلف الألوان وهو التقليد المتبع فى جميع أنحاء العالم، فقد بدأ فى فلسطين حيث أمر القديسون بالديانة المسيحية بأن يصبغ البيض باللون الأحمر ليذكرهم بدم المسيح الذى سفكه اليهود ، حسب معتقدات الديانة ، حيث ظهر بيض شم النسيم لأول مرة مصبوغا باللون الأحمر، ثم انتقلت تلك العادة إلى مصر وحافظ عليه الأقباط بجانب ما توارثوه من الرموز والطلاسم والنقوش الفرعونية.
واكد الدكتور وسيم السيسي، إلى اعتبار الفسيخ رمزًا للخصوبة عند الفراعنة وكانوا يضعونه مع المتوفى فى قبره لأنه يتحمل التخزين لفترة طويلة، إعتقادًا منهم أنه إذا عاد للعالم الآخر سيجد ما ياكله.
النيل شريان الحياة
وكقال السيسي أن السمك البورى بالذات يضع بويضاته فى مثل هذا الوقت من العام فيعتبرونه الانسب فى الاكل للاحتفال بالربيع, وشدد على مشاركة الفراعنة للشعب فى طقوس الاحتفالات بكل الاعياد ,وكانوا يعتبرون النيل هو شريان الحياة والتنزه بجواره من طقوس الاحتفال بالربيع ,وقال امنحتب اذا مرض النيل مرضت مصر فهو الذى يقضى على ثالوث الفناء الجهل الفقر والمرض
وجبة تكلفك حياتك
ورغم ذلك حذر الأطباء من تناول الفسيخ حذر عالم مصري بالمركز القومي للبحوث من أضرار تناول الفسيخ لتسببه في العديد من المشكلات الصحية التي تؤدي في أغلب الأحيان إلى مضاعفات قد يترتب عليها الوفاة.
البكتيريا القاتلة
كما شددت د. وفاء عطا على التقليل من تناول الفسيخ بصفة خاصة لخطورته الشديدة قائلة إنه من أخطر أنواع الأسماك المملحة الفسيخ, لأن عملية تصنيعه نفسها هي التي تساعد علي نمو البكتيريا اللاهوائية الخطيرة للغاية, حيث إنها تترك حتى تفسد ثم يتم تمليحها مما يساعد علي نمو هذا النوع من البكتيريا القاتلة بها, التي تؤدى خلال ساعات قليلة إلى الوفاة لأنها تؤثر علي الجهاز العصبي والتنفسي معا وتصيب الجهاز التنفسي بالشلل.
ليلة الرؤية
يبدأ الفراعنة بالاحتفال في الليلة الأولى بمظاهر الاحتفالات الدينية، التي عرفت ب «ليلة الرؤية». التي ورد ذكرها في عدد من البرديات التي تُعلن مولد الزمان، ثم يتحول العيد مع شروق الشمس إلى عيد شعبي تشترك فيه جميع طبقات الشعب حتى فرعون نفسه وكبار رجال الدولة.
طقوس مرتبطة بالأعياد
طقوس اقترنت بثقافات جديدة
ولم تقتصر الطقوس الاحتفالية على الأكل والتنزه ولكن اقترنت بثقافات جديدة كالعروض الفنية من الرقص والغناء والمسرحيات، وهذا أيضا استمر حتى الآن، فقد ارتبطت احتفالات شم النسيم بالحفلات الغنائية لكبار المطربين وطرح أفلام جديدة في دور السينما وأيضا عروض مسرحية، حيث يعتبر المصريون شم النسيم فرصىة للترويح عن النفس.
ومع تطور الزمن أصبح شم النسيم فرصة للعائلات للسفر إلى الشواطيء والاستمتاع بالجو اللطيف، بينما يقضي الغالبية يوم شم النسيم في الحدائق.