شيخ الأزهر: خطوات مصر الناجحة في حربها لدحر الإرهاب ستنعكس على كل شعوب القارة

???? ?? ?????

???? ?? ?????

 

رحب فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، بالحضور في حفل تدشين مقر اتحاد الجامعات الأفريقية اليوم الثلاثاء، والذي ينعقد تحت رعاية الرئيس عبدالفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية.

 

وأكد أن تدشين مقر اتحاد الجامعات الأفريقية في مصر حدث تاريخي، يأتي في إطار التأكيد على عمق العلاقات المصرية بكل دول القارة السمراء، وانفتاحها على كل الثقافات والحضارات والأديان المختلفة.

 

متابعًا: مصر التي قال الله عنها: ?ادْخُلُوا مِصْرَ إِن شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ?، هي الدولة الأفريقية المؤهلة بقيادتها وشعبها وعلمائها وقواتها المسلحة ورجال شرطتها لحمل رسالة اتحاد الجامعات الإفريقية، وتوصيل رسالتها العلمية والثقافية ليس إلى القارة الأفريقية فحسب، بل إلى قارات العالم أجمع.

 

كما تأتي استضافة مصر مقر الاتحاد الأفريقي انسجامًا وتناغمًا مع دورها العالمي في نشر قيم التعايش والتسامح والسلام، ومع خطواتها الناجحة والمتسارعة في حربها لدحر الإرهاب واجتثاث جذوره واستئصال شأفته من أجل تأمين الشعب وتحقيق التنمية المستدامة، وتوفير الحياة الكريمة، وهو ما سينعكس أمنًا وتنمية ورفاهية على كل شعوب القارة السمراء، وهذا قدر مصر تاريخيًا وجغرافيًا، فهي تمثل وكما تعلمون البوابة الشمالية الشرقية لقارة أفريقيا، وعلى عاتق أبنائها تقع مسؤولية التصدي لأي عدوان يحاول أن ينفذ منها إلى هذه القارة.

 

وأضاف أن الأزهر الشريف يحتضن في أروقته العلمية في المرحلة الجامعية وما بعدها أكثر من ستة آلاف طالب وطالبة من قارة أفريقيا، من بينهم أكثر من ثماني مائة طالبة، وتقدم مصر منحًا دراسية مجانية لألفي طالب وطالبة من دول أفريقيا، تتحمل نفقات تعليمهم بدءًا من تذكرة سفر القدوم، وانتهاء بتذكرة سفر العودة.

 

مؤكدًا أن هؤلاء الطالبات والطلاب يدرسون العلم في الأزهر، ويتعلمون اللغة العربية، ويتعرفون على سماحة الإسلام واحترامه للأديان والثقافات الأخرى، وقد جرت العادة منذ زمن قديم على أن يتفرغ الطلاب والطالبات الأفارقة للدراسات الإسلامية والعربية فقط، ويتوزعون على كليات: أصول الدين واللغة العربية والشريعة والقانون والدراسات الإسلامية والدعوة، واليوم ومنذ ثلاث سنوات فتحنا لهم أبواب التعليم في جامعة الأزهر بمختلف أنواعه وتخصصاته، واستقبلتهم منذ هذا التاريخ كليات: الطب والهندسة والصيدلة والزراعة وغيرها من الكليات العملية، كما بدأنا هذا العام التجهيز لفتح القسم العلمي بالمرحلة الثانوية أمام الوافدين من الطلاب والطالبات في معهد البعوث الإسلامية، إيمانًا منا بأن قارة أفريقيا على وجه الخصوص قد تكون أمس حاجة إلى الطبيب والمهندس والصيدلي ومدرس العلوم والرياضيات منها إلى الإمام والواعظ ومدرس العلوم الشرعية.

 

وأضاف أن هناك تجربة أخرى بدأناها في أفريقيا منذ أكثر من عام، وبدأت تؤتي ثمارًا طيبة مبشرة، وهي اختيار النبهاء من الطلاب الأفارقة المتخرجين من كليات أصول الدين واللغة والشريعة، ومن الحاصلين على تقدير "امتياز" أو "جيد جدًا" وإيفادهم إلى بلادهم على نفقة الأزهر لينشروا الفكر الإسلامي الصحيح الذي تعلموه في الأزهر، وليفقهوا المسلمين هناك بمبادئ هذا الدين الحنيف، وذلك بعد تدريب هؤلاء الخريجين، وتعريفهم بالتحديات المعاصرة التي تتقنع باسم الإسلام، وكيفية التصدي العلمي لهذه التحديات بما يكشف زيفها وضلال دعاتها، ومدار الفكرة هنا هو أن أبناءنا هؤلاء هم أقدر من غيرهم على التواصل مع شعوبهم وتوضيح حقائق الأمور بلغاتهم ولهجاتهم ومشاعرهم وغيرها مما لا يتوفر كثيرًا منه لأبنائنا المصريين المبتعثين إلى الدول الأفريقية، ونؤكد على أن الأفارقة المبعوثين من الأزهر ليسوا بديلًا لإخوتهم المصريين المبعوثين للخارج، فلكل مجال من حيث النشاط العلمي، ومن حيث المستهدف.

 

واستطرد إلى أن علاقة القارة الأفريقية بالأزهر علاقة ضاربة بجذورها في تاريخ هذا المعهد العلمي العريق الذي مضى على إنشائه أكثر من ألف عام، وهو يتحمل مسؤولية تعليم الإسلام، قرآناً وسنة ولغة وشريعة، في منهج خالص نقي، لا تعكر صفوه ولا تسممه الأجندات السياسية أو المذهبية أو القطرية، التي آلت إلى ما نعرف من تطرف وعنف ودماء، وقد لا يعلم كثيرون من تاريخ العلاقة القديمة بين الأزهر الشريف ودول أفريقيا أن أروقة الأزهر كانت مسماة بأسماء أفريقية، مثل الرواق الذي كان يسكنه أهل تشاد وما جاور بحيرتها، و "رواق السنارية" المخصص لطلبة السودان، وما جاوره غربا، وهو من أشهر أروقة الأزهر، وكذلك رواق المغاربة المخصص لبلاد المغرب العربي ليبيا وتونس والجزائر وموريتانيا، ورواق الدكارنة، ورواق إقليم غرب إفريقيا، ورواق الجبرت وغيرها.

 

 

وواصل شيخ الأزهر: اليوم تحل "مدينة البعوث الإسلامية" محل هذه الأورقة، وللطلاب الأفارقة منها نصيب الأسد.. واليوم أيضا يقدم الأزهر ثماني مائة منحة سنويا للطلاب الأفارقة للدراسة بكلياته النظرية والعملية، وللأزهر ستة عشر معهدًا أزهريا في كل من نيجيريا وتشاد والنيجر والصومال وجنوب أفريقيا وأوغندا؛ يمدها بمدرسين أزهريين على نفقته الخاصة، كما يزودها بالكتب الدراسية وبالمناهج، ويمنح الطلاب المتخرجون في هذه المعاهد شهادات معتمدة من الأزهر الشريف.

 

ومما يعتز به الأزهر في مجال التعاون مع الدول الأفريقية قوافل البعثات الطبية والإغاثية لبعض هذه الدول، مثل: النيجر والصومال والسودان وتشاد وأفريقيا الوسطى ونيجيريا وبوركينافاسو وهذا قليل من كثير مما يجب على الأزهر وعلمائه أن يقدموه للأشقاء في هذه القارة الشقيقة.

 

ودعا فضيلة الإمام الأكبر إلى التعاون قائلًأ: "تعالوا نعمل معا من أجل رفع جودة التعليم العالي في أفريقيا وتقوية دوره في التنمية، والانخراط في المجتمع، والتوافق حول القضايا التي تؤثر في التعليم العالي والتنمية في أفريقيا".

 

وأعلن في نهاية كلمته أن الأزهر كما استقبل كثيرًا من طلبة العلم الأفارقة ليسره أن يدعم الأفكار البناءة لشباب القارة، ويتبني رؤاهم التي تنهض بقارتنا في كافة المجالات.

 

واختتم الإمام الأكبر بقوله : "إن نهضة قارتكم الثرية بمواردها الطبيعية والبشرية، لا يمكن أن تتحقق إلا بعقولكم وسواعدكم أنتم دون غيركم، واعلموا أن الاستعمار الذي لم يستحيي بالأمس أن يستعبد أحراركم، ويستوردهم لتمدين دوله وأقطاره، كما يستورد الأشياء والمتاع، لا يستحيي اليوم من الاستبداد بمواردكم الغنية لنهبها وسرقتها مرة أخرى، وسبيلكم الواضح لمقاومة هذا التغول والتوحش هو امتلاك العلم والمعرفة، والتطهر من مخلفات الاستعمار ومهملاته الثقافية والخلقية والسلوكية، والعض بالنواجذ على موروثاتنا التي تعلمناها من عقائدنا الدينية الإلهية، ومن حضارتنا الشرقية التي تضرب بجذورها في أعماق الأزمان والآباد".